النّظامُ الصحيُ العراقي في محنةٍ حقيقية اليوم، فقد صارت المستشفيات العامة في البلاد، حيث كان يمارس أفضل الطب في العالم العربي ذات يوم، مرتعاً للرشاوى والفساد والسرقة والمحسوبية القاتلة.

ومع الانتشار المخيف لجائحة #كورونا في البلاد، لا تزال محاولات إصلاح “وزارة الموت” دون جدوى في الوقت الحالي.

تجلس امرأةٌ ترتدي عباءة سوداء في ردهة كئيبة، وهي تنوح وتبكي قائلةً: «لقد كانت في العناية المشددة، عندما حذرني الأطباء من أن الأوكسجين سينفذ منهم وأنني إذا لم أجد حلاً، فإنها ستموت. بحثنا في كل مكان، لكن بحثنا راح سدى».

حيث يروي مقطع  الفيديو هذا، والذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، قصة عائلة أصيبت والدتها بفيروس كورونا، ووضعت في العناية المشددة في #مستشفى_الناصرية. وقد ماتت الأم بسبب نقص اسطوانات الأوكسجين، حيث لم تجد الأسرة في الوقت المناسب ما يكفي من الأوكسجين للسماح لها بمواصلة التنفس.

يقول “هاردي ميدي” أستاذ العلوم السياسية وباحث في المركز الأوروبي للعلوم الاجتماعية والسياسية في جامعة #السوربون: «في الناصرية بشكلٍ رئيسي، ولكن كذلك في أماكن أخرى، تخلت الدولة عن المستشفيات أكثر من أي وقت مضى».

ويتابع قائلاً: «لقد رأينا أُسّر المرضى يركضون لمحاولة العثور على أسطوانات الأوكسجين لأحبائهم».

من جانبه، يقول طبيبٌ من #ذي_قار: «في #مستشفى_الحسين في بلدته، توفي 31 مريضاً في العناية المشددة بسبب نقص الأوكسجين لمدة أربع ساعات. ففي وقت متأخر من انتشار الفيروس القاتل، لحق #العراق بركب البلدان الأخرى».

ويُضيف: «وفي شهر حزيران الماضي، زاد عدد الإصابات بنسبة 600٪، مما فاق بسرعة خدمة الصحة العامة المحدودة أصلاً. وفي التاسع عشر من الشهر الجاري، كان في البلاد 184709 إصابة و6036 حالة وفاة. حتى أن البلاد وصلت إلى 4576 حالة جديدة في 24 ساعة في ذلك اليوم، وهو رقم قياسي منذ بداية انتشار الجائحة».

«بتنا نفتقر حتى إلى الباراسيتامول»

في عام 2015 ، مثّل الإنفاق الحكومي على الصحة أقل من 1٪ من الموازنة العامة، مقارنةً بـ 3.6٪ في الأردن، و 3.8٪ في لبنان، و 4.1٪ في إيران. وغالباً ما يتم  تبرير ذلك بالحرب ضد تنظيم #داعش.

لكن الأمر بقي على حاله في العام 2019، بالرغم من السلام النسبي. فمن أصل 106.5 مليار دولار (89.76 مليار يورو) موازنة ذلك العام، تم تخصيص 4.8 مليار فقط (4.05 مليار يورو) لوزارة الصحة، مقابل 19 مليار دولار على التوالي ( 16 مليار يورو) لقوات الأمن، و 14 مليار دولار (11.8 مليار يورو) لوزارة النفط.

وبالإضافة إلى نقص الموارد، ابتليت المستشفيات العامة بالفساد المفرط، الذي كان موجوداً أصلاً في عهد #صدام_حسين، لكنه تضاعف عشرة أضعاف منذ سقوطه في العام 2003.

ويفسر “سركوت شمس” نائب في البرلمان العراقي عن #تحالف_المستقبل، ذلك من خلال العديد من الوسطاء والعقود والطلبات الضخمة التي من شأنها أن تزيد من صعوبة تتبع الأموال التي تنفقها وزارة الصحة. ويضيف قائلاً: «لقد كانت وزارة الصحة أحد أكثر الوزارات فساداً في البلاد ولمّا تزل».

وفي كل عام، تختار الدولة الأدوية وتستوردها لمستشفياتها. و لا تغطي (كيماديا)  الشركة العامة المسؤولة عن استيراد هذه الأدوية في ظل نظام صدام حسين، والتي أضعفتها سنوات الحصار ومن ثم الحروب المتتالية، سوى 25 ٪ من احتياجات البلاد من الأدوية.

فهي غالباً ما تكون مثقلة بالديون، ويتم تمويلها بشكل سيئ للغاية. وفي عام 2018، كان أكثر من 85٪ من الأدوية الأساسية الضرورية للمستشفيات العراقية إما مفقودة أو غير متوفرة، على الرغم من ضخ مبلغ 800 مليون دولار (674 مليون يورو) في “كيماديا”. لكن سرعان ما تبخر هذا المبلغ، بل إنه ولّد ديوناً جديدة بقيمة 455 مليون دولار (383 مليون يورو).

ودفع إفلاس شركة “كيماديا” #الحكومة_العراقية إلى اللجوء إلى أطراف آخرين لاستيراد الأدوية، منهم تجّار ليس لديهم خبرة في التجارة الصحية. كما أنه لم يكونوا دائماً نزيهين أو مهتمين بالمصلحة العامة أو الوطنية.

«هناك تجارة غير مشروعة للأدوية في العراق. وغالباً ما يرتبط المسؤولون عن استيراد الأدوية في الوزارة بأحزاب سياسية أو نخب حاكمة. وقد تكون الأدوية المشتراة في بعض الأحيان، مزيفة أو ذات نوعية رديئة وبأسعار باهظة»، يقول “ميدي” محللاً.

كما أن الإفراط في أسعار الفواتير وسرقة مخزونات الأدوية واستيراد المنتجات المزيفة ينهك البلاد، ويجعل متوسط عمر الإنسان لا يزيد عن 70 عاماً، في مقابل 72 عاماً في العالم بشكلٍ عام و82 عاماً في فرنسا.

ويقول “كرم محمود”، صيدلاني منذ 11 عاماً، ساخراً: «من الأسهل ذكر الأدوية التي لدينا من تعداد تلك التي لا نملكها. وفي بعض الأحيان نفتقر حتى إلى الباراسيتامول».

وتؤكد “رؤى الأمين”، طبيبة في مستشفى الناصرية، ما يقوله زميلها، قائلةً: «أنشأ طاقم المستشفى شبكة خيرية تجمع الأطباء والصيادلة لدفع ثمن بعض الأدوية غير المتوفرة في المستشفى أو باهظة الثمن، حتى لا يموت بعض المرضى الفقراء».

وتتابع “الأمين” موضحةً: «الصحة العامة باتت معلقة بخيط رفيع، وهو التضامن مع المواطن. نقوم بتحديد العلاج والمريض الذي يحتاجه، ثم نقوم بجمع الأموال من هيئة المستشفى الطوعية وندفع هذا المبلغ المحصل للصيدلية. تذهب عائلة المريض إلى هناك مع قسيمة خاصة نصدرها ويتم تقديم العلاج».

وتضيف، «وفي كثير من الأحيان، نقوم بهذا من أجل العلاج الكيميائي. لكن في مستشفياتنا، لا تنقص هذه العلاجات المحددة فقط. ففي بعض الأحيان، تضطر بعض العائلات إلى شراء وإحضار الحقن والإبر الخاصة بهم. إنه أمر غير معقول، يجب ألا يحتاج الشعب لهذه الأموال! ويفضل بعض المرضى التخلي عن العلاج، بسبب الذل الذي يمكن أن يولده طلبه لهذه المساعدة».

 أحذية طبية ماركة (غوتشي) 

إلى جانب نقص الأدوية، تعاني الكوادر الطبية من الأجهزة القديمة والبنى التحتية المتهالكة والتي تعود إلى عهد صدام حسين. ولم ير منذ ذلك الحين أي مستشفى عام جديد النور تقريباً.

والسبب يعود كذلك إلى تفشي الفساد، بحسب “سركوت شمس”، حيث يقول: «العشرات من مشاريع البناء، لم تنجح أبداً بسبب الفساد».  كما أن متوسط ​​عدد الأسرّة هو 1.2 لكل 1000 نسمة، وهو أقل من معدل دول المنطقة.

