تُعدُّ الأراضي الزراعية في #سهل_حوران جنوبي #سوريا، من أبرز الأماكن التي تنتج مادتي القمح والشعير، لكن أهالي المنطقة يعانون من نوعية الخبز المنتج من طحين الحبوب التي سلكت طريقاً نحو #ميناء_طرطوس لبيعها خارج البلاد على أيدي تجارٍ من الجنسية الروسية.

وبلغت المساحة المزروعة بالقمح المروي هذا الموسم نحو 9450 هكتاراً، متجاوزة الخطة المقررة البالغة 8831 هكتاراً، في حين بلغت المساحة المزروعة بالقمح البعل 68500هكتار من أصل الخطة المقررة البالغة 76112 هكتاراً، فيما قد يصل الإنتاج المتوقع إلى أكثر من 110 آلاف طن، فما قصة انتزاع القمح من درعا؟

مراكز تسويق الحبوب ترفض استلام القمح

مع بدء التحضير لحصد وبيع محصولهم من حبوب القمح والشعير، تفاجأ مزارعو درعا، برفض مراكز المؤسسة السورية للحبوب وإكثار البذار، استلام المحاصيل منهم.

يقول “إبراهيم الشبلي” المتحدر من منطقة #الجيدور بريف درعا لـ (الحل نت): «إن مراكز الفرعية لمؤسسة الحبوب وإكثار البذار في درعا رفضت استقبال الإنتاج من جميع المزارعين بريف درعا الغربي، متعذرةً بعدم قدرة المؤسسة على صرف المستحقات عن طريق المصارف الزراعية التعاونية».

مُضيفاً، «أن الدفعة الأولى التي سلّمت المؤسسة محصولها بداية شهر يوليو الماضي، لم تستلم مستحقاتها المالية، في حين برّرت المؤسسة رفضها استلام بقية منتوج المحاصيل من ذات الدفعة، أن فروع المؤسسة أنجزت الخطة التي أعدتها لهذا العام».

وأوضح “الشبلي” «أن مدير المؤسسة “عاصم الصياصنة” عزا سرعة اكتفاء الفروع إلى كثرة الكميات المسوّقة بخلاف العام السابق، لا سيما أن المؤسسة اعتمدت على خطة العام السابق في تقدير المحاصيل، الاكتفاء بسد النقص من المحاصيل المستوردة من #روسيا».

وأكّد “الشبلي” «أن المؤسسة، خصصت مركزي (غرز وازرع) لاستلام المحاصيل وألغت مركزي (اليادودة ونوى) بحجة تضررها بالقصف خلال السنوات الماضية، إلا أن السبب الرئيس لإلغائها، هو تحويلها لمواقع عسكرية للقوات النظامية».

وكانت مؤسسة الحبوب وإكثار البذار، أقرّت أجور حصاد القمح المروي باستخدام الحصادات الآلية بـ 4000 ليرة سورية للدونم، والبعل 3500 ليرة سورية، والشعير بـ 3000 ليرة سورية، كما أقرّت أجور نقل طن الحبوب من الأراضي الزراعية إلى مراكز التسويق 2500 ليرة للطن ضمن مسافة عشرون كم.

المحصولُ للتّجار

شكك المزارع “أبو حمد عياش” في رفض مؤسسة الحبوب لاستلام إنتاج القمح والشعير خلال حديثه لـ (الحل نت)، واعتبرها «خطة لتسويق القمح عبر التجار في المحافظة؛ لتحقيق مكاسب داخلية وخارجية جرى الاتفاق عليها ضمنياً بين الطرفين السابقين ذكرهم».

وأشار “عياش”، الذي يملك 50 هكتار شرقي مدينة درعا، إلى «أن محاصيل القمح في المحافظة لهذا العام، تُعدُّ الأفضل بين المواسم العشرة السابقة، حيث لم تُسجّل مديرية الزراعة أية آفة زراعية أو أمراض أضرت بالمحاصيل، دون اعتبار الحرائق التي أكلت نحو 2500 دونم مقدراً إنتاجها بـ 250 طن».

لكن “مروان الزعبي” الذي يمتلك نحو 500 هكتار شرقي درعا، له رأي مغاير عن “عياش”، فيقول لـ (الحل نت): «إن بيع المحاصيل للتاجر، توفّر على الفلاحين والمزارعين أجرة نقل المحاصيل وتختصر الوقت، لا سيما أن المزارع عليه انتظار دوره في الحصول على آلية النقل والحصاد».

