مذكّرة التّفاهم بين «مسد» والإرادة الشعبيّة.. تقاسمٌ للسلطة أم تشكيل جسدٍ سياسي جديد؟

مذكّرة التّفاهم بين «مسد» والإرادة الشعبيّة.. تقاسمٌ للسلطة أم تشكيل جسدٍ سياسي جديد؟

وقّع #مجلس_سوريا_الديمقراطيّة وحزب الإرادةِ الشعبيّة، في الـ 31 آب الفائت، مذكّرة تفاهم في العاصمةِ الروسيّة #موسكو. اتفّق الطرفان من خلالِها على تعزيز التواصل والتنسيق على المستوى السياسيّ العام، وعلى مستوى العمل المُباشر، وأكّدا على ضرورةِ التنسيق والعمل المُشترك لضمان إشراك مجلس سوريا الديمقراطيّة في العمليّة السياسيّة بكافةِ تفاصيلها وعلى رأسها #اللجنةُ_الدستوريّة_السوريّة.

وجاءَ في مُذكّرةِ التفاهم بين الطرفين: «إنّ الحل السياسي هو المخرج الوحيد من #الأزمة_السورية، وهو الحل الذي يستند إلى سيادة شعبها بكل مكوناته وحقه فـي تقرير مصيره بنفسه، عبر الحوار».

وتعليقاً على ذلك، يقول “أمجد عثمان” الناطق الرسميّ باسم مجلس سوريا الديمقراطيّة، في حديثٍ لـ (الحل نت): «تضمنت المذكرة نقاط تم التوافق عليها في الحدّ الممكن مع #حزب_الإرادة_الشعبيّة، وتأتي في سياق مبادرات عديدة أطلقها مسد للتوافق مع مختلف القوى والشخصيات الوطنيّة».

من جانبه، يقول “مهنّد دليقان” أمين حزب الإرادةِ الشعبيّة، وعضو هيئة التفاوض واللجنة الدستوريّة السوريّة لـ (الحل نت): «وحدَةُ سوريا مهدّدةٌ بالفعل، ولأنّنا نعلم أنّ ثمّة أطرافٌ دوليّة تسعى إلى استِدامةِ الحرب وتعميقِ الأزَمةِ وصولاً إلى التفتيتِ؛ فإنّ التأكيدَ على وحدةِ سوريا، أرضاً وشعباً، نجدهُ ضرورةً في بنود أيّ اتفاقٍ بين أيَ طرفَين سوريين».

القرار “2254” إلى أين؟

في الـ 18 ديسمبر/كانون الأوّل 2015، صوّت #مجلس_الأمن، على القرار “2254” والذي ينصّ على بدءِ محادثاتِ السّلام في سوريا، في يناير/ كانون الثاني من عام 2016. ويدعو القرار إلى تشكيلِ حكومةٍ انتقاليّة وإجراءِ انتخاباتٍ برعاية أمميّة، وتُطالب بوقفِ أيّ هجماتٍ ضدّ المدنيين بشكلٍ فوري.

والقرار “2254” مشروعٌ أميركي قُدّم إلى مجلسِ الأمن ويضمّ عدداً من البنود الّتي تعتمد #بيان_جنيف وتدعم بيانات فيينا الخاصّة بسوريا، وتعتبرها الأرضيّة الأساسيّة لتحقيق عمليّة الانتقال السياسيّ بهدف إنهاء الحرب في سوريا.

وينصّ القرار كذلك على دعوة ممثّلي المعارضةِ والنظام السوريين للمشاركة في مفاوضات رسميّة بشأن مسار الانتقال السياسيّ للوصول إلى تسويةٍ سياسيّة دائمة للأزمة في سوريا.

وركّزت مذكّرة التفاهم بين مجلسِ سوريا الديمقراطيّة على القرار “2254” الخاصّ بسوريا؛ إذ جاء فيها: «وفـي هذا الإطار فإنّ الطرفين يدعمان ويعملان لتنفيذ القرار 2254 كاملاً، بما في ذلك تنفيذُ بيان جنيف وضمّ منصّات المعارضة الأخرى».