ونقص الموارد هذا يزيد الضغط على المستشفيات، حيث يستغرق الحصول على موعد للعملية أو مجرد استشارة أخصائي وقتاً طويلاً. وهذا الازدحام على الخدمة العامة يؤدي إلى تفاقم الفساد.

فلفترة طويلة ولا تزال حتى اليوم (حتى لو انحسرت الظاهرة منذ ظهور القطاع الخاص)، كان دفع رشوة لمدير المستشفى يجعل من الممكن الحصول على موعد للعملية بشكل أسرع، أو لحجز غرفة خاصة أنظف، أو حتى زيارات أكثر من قبل الممرضات للمرضى في غرفهم. والطبيبة “الأمين”، مثل العديد من الأطباء ، شهدت هذه الترتيبات الصغيرة. وهو أمر يتبعه جزء من الكادر الطبي، بسبب بمتوسط ​​الأجور المنخفض.

وتقول “الأمين”: «هناك نكتة كثيراً نقولها بين بعضنا البعض، خاصةً بين الزملاء. فعندما يشتكي أحدهم من ظروف العمل، نرد بسخرية: لا تسبّ وزارتنا، فهي زودتنا بحذاء طبي ماركة غوتشي».

وتأتي هذه المفارقة المريرة من فضيحة تعود إلى عام 2017، حيث وقعت وزارة الصحة عقدًا بقيمة عدة مئات الآلاف من الدولارات مع شركة أحذية طبية قصيرة العمر يستخدمها الطاقم الطبي بشكل يومي.

«نحن نفتقر إلى علاجات السرطان أو في بعض الأحيان إلى الإمدادات الأساسية، لكن وزارتنا تبرم عقداً مربحاً لشراء الأحذية الطبية. لا يمكنهم خداعنا، فنحن نعلم جميعاً أن هذه كانت محاولة لتغطية الإفراط في أسعار الفواتير»، تعلق الطبيبة البالغة من العمر 25 عاماً، والتي سئمت بالفعل من نظام طبي تختفي فيه الأموال دون رقيب.

الفساد وصل مقاصف المستشفيات 

“تناز” (تم تغيير الاسم) طبيبة في #مستشفى_الكندي ببغداد. وعندما وقعت الطبيبة الشابة عقدها الأول مع وزارة الصحة، قرأت بعناية تفاصيل أجرها ورأت أن 330 ألف دينار (234 يورو) يتم خصمها شهرياً من كشف الراتب الخاص بها.

وهذا المبلغ، الذي يصل إلى 30٪ من راتبها الشهري،هو مقابل الوجبات المقدمة في مقصف المستشفى. لم تحرك الشابة ساكناً منذ ذلك الحين، فهي تتلقى، مثل زملائها، تحويلاً شهرياً لراتبها دون أن تحصل على تفاصيله.

وعندما سُئِلت متى واجهت الفساد لأول مرة في حياتها المهنية، أجابت: «الوجبات التي تقدم خلال أوقات عملنا ليست صالحة حتى لإطعام كلبك».

ويؤكد العديد من الأطباء وجود تكاليف تقديم الطعام هذه والتي يربطها العديد بزيادة أسعار الفواتير وسرقة المال العام. وقد حاول البعض المطالبة بإلغاء هذا البند من العقد، بسبب خسارة الكثير من الراتب، والسماح لموظفي المستشفى بتناول الطعام خارج مقاصف المستشفيات. لكن وبحسب “تناز”: «في كل مرة كان الممتعض يتعرض للتهديد بالقتل إذا لم ينس الموضوع من أساسه».

“علي الهلالي”، 36 عاماً، هرب من العراق لهذا السبب. ففي عام 2016، تم انتخابه ممثلاً للموظفين من قبل 345 طبيباً في #مستشفى_اليرموك. وبسرعة كبيرة، بدأ يتجول في المطابخ، حيث كان هناك عشرات الكيلوغرامات من اللحوم والأطعمة مفقودة على الرغم من دفع ثمنها من قبل وزارة الصحة.

