عمل لجان المرأة في مناطق الإدارة الذاتية: صدام بين الحرية الفكرية والمجتمع المحافظ

عمل لجان المرأة في مناطق الإدارة الذاتية: صدام بين الحرية الفكرية والمجتمع المحافظ

توفيت سبع وعشرون امرأة، خلال أقل من سنة، إما نتيجة القتل العمد أو الانتحار، في مناطق #الإدارة_الذاتية، التي تسعى لإعطاء النساء جزءاً كبيراً من حقوقهن.

إذ أعلن “مجلس عدالة المرأة”، التابع لمجلس “العدالة الاجتماعية”، الذي يعدّ بمثابة وزارة العدل في الإدارة الذاتية، عن تسجيل  ثماني حالات انتحار، وأربع عشرة محاولة انتحار، ومئة وست وعشرين حالة ضرب وإيذاء جسدي، وسبع عشرة جريمة قتل بحق النساء، خلال فترة الحظر الوقائي من انتشار فيروس #كورونا، الذي استمر من الثالث والعشرين من آذار/مارس، ولغاية السادس عشر من حزيران/يونيو.

وآخر جريمتي قتل، كانتا بحق فتاة من #كوباني، وأخرى من #الدرباسية، قتلت من قبل شقيقها بطريقة وحشية، وهو ما دفع بالمؤسسات المعنية بحقوق المرأة، في مناطق الإدارة الذاتية، لبدء حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لوقف قتل النساء. وتظهر أرقام العنف الأسري في مناطق الإدارة ضعف تطبيق القوانين المتعلقة بالمرأة، وعدم قدرة لجان المرأة على العمل بفاعلية على الأرض.

 

المرأة تُعنف رغم قوانين الحماية

تتصادم قوانين “هيئة المرأة” وأفكارها، مثل منع قتل النساء بداعي الشرف، والحد من تعدد الزوجات، مع العادات المجتمعية في بعض المناطق.

وترى “إلهام خلف”، من مدينة #الرقة، أن «الإدارة الذاتية جمعت بين الديموغرافيا العشائرية السائدة، من خلال مكاتب الصلح، وبين محاولة تطبيق أفكار اجتماعية أكثر تطوراً، من خلال إنشاء “لجنة المرأة” و”إدارة المرأة” ومجلسها ضمن أقاليم شمال وشرق سوريا، كما عززت في قوانينها حماية المرأة في مواجهة جرائم مثل التحرش والاعتداء والاغتصاب والإساءة والتنمر وزواج القاصرات. وتعتمد الإدارة الذاتية، في معالجة مثل هذه القضايا، على كل من المحاكم المدنية والأعراف العشائرية، بينما تقوم لجان الصلح بإعادة ربط الأسرة وتوثيق أحكام الصلح، في حال رغبت المرأة بالعودة إلى الزوج أو طلب نفقة أو ضم الأطفال».

«بات عمل “لجنