أحرجت انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر جميع الاحزاب السياسية التي شاركت في العملية السياسية العراقية بعد 2003، لأنها كانت بلا قيادة ولم تستهدف حزباً دون آخر، الأمر الذي دفع الاحزاب المشاركة في السلطة إلى معاداتها، بعد فشلها في تهدئتها وركوب موجتها في ذلك الوقت.

لعب #التيار_الصدري دوراً كبيراً في الانتفاضة العراقية، واستطاع ابتلاع أي حركة احتجاجية لصالحه، بفضل قاعدته الجماهيرية الكبيرة، ووقف صفاً واحداً مع عدد كبير من المتظاهرين المدنيين، ما أدى لتأسيس كتلة سياسية باسم “سائرون”، كانت ائتلافاً غير مألوف بالمشهد السياسي العراقي، من خلال تحالف زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر” مع الحزب الشيوعي العراقي.

إلا أن الأمور سرعان ما توترت بين ناشطي الحراك المدني وأنصار التيار الصدري، فاندلعت اشتباكات بين الطرفين في ساحات الاعتصام، وتعرّض كثير من الناشطين لانتهاكات وتعذيب وتهديدات من قبل الميلشيات التابعة للتيار.

 

لحظة الفراق مع الصدريين

التقى موقع «الحل نت» مع عدد من المتظاهرين في مختلف المحافظات، وأكد كثير منهم أن «ثلاثة أسباب أدت إلى ابتعاد الاحتجاجات عن الصدريين: ترشيح “محمد توفيق علاوي” لرئاسة الوزراء، ، والهجوم على ساحة اعتصام #النجف، والاعتداء على المسيرات الطلابية في #ساحة_التحرير».

ويقول “حسين محمود”، الناشط في تظاهرات #بغداد: «في الساعات التي سبقت تكليف “علاوي”، شهدت “ساحة التحرير” تحركاً مريباً للصدريين، فقد استولوا على المطعم التركي “جبل أحد”، الذي توجد فيه إذاعة التحرير، وأذاعوا من خلالها بياناً عن ترشيح ثلاثة أسماء لمنصب رئاسة الحكومة».

وأكد الناشط، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «المواجهة مع الصدريين اشتدت بشكل كبير بعد الهجوم الذي نفذه “أصحاب القبعات الزرقاء”، الموالين لـ”مقتدى الصدر”، على ساحة الاعتصام، لأنهم أعادوا لنا سيناريو “جيش المهدي”، الذي كان له دور كبير بإشعال الحرب الاهلية العراقية، التي استمرت بين عامي 2005 و2008».

من جهته يرى أحد أعضاء إتحاد الطلبة في بغداد أن «الاعتداء على المسيرات الطلابية في “ساحة التحرير” كان أهم الاسباب التي دفعت الناشطين للنفور من تواجد الصدرين في ساحات الاعتصام».

 

شهادات لمتظاهرين تعرضوا للتعذيب

ويكمل عضو اتحاد الطلبة عن بغداد، في حديثه لموقع «الحل نت»: «قام “أصحاب القبعات الزرقاء” بمتابعتي بشكل مستمر، منذ لحظة دخولي خيمة الاعتصام. وفي ليلة من الليالي اقتحمت مجموعة كبيرة منهم خيمتنا، وطلبوا معرفة اسمائنا بعد تصويرنا. ما دفعني لمغادرة البلاد في نهاية المطاف، بعد التهديدات الكثيرة التي تلقيتها منهم».

من جهته يروي الشاعر “غسان عادل” تفاصيل اختطافه من قبل “أصحاب القبعات الزرقاء” قائلاً :«في الساعة الرابعة مساءً كانت هناك مسيرة حاشدة ضد اعتداءات “أصحاب القبعات الزرقاء”. كنت أحمل العلم العراقي وأقف في خط الصد الأول لمواجهة بطشهم، فتعرّضت لضرب شديد، ثم قاموا باعتقالي، كانوا يطلبون مني البراءة من الثورة ومن دماء الشهداء، وكانوا أثناء التحقيق يسبون ويشتمون الشهداء، وخصوصا القائد “صفاء السراي”، الذي اشتهر بموقفه ضد ممارسات #الحشد_الشعبي بحق المتظاهرين».

وبيّن “عادل”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن عناصر “القبعات الزرقاء” «طلبوا منه الاعتذار من قائدهم “مقتدى الصدر”، وأخذوا منه عنوانه واسمي والديه، ليتم تعميمها فيما بعد على كل مكاتب “الصدر” في العراق، وهذا ما تم بالفعل بعد عودته إلى محافظته #البصرة، حيث تم تهديده من قبل مكتب “الصدر” بالمحافظة».

الناشط “حسين محمود” تحدث هو الآخر عما تعرّض له نتيجه رفضه لتدخل الصدريين بـ”ساحة التحرير”: «تعرّضت للابتزاز من قبل شخص راقب خيمتنا طوال تواجدي في “ساحة التحرير”، ليتم بعدها الاستيلاء على هاتفي الشخصي، واضطررت بالنهاية لمغادرة العاصمة بغداد، والذهاب إلى #إقليم_كردستان مع عائلتي».

الأمر نفسه حصل مع الناشط المدني “نائل قيس”، الذي اضطر لمغادرة بغداد. يقول “قيس” إن «التيار الصدري عمل على إضعاف التظاهرات بشكل غير مُباشر، من خلال ضرب شرعية التظاهرات، وتهديد ناشطيها، وهذا ما حصل معي شخصياً، إذ تعرضت للتهديد المباشر من قبل قيادات كبيرة، مراراً وتكراراً، بسبب نشاطي في التظاهرات، وكتاباتي ضد ممارسات التيار الصدري في وسائل التواصل الاجتماعي، لأضطر لاحقاً إلى مغادرة منزلي في بغداد، والذهاب باتجاه #أربيل للنجاة منهم».

 

الصدريون يبررون

التقى موقع «الحل نت» بـ”حسن الكعبي”، مسؤول تنسيقيات “القبعات الزرقاء” في التيار الصدري، الذي قال: «لا يخفى على الجميع دور الأحزاب والشخصيات السياسية الفاسدة، وتغلغلها وسط خيم الاعتصام، عن طريق التنظيمات الشبابية التابعة لها، من أجل خلق الفوضى، واستغلال مطالب الناس، وانتهاز الفرص من أجل تصدّر المشهد الاحتجاجي. والشواهد كثيرة»، حسب تعبيره.

ويتابع “الكعبي”: «خلال التظاهرات شاهدنا كيف تم الاعتداء على رجال المرور، وغلق الدوائر، والاعتداء على الكوادر الصحية والتربوية، وقد اشتكى متظاهرون معتدلون لـ”أصحاب القبعات الزرقاء” من الاعتداءات المستمرة عليهم من قبل مجاميع مندسة على الساحات، وما كان من الاخوة في “القبعات الزرق” إلا أن دافعوا عن حياة الناس وسمعة الثورة، عن طريق طرد تلك المجاميع».

واستدرك “الكعبي” قائلاً إن «المجاميع المندسة انخرطت في كل مسيرة احتجاجية تشهدها “ساحة التحرير” والساحات الاخرى، لتطلق الهتافات، وتعتدي على “أصحاب القبعات الزرقاء”، مستغلين التجمعات والمسيرات لإثارة الرأي العام ضد تواجد الصدريين في الساحات»، مضيفاً: «الإعلام غير المنصف والحاقد، وإعلام الأحزاب الانتهازية، المتضررة من تواجد الصدريين، انتهز الفرصة، وصعّد من خطابه ضد التيار الصدري و”القبعات الزرقاء”، دون وجه حق أو مهنيّة». حسب قوله.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.