ويقول الهلالي: «أصريت على أن نجد ما هو مفقود وأن نطعم الموظفين بكرامة، إلى أن أخبرني المدير بأنه إذا لم أصمت، فسوف يقتلني أحدهم. سألته من هذا الذي سيقتلني؟ لكنه لم يرد. القضايا المالية لدى هذه المافيا مخيفة» خائفاً من أن يلقى حتفه، استقال “الهلالي” وغادر العراق لممارسة المهنة في #الدنمارك.

هجرة الشباب تعمّق الأزمة 

في مثل هذه الظروف، يكافح العراق في الواقع للاحتفاظ بخريجي الطب الشباب. «في الشهر الماضي، جاء وزير الصحة لزيارة المستشفى حيث أعمل. وفجأةً، في ذلك اليوم، ظهرت جميع الأدوية الحيوية التي لم تكن متوفرة لدينا من قبل في المستشفى»، تقول “تناز”.

كما تتذكر “الأمين” سيارات الإسعاف التي طلبتها مستشفاها: «لقد وصلت جديدة تماماً، لكنها كانت على العظم، حتى الوسائد كانت قد سُرقت».

هذه القصص الخيالية عن الفساد والرشوة، يعيشها الأطباء العراقيون يومياً. والخريجون الشباب من الأطباء مرغوب فيهم في الأردن ومصر ولبنان. ويوجد اليوم في البلاد معدل منخفض جداً من الأطباء والممرضات لكل فرد.

ففي عام 2018، كان معدل الممرضات والقابلات 2.1 فقط لكل 1000 نسمة. وهو أقل بكثير مما هو عليه الحال في الأردن (3.2) ولبنان (3.7). والأسوأ من ذلك، أن العراق لديه 0.83 طبيب فقط لكل 1000 نسمة، وهو معدل أقل بكثير من باقي دول الشرق الأوسط.

وبعد سقوط نظام #صدام_حسين عام 2003، هرب العديد من الأطباء العراقيين المشهورين والمعترف بهم دولياً. وكانوا في الغالب من السنّة، لأنه في عهد صدام حسين، كان للسنّة امتياز كبير في الحصول على التعليم العالي والمنح الدراسية للدراسة في الخارج، بحسب تحليل “هاردي ميد”.

محسوبية التوظيف 

انخفض مستوى النظام الصحي أيضاً، بسبب السياسة الإدارية القائمة على المحسوبية على وجه الخصوص. «إذا كان القطاع الصحي فاسداً، فذلك يعود أساساً إلى أنه خضع لسياسة “الكوتا” منذ عام 2003. هذه الممارسة تمتد إلى جميع المستويات الإدارية، وحتى رؤساء الأقسام»، يقول “رائد فهمي” وزير العلوم والتكنولوجيا سابقاً وعضو الحزب الشيوعي العراقي.

«فللقبول في كلية الطب وحتى للحصول على الإجازة الجامعية، لا يتردد البعض في تأكيد ولائهم لحزب أو لزعيم سياسي معين. وجميع الأطراف العراقية تريد الحصول على الوزارات الخدمية الشهيرة وخاصة وزارة الصحة لإرضاء مؤيديها لا لخدمة الشعب على الإطلاق».

ويرى “سركوت شمس” أنه وفي زمن الوباء هذا، فإن الجهة التي تتولى الوزارة تستفيد منها لصالح مؤيديها. ويؤكد “ميد” ذلك قائلاً: «الحصول على العلاج بات شخصياً ومُسيّس للغاية. يمكنني الحصول على موعد مع طبيب كذا وكذا بسهولة أكبر، أو سرير لزوجتي، أو أدوية لا يمكنني العثور عليها، إذا كنت ناشطًا في الحزب الذي يسيطر على الوزارة. فالانضمام إلى هذا الحزب يتيح للعراقي أن يتعالج بشكل أفضل».

من جهتها، تعتقد “تناز” أن أزمة جائحة #كورونا أدت فقط إلى تفاقم هذا المنطق الحزبي والقائم على المحسوبية. «أنا أعمل حالياً في قسم مخصص فقط لمعالجة فيروس كورونا، حيث يحتاج المرضى إلى عقار Actemra، وهو عقار باهظ الثمن في السوق السوداء. وفي بعض الأحيان تكلف القارورة الواحدة عدة مئات من الدولارات. لقد كان لدينا مخزون من هذا العقار وقدمت لنا وزارتنا المزيد من الإمدادات، ولكن عندما طلبنا من إدارتنا تقديم بعضها، قيل لنا أنه لم يعد هناك المزيد».