موضّحاً «أن المزارع يبيع للتاجر بشكلٍ مباشرة بفارق 20 ليرة عن السعر الذي حددته #الحكومة_السورية 400 ليرة سوري للكيلو، إضافة إلى أن المزارع يحصل على المبلغ بشكلٍ مباشرة دون اضطراره للانتظار بسبب الإجراءات الروتينية التي تحددها مؤسسة الحبوب».

واستبعد “الزعبي” رواية بعض المزارعين ومالكي الأراضي أن مؤسسة الحبوب «تتفق مع التجار لإجبارهم على بيعهم محاصيل القمح»، لافتاً إلى «أن ما يتناقله العامة عن إيقاف المؤسسة لاستلام الحبوب، ما هو إلا تمهيداً لبيعه للتجار الذين بدورهم يجمعون المحصول لنقله وبيعه لروسيا أو تصديره نحو اليونان عبر تجار من الجنسية الروسية».

روسيا تبتلع قمح حوران

أفاد عددٌ من المزارعين في قرية (أم ولد) شرقي درعا لـ (الحل نت)، أن القوات النظامية على الحواجز «تلقت أوامر في منتصف يونيو الماضي بعدم السماح بمرور ونقل مادتي الشعير والقمح من محافظة درعا إلى محافظة #السويداء حتى إشعارٍ آخر دون توضيح الأسباب».

هذا الأمر، فسّره الشيخ “أبو محمد الحريري” عضو لجان المصالحة بمحافظة درعا بأن القرار «لقى استهجان الكثير من المزارعين الذين اتخذوا من المحافظة المجاورة مركزا لتصريف إنتاجهم، ولكن مشاهدتهم لقوافل الشاحنات التي خرجت من مستودعات التجار في مدينة #بصرى_الشام برفقة سيارات الفيلق الخامس وعربات الشرطة الروسية، أوضحت سبب المنع».

وقال لـ (الحل نت): «إن أحد التجار من أبناء المنطقة، أكّد بأن وجهة الشاحنات هي ميناء طرطوس، لاستلامه من قبل تجار من الجنسية الروسية لبيعه في الدول الأوروبية، الذين بدورهم أوكلوا شخصيات في الفيلق الخامس أبرزهم “عماد أبو زريق” لشراء القمح بقيمة 600 ليرة سورية للكيلو، دون تحميل التجار تكاليف النقل».

وتستمر الحكومة السورية في استيراد مادة القمح من روسيا، آخرها منتصف الشهر الحالي، حيث أعلنت المؤسسة الحكومية المعنية بالحبوب في سوريا طرح مناقصة دولية لشراء 200 ألف طن من قمح الطحين لصناعة الخبز، من روسيا.

يقول ” محمد الحوراني” الناشط الإعلامي في مدينة درعا، لـ (الحل نت): «إن الحكومة السورية معاقَبة بفرضِ شراء مادة القمح سنوياً من روسيا، وهي ضريبة تدفعها الحكومة لتدخل القوات الروسية في الحرب السورية، بينما تطلق روسيا أيدي تجارها لشراء المنتجات المحلية وتصديرها للدول الأوروبية كنوعٍ من الشكر، وهذه هي ضريبة الاستعمار».

المواطنُ ضحيّة

يشتكي أهالي محافظة درعا من رداءة الخبز المصنّع في الأفران التابعة للحكومة والأخرى الخاصة، متسائلين عن الأسباب التي آلت إليه سوء الجودة لا سيما أن المحافظة تُعدُّ الأبرز في إنتاج القمح محلياً.

وتقول “منال الزعبي” المتحدرة من بلدة #الطيبة لـ (الحل نت): «إن الخبز المصنع حديثاً، يفتقر للمواصفات التي كان يُنتَج ما قبل 2011، وباتت الكثير من الأسر ترجو الحصول على الكمية الكافية منه، في حين لم تعد الأفران تنتج إلا كميات قليلة، بسبب نقص مادة الطحين».

وتضيف، «أن ربطة الخبز الحالية، تحتوي على سبعة أرغفة بقيمة 120 ليرة سورية، وتكفي لعائلة مكوّنة من أربعة أشخاص لوجبة واحدة، مع عدم القدرة على تخزينها، بسبب جفافه بعد فترة قصيرة من شرائه ويصبح غير قابل للاستهلاك».

وأرجع “علي المسالمة” صاحب فرن الحسان بمدينة درعا، سبب سوء الجودة إلى «نوع مادة الطحين المصروف لمالكي الأفران من قبل الجهات الحكومية، إضافة لقلة الأيدي العاملة الخبيرة في الأفران الخاصة، واعتماد أصحاب الأفران على عمال مياومين».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.