ويرى الكاتب والباحث “حسين جمو” أنّ «هناك نقطة مهمة، وهي أن المذكرة تمثّل خط نجاة احتياطي تجاه الغموض الأميركي في سوريا والميل غير الدبلوماسي للمبعوث #جيمس_جيفري لتركيا. القوى الممثلة لشرق الفرات لا تعرف شيئا عن النوايا الحقيقية لـ”جيفري” الذي سبق وقام بهندسة كاملة للاحتلال التركي والتوغل في مناطق حدوديّة شرق الفرات. التحرر من ألاعيب عقلية جيفري وفريقه – وهي عقلية الحرب الباردة التي لم تعد تنتمي للعالم المتشكل حديثاً- يعد مكسباً رئيساً في هذه الخطوة السياسيّة بين مسد وحزب الإرادة الشعبيّة».

فيما يؤكّد الناطق باسم مجلس سوريا الديمقراطيّة أنّ «علاقات مسد مع روسيا ليست جديدة، والأميركيين ما زالوا مهتمين بشكل كبير بمحاربة #داعش في هذه المنطقة، ما يجري هو تنافس شديد بين القوى الدولية والإقليمية في سورية وشرق الفرات وأعتقد أن الأميركيين والروس ينبغي أن يتوصلوا لتفاهمٍ مشترك حول علاقاتهم في سوريا والمنطقة، ونؤكّد دائماً على أن هذه القوى، ينبغي أن تلعب دوراً لخدمة أبناء سوريا بغض النظر عن أجندات الدول الإقليمية».

الإدارةُ الذاتيّة وضرورتها في سوريا

مِن ضمن النقاط الّتي توصّل فيها الطرفان إلى توافق، جاء في البندِ الرابع، وهو «أنّ الإدارة الذاتيّة لشمال وشرق سوريا ضرورة موضوعية وحاجة مجتمعية متعلقة بظروف البلد وحاجات المنطقة التي أنتجتها الأزمة الراهنة».

وكذلك: «من المهم الاستفادة من تجربة الإدارة الذاتية إيجاباً وسلباً، كشكل من أشكال سلطة الشعب فـي المناطق، ينبغي تطويره على المستوى الوطني العام، وفـي إطار التوافق بين السوريين، وبما يعزز وحدة الأراضي السورية وسيادة دولتها ونظامها الإداري العام».

وعن ذلك يقول “دليقان”: «كُلُّ الأوضاعُ القائِمةِ في سوريا، حاليّاً، أوضاعٌ مؤقّتة. لا يُمكِنُ الحديث عن أوضاعٍ دائمة وقابلةٍ للاستقرارِ، إلّا على أساس اتفاق وتوافقٍ بين السوريين فيما بينهم. بهذا المعنى فإنّ التجارب المُختلفة القائمة، بسلبياتها وإيجابياتها، موضوعٌ للدرسِ اللاحق على طاولة حوار وطني جامع».

ويضيف: «ما تقترحه المذكرة ليس اللامركزيّة، وليس المركزيّة، ولكن صيغة متطورة للعلاقة بينهما؛ فسوريا برأينا تحتاج إلى قدر كافٍ من المركزيّة في المرحلة اللاحقة للحفاظ على وحدتها، وتحتاج أيضاً إلى قدر كاف من اللامركزيّة في الشؤون الإداريّة والتنمويّة لكي تتمكن من تحقيق النمو، لأنّ المركزيّة الشديدة باتت معيقاً للنمو، ولكن اللامركزيّة الشديدة بالمقابل هي باب للتفتيت، لذلك نحتاج إلى صيغة جديدة».

فيما يجدُ مجلسُ سوريا الديمقراطيّة أنّ الإدارةُ الذاتيّة واللامركزيّة تمثّل حلّاً للأزمةِ السوريّة وحقوق الشعب السوريّ.