«التيار الصدري الذي يدير وزارة الصحة يسرق الأدوية النادرة. رأيت أيضاً أسرّة رعاية تنفسية مكثفة مخصصة لكبار الشخصيات وأعضاء الميليشيات وأبناء عموم البرلمانيين.. إلخ. لقد مات العديد من مرضاي، المحتاجين لهذه الأسرّة، لأن هؤلاء الأشخاص حلوا مكانهم»، تؤكد الطبيبة الشابة.

السرطان يعالج في الهند 

إن فيروس كورونا ليس الكارثة الصحية الوحيدة التي كشفت عن الفساد المفرط للنظام الصحي العراقي. فمرض السرطان، الذي يتم علاجه بشكل سيئ للغاية، هو كذلك إشارة مهمة.

وفي عام 2018، استوردت وزارة الصحة 4 علاجات فقط من أصل 59 علاجاً توصي بها منظمة الصحة العالمية باعتبارها ضرورية في مكافحة السرطان. وتقول الأمين: «إذا لم يكن لديك المال لتلقي العلاج في الخارج أو شراء العلاج بنفسك، فهذا يعني على الأغلب أنك لن تنجو».

وفي الهند ولبنان وإيران، يمكن للعائلات العراقية أن تنفق مئات الآلاف من الدولارات لإنقاذ أحبائهم المرضى. وقد كشفت وزارة الصحة الإيرانية في شهر تموز 2017 أن ما معدله 374 ألف عراقي يدخلون البلاد كل عام للسياحة العلاجية.

وفي عام 2018، منحت الحكومة الهندية 50 ألف تأشيرة طبية للعراقيين، الذين أنفقوا 500 مليون دولار (421 مليون يورو) على الرعاية الصحية في تلك البلاد.

ويقول “سركوت شمس” مؤكداً: «لمدة 17 عاماً، كانت المهمة الأساسية للمستشفى العام تنحصر في جمع الثروات من خلال الرشاوى والعقود الكبيرة. لقد بلغ الفساد في وزارة الصحة أكثر من 10 مليارات دولار [8.45 مليار يورو] منذ العام 2003».

عند الاتصال بهم، رفض العديد من وزراء الصحة العراقيين السابقين التحدث، باستثناء “علاء علوان”، الوزير الذي استقال عام 2019. وقد أكد “العلوان” أن اختيار أغلب الموظفين الموجودين في مناصب مهمة يتم على أساس انتمائهم السياسي أو لمصالح سياسية لا لكفاءتهم، وأن جزء كبير من ميزانية وزارة الصحة يستخدم لاقتناء الأدوية والتجهيزات الطبية.

وفي غياب تصرف عقلاني وتتبع حقيقي، يساء عادة استعمال الأموال العامة ويتم اتخاذ قرارات غير عقلانية وشراء أجهزة لا تتناسب مع المطلوب. كما أن سوء التصرف والفساد يطالان مشاريع البنى التحتية وعقود البناء وإدارة مهن الطاقم الطبي. فالعراق يفتقر إلى الأطباء والممرضين، لكن لديه أطباء أسنان وصيادلة أكثر مما يحتاج.

من جهةٍ أخرى، أوضح “العلوان” أن قطاع الصحة في العراق لا يتمتع بالتمويل الكافي، فالنفقات العمومية في مجال الصحة أقل مما يصرف في البلدان المجاورة، بما فيها البلدان التي لا تتمتع بنفس الموارد التي يتمتع بها العراق.

فالموازنة ضئيلة والفساد وسوء التصرف يزيدان الطين بلة. والنتيجة نقص فادح في أدوية ذات أولوية. والمستشفيات لم تخضع لأي صيانة أو تجديد حقيقي خلال العقود الأربعة الأخيرة.

كما أن العقوبات التي فرضت لمدة 13 سنة، قوّضت النظام الصحي في البلاد. وبعدها، تفاقم الأمر بسبب سوء تصرف معظم الحكومات منذ عام 2003.

 

المصدر: (Orient XXI)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.