منذ أن دخلت #روسيا على خط الحرب في #سوريا عام 2015، وساندت السلطات السورية عسكرياً، قدّرت دراسات، ومراكز أبحاث معدل النفقات العسكرية الروسية في سوريا بين 3 إلى 4 مليون #دولار يومياً، ما يعني أكثر من مليار دولار سنوياً على أقل تقدير.

لكن روسيا، التي تتطّلع لأن يكون له موطئ قدم دائم على البحر المتوسط، لم يكن تدخلها العسكري مجانياً، فبين الحين والآخر تنتشر على وسائل الإعلام أخبار تتعلق بتوقيع اتفاقيات وعقود استثمارية لمرافق استراتيجية في سوريا بين روسيا وحكومة دمشق، كان آخرها منح روسيا قطعة أرض ومساحة بحرية، في محافظة #اللاذقية تقدر مساحتها بـ 8 هكتارات، لتقام عليها مركز صحي للجيش الروسي.

فما هي أبرز #العقود والاستثمارات التي استحوذت عليها #روسيا منذ بداية تدخلها في #سوريا؟، وهل بدأت بتحقيق عوائد مادية من هذه #الاستثمارات؟، وما أثر هذه العقود المبرمة على مستقبل سوريا في حال تم التوصل إلى حل سياسي؟

روسيا تستحوذ على الاستثمارات الحيوية

بعد عام واحد من التدخل العسكري الروسي في سوريا، بدأت الملامح #الاقتصادية لهذا التدخل بالظهور، على شكل اتفاقيات، وعقود، واستثمارات من جانب الشركات الروسية في #سوريا.

وكان أولها في عام 2016 حيث منحت الحكومة السورية روسيا أول اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز في الساحل السوري باسم (عقد عمريت)، الذي يمتد من جنوب طرطوس حتى بانياس بعمق 70 كيلو متراً، وذلك لمدة 25 عاماً بتمويل روسي بقيمة 100 مليون دولار.

وفي كانون الأول 2017 ، أعلنت روسيا أنها الدولة الوحيدة، التي ستعمل في قطاع الطاقة السورية، وإعادة بناء منشآت الطاقة، فوقعت وزارة #النفط السورية، عقداً مع شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية لاستخراج الفوسفات من مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي لمدة 50 عاماً، حيث كانت سوريا تحتل المرتبة الخامسة عالمياً في استخراج الفوسفات، وتصديره عام 2011.

وشهد عام 2018، ازدياداً واضحاً في العقود المبرمة بين روسيا، والحكومة السورية في مختلف المجالات، لا سيما بعد دخول 80 شركة استثمارية روسية إلى سوريا في شباط 2018، بدعوة من “مجلس الأعمال الروسي السوري” للتعرف على واقع الاستثمار داخل الأراضي السورية.

روسيا تغير أسماء مواقع سياحية على الساحل السوري

ودخلت روسيا أيضاً على خط الاستثمار السياحي، فاستحوذت على أول المشاريع السياحية في شهر أيار 2018، عندما بدأت شركة (STG-LOGISTIC) الروسية بإعادة تأهيل قرية المنارة السياحية في طرطوس بكلفة 90 مليون دولار، إضافة إلى عدة عقود موقعة بين وزارة السياحة السورية، وشركات روسيا لتأهيل وإنشاء مرافق سياحية، على الساحل السوري.

ونشر موقع “نيوز ري” الروسي الشهر الماضي، تقريراً كشف فيه عن تسجيل نشاطات متزايدة في منطقة “وادي قنديل”، ومنتجع “الشاطئ الأزرق”، حيث تم تغيير أسماء بعض الأماكن هناك لتصبح باللغة الروسية، وتهدف هذه المنشآت إلى خدمة الجنود، والسياح الروس بالدرجة الأولى.

وكان الحدث الأبرز في مجال الاستثمارات الروسية في سوريا، ظهر بعد إقرار “مجلس الشعب السوري” في حزيران 2019 مشروع قانون يتضمن تأجير مرفأ طرطوس لروسيا لمدة 49 عاماً.

ويتضمن إدارة روسيا القسم المدني من مرفأ طرطوس، من جانب شركة “إس تي جي إنجينيرنغ” الروسية، بعد إتمام العقد في نيسان من نفس العام، وهو ما اعتبره محللون سياسيون خروجاً للمرفأ من السيادة السورية.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم توقيع عشرات الاتفاقيات، في مجال الطاقة، والسكك الحديدية، ومطاحن الحبوب، والطرق الدولية التي استحوذت عليها روسيا.

وهو ما أكده (أيغور ماتفييف) رئيس الوفد الذي شارك في معرض “إعمار سوريا” العام الماضي بقوله: «نسعى لتوطين صناعة المنتجات الروسية على الأراضي السورية لتصبح نافذة لجميع دول المنطقة وفق قواعد التجارة الحرة»، بحسب وكالة (سبوتنيك) الروسية.

هل بدأت روسيا بجني الأرباح؟

لا شك أن الاستثمارات الروسية في سوريا، كانت موجودة قبل الحرب، حيث وصلت قيمتها في عام 2011 نحو 19 مليار دولار وفقاً لبيانات “غرفة التجارة السورية”.

وارتفعت لتصل إلى نحو 20 مليار دولار في 2015، وفق آخر بيانات نشرت آنذاك، ناهيك عن صادرات موسكو إلى سوريا، وتصل لـ2.1 مليار دولار سنوياً، وهو ما يعادل 13% من إجمالي الواردات السورية.

وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي “يونس الكريم” لموقع (الحل نت) إن «منح الحكومة السورية قطعة أرض عبارة عن 800 متر ليس له ذلك الأثر الكبير، بخاصة أن روسيا أصبحت المتحكم الأول في على طول الساحل السوري».

وأضاف أن «من المبكر الحديث عن أرباح من الجانب الروسي جراء الاستثمارات أو العقود الموقعة مع الحكومة السورية، فهذه الاستثمارات بحاجة إلى تفعيل، ولن يتم دون حل سياسي في سوريا، بخاصة مع بدء تطبيق قانون العقوبات قيصر، حيز التنفيذ».

إذ يشمل قانون قيصر روسيا أيضاً، وكل الشركات التي تحاول الاستثمار في سوريا.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن «روسيا فعلياً استحوذت على عقود وامتيازات استراتيجية في سوريا، لكن في المقابل تم تحميل موسكو تبعات انهيار الاقتصاد في سوريا، فالفائدة الاقتصادية لم تتحقق بعد، ومعلقة حتى الوصول إلى حل سياسي».

وختم الكريم حديثه قائلاً إن «معظم الاستثمارات، التي يتم تنفيذها بين موسكو ودمشق لا تتعدى عقود استيراد القمح من روسيا، وتصدير الخضروات من سوريا، فيما لاتزال عقود الفوسفات وسكك الحديد والنفط والطاقة على الورق، ومؤجلة لحين التوصل إلى تسوية شاملة».

هل يمكن التراجع عن الاتّفاقيّة؟

“لا قواعد في القانون الدولي تحدد التعامل مع الاتفاقيات، والديون، التي تربتها أنظمة استبدادية على شعوبها أو دولها، في حال سقطت»، هكذا كان رد المحامي والخبير في القانون الدولي “خالد غازي”.

وأضاف غازي في حديث لموقع (الحل نت) أن «الاتفاقيات الموّقعة بعد عام 2011 سواء مع روسيا أو إيران، أو غيرها ترتبط بشكل، ومصير الحل السياسي في سوريا بشكل مباشر، ففي حال بقاء السلطات السورية، أو إجراء تعديلات بسيطة على الحكم، فإن هذه الاتفاقيات ستبقى سارية المفعول».

واستدرك قائلاً «أما في حال الوصول إلى شكل حكم جديد، فإن ذلك لا يعني بالضرورة إلغاء هذه العقود والاتفاقيات، وإنما زيادة العبء على الحكومة الجديدة للتعامل مع هذه الملفات، وبخاصة أن روسيا لن تتنازل بسهولة عما اكتسبته خلال سنوات الحرب، وبالتالي يجب أن يكون هناك جهد دبلوماسي، وقانوني وسياسي يضع هذه الاتفاقيات على أي طاولة مفاوضات لتسويتها».

وعن إمكانية اللجوء إلى المحاكم الدولية فيما يتعلق بقانونية هذه العقود، لفت الخبير في القانون الدولي إلى أنه «يمكن اللجوء إليها، لكن لا يمكن اللجوء إلى منظمات الأمم المتحدة، لعدم اختصاصها في هذه الأمور، وعدم قدرتها على التدخل في العقود المبرمة بين الدول».

«وإنما يقتصر دورها على حفظها لديها، وضمان عدم التلاعب بها، بخاصة أن الأمم المتحدة لا تزال تعترف بالسلطات السورية كممثل شرعي لسوريا»، بحسب الخبير في القانون الدولي “خالد غازي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.