مشاركة (مسد) في اللجنة الدستوريّة

حتّى الآن لم تتمكّن الإدارةُ الذاتيّة لشمال وشرق سوريا ومجلس سوريا الديمقراطيّة من المُشاركة في اجتماعات اللجنةِ الدستوريّة والمفاوضات السوريّة الّتي تجري بين النظام والمعارضة السوريين، بسبب الفيتو التركيّ المفروض، على الرغم من وجود دعم عسكريّ أميركي ومن التحالف الدولي لقوات سوريا الديمقراطيّة، الّتي تسيطر على مساحات واسعة من محافظات الرقّة، الحسكة ودير الزور.

و#منصّة_موسكو إحدى منصّات المعارضة السوريّة الّتي تُشارك في وفد #المعارضة_السوريّة المُشارك في اجتماعاتِ اللجنة الدستوريّة السوريّة.

وحول ذلك، يقول “عثمان”: «المذكّرة لم تتضمن أيّة إشارة إلى منصة موسكو وانضمام مسد؛ وإنما نصّت على ضرورة مشاركة (مسد) في حوارات الحل السياسيّ، ومن المبكّر التكهن بما ستؤول إليه الأمور، وتضاف أهمية أخرى للمذكّرة، من حيث المتابعة والتأييد الروسي لها».

بينما يُشير “دليقان” إلى أنّ «مسد شاركت تاريخياً في اجتماعات القاهرة وفي اجتماعات موسكو، ولذا فالباب مفتوح أمامهم ليختاروا المكان الذي يناسبهم مع أي من المنصتين المذكورتين في 2254 للمشاركة في العمليّة السياسيّة».

الرفض التركيّ للمذكّرة

قالت وزارة الخارجية التركية، عقب توقيع مذكّرة التفاهم، إنّها «قلقة إزاء زيارة وفد مجلس سوريا الديمقراطيّة إلى روسيا»، وتوقّعت من روسيا أن تتعامل مع الأمر «وفق روح اتفاقية #أستانا والامتناع عن الخطوات التي تخدم #حزب_العمال_الكردستاني ووحدات حماية الشعب» وفقاً لوصفها.

وعن ذلك يقول “دليقان”: «إذا كان الأتراك جادّين في الدفاع عن أمنهم القومي، فكان أولى بهم الترحيب بالمذكرة لأنها خطوة جدية للحفاظ على وحدة سوريا، وبكل الأحوال ريثما يصلون إلى هذه القناعة لن يكون بإمكانهم، وليس من حقهم، منع اشتراك مكون سوري في الحل السوري».

فيما يؤكّد “عثمان” أنّ «تركيا وقوى إقليميّة أخرى، منذ بداية الأزمة تعرقل أي تفاهم واتفاق بين السوريين وترفض أيّة صيغة للحل، لأن الحل والاستقرار سيقطع الطريق أمام التدخلات، كما أن تركيا تعلم جيداً أنّ أي انفتاح دولي على مجلس سوريا الديمقراطية سيؤسس فعليا للحل السياسي في سوريا».

يُنهي “حسين جمو” حديثه لـ (الحل نت) بالإشارة إلى أنّ «هذا الاتفاق ليس رؤية لتقاسم السلطة بين طرفين؛ بقدر ما هو تأسيس لجسم سياسيّ جديد، أو محاولة جادة لكسر حالة العطالة السياسيّة المتجسدة في تيارين لا يريد كلاهما التأسيس لحل تشاركي (النظام والمعارضة التابعة لتركيا) وفي الوقت نفسه يمنعان توسيع التمثيل للأطراف الأخرى من أجل إبقاء العمليّة السياسية في حالة عفن وجمود».

لذلك، ووفق وجهة نظره، «ليس من الصائب تحميل مذكرة التفاهم، أبعاداً نهائيّة كما لو أنّ أيّاً من الطرفين على وشك رسم مصير البلاد، بل إن كلا الطرفين مستبعدان من العمليّة السياسيّة، وما جرى هو بمثابة كسر حالة السكون والرتابة اللامسؤولة من جانب أدوات تركيا والنظام. من جهة أخرى تسمح هذه المذكرة للأطراف الدوليّة المعنية -في حال أرادت- ممارسة ضغوط أكبر على الطرفين المعطلين».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.