يبقى ملف المعتقلين السوريين والمخفيين قسراً القضية الأبرز، التي لم تحرز أي تقدم منذ بدء الاحتجاجات السورية في آذار/مارس 2011، وتتحمل #الحكومة_السورية مسؤولية اعتقال ما يقارب نصف مليون شخص، حسب جهات دولية مختلفة.

ومع انقطاع أخبار المعتقلين في سجون الحكومة السورية يلتمس الأهالي أي خبر عن أبنائهم بشتى الطرق، سواء عبر محاولة التواصل مع معتقلين سابقين، أو عبر سماسرة يدّعون معرفتهم بأوضاع المساجين، وقدرتهم على جلب أخبارهم أو حتى اخراجهم من المعتقل.

 

المال مقابل المعلومة

يقول “أبو عبد الله”، المنحدر من مدينة #درعا، أن «ابنه الأكبر اختفى في الشهر الرابع من عام 2011، ومنذ ذلك الحين لم يسمع عنه شيئا، لكن عدداً من الأشخاص، خلال السنين السابقة، عرضوا عليه اللقاء بابنه، مقابل مبلغ مالي، وصل في احدى المرات لسبعة ملايين ليرة سورية»

ويضيف “أبو عبد الله”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن السماسرة طلبوا منه في المرة الأولى «وضع المبلغ المالي في مسجد مهجور بمدينة درعا، وعدم مغادرة المسجد، وانتظار اتصال من ضابط في #القوات_النظامية، لكي يأخذه إلى مكان تواجد ابنه، لكن الانتظار طال، والرقم الذي اتصل منه السمسار لم يعد يعمل».

من جهته يروي “مروان عزيز”، الذي يعمل تاجراً في مدينة “ازرع”، أن «مجهولاً اتصل به ليلاً، ليسرد عليه جميع المعلومات عن ولده المعتقل منذ خمس سنوات، مثل تاريخ ميلاده واسمه الكامل والمدينة التي يسكنها وطبيعة عمله ويوم اعتقاله، وأخبره أيضاً عن وضعه الصحي وكيفية إخراجه».

وأشار “عزيز”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «المجهول، الذي لم يُعرّف هويته، طلب مبلغ ثلاثمئة ألف ليرة، لكي يؤمن الافراج عن ابنه، واشترط أن يبقى الأمر سراً، وأن يتم التحويل عن طريق كود لشريحة موبايل»، لكن “عزيز” لم يستجب للعرض «لأنها المرة الثانية التي يتلقى فيها اتصالاً من هذا النوع، وهو يدرك لا جدوى هذه العروض»، حسب قوله.

 

المحتالون يعيدون الحياة للأموات

تقول “أم راني”، التي فقدت ابنها في #سجن_صيدنايا العسكري، بعد اعتقاله عام 2012، لمشاركته في الاحتجاجات، أن «أحد الضباط اتصل بزوجها ليبلغه بوجود ابنها في قسم المعتقلين السياسيين في السجن، ولديه “إشارة” منه، وهو قادرٌ على إخراجه، ولكن عليهم بدايةً دفع مبلغ خمسمئة ألف ليرة سورية، ليطلعهم على الإشارة التي تؤكد وجوده».

وتوضح “أم راني” لموقع «الحل نت» أن «المفاجأة بدت على وجوه الجميع، فابنها المعتقل ظهرت صورته  ضمن صور آلاف المعتقلين التي سربها “قيصر”، وقد أعاد مدير دائرة النفوس للعائلة بطاقة ابنها الشخصية، وسلمهم شهادة وفاته، بعد خمسة أشهر من سيطرة القوات النظامية على محافظة درعا».

وتضيف “أم راني” أن «زوجها ذهب إلى #دمشق للتواصل مع الضابط وتسليمه المبلغ المتفق عليه، فقد أعطاهم الضابط أملاً بأن ابنهم المعتقل مازال على قيد الحياة. وبعد تسليمه الأموال، اكتشفت العائلة أنه عرف بأمر ابنهم عن طريق حساباتهم الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”»، مؤكدةً أن «الضابط، الذي اختفى عقب استلامه المبلغ، لم يرسل لهم الإشارة التي ادعى أنها من ابنهم».

وتؤكد “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أنها «تواجه تحديات إضافية في توثيق الاعتقالات اليومية والمستمرة منذ عام 2011 وحتى الآن، ومن أبرزها خوف كثير من الأهالي من التعاون وإبلاغ المنظمات عن اعتقال أبنائهم، خاصة في حال كون المعتقلة أنثى، وبدلا من ذلك يبدأون المفاوضات مع الجهات الأمنية، التي تقوم بعملية ابتزاز الأهالي بمبالغ قد تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات».

 

القضية محسومة للمحتالين

اللعب على وتر العاطفة، وحالات ابتزاز أهالي المعتقلين، باتت حوادث متكررة، وأصبح المحتال هو من يبحث عن أهل المُعتقل لابتزازهم والاحتيال عليهم.

ويذكر “عزت المسالمة”، المحامي المقيم في دمشق، أن «كثيراً من القضايا التي تتعلق بحوادث نصب على أهالي معتقلين عُرضت عليه، ولكنه لم يستطع استقبالها وتقديمها للمحكمة، لأن الطرف الآخر فيها غالباً ضابط، أو أشخاص مجهولي الهوية».

وأشار “المسالمة”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «دور المحامي في ملف المعتقلين محدود جداً، وأقصى ما يمكن عمله هو إخراج قيد للمعتقل، ليتبيّن إن كان ما يزال حياً أو لا، وربما في بعض الأحيان يمكنه السؤال عنه لمعرفة السجن الموقوف فيه، فهذه القضايا تعرّض المحامي للمساءلة الأمنية».

 

كيف تعمل شبكات النصب والاحتيال

أُنشئت عدة حسابات وهمية، بأسماء مزيفة، على مواقع التواصل الاجتماعي، تنتحل صفة معتقلين مفرج عنهم، أو أقارب لناجين من المعتقل، يقومون بترصّد ذوي المعتقلين، الذين يعيشون انتظاراً مراً لمعرفة أخبار أبنائهم المغيبين.

يقول “سفيان الحمصي”، المهندس في مجال الأمن السبراني، أن «أعضاء شبكات الاحتيال يتبعون خطوات مبرمجة، تبدأ بترصد ومراقبة صفحات المعتقلين وأهاليهم، ومن ثم يقومون بالتواصل مع الضحية عبر الصفحات الشخصية أو أرقام الهواتف، التي يضيفها الشخص لحسابه».

وينصح “الحمصي” أهالي المعتقلين باتباع عدة خطوات، لعدم الوقوع ضحية عمليات الاحتيال، مثل «جعل صفحاتهم على مواقع التواصل متاحة للأصدقاء فقط، وعدم كتابة أية معلومات خاصة عن المعتقلين ضمن التعليقات في الصفحات العامة، لكيلا يتّبعها المحتالون».

وأكد “الحمصي” «أن على أهالي المعتقلين إغراق من يتواصل معهم بالأسئلة، وطلب التعريف باسمه ومنصبه، وإرسال صور لإثبات شخصيته، وطلب النصيحة من الجهات الحقوقية، التي لها باع طويل في تتبع المعتقلين والمطالبة بمعرفة مصيرهم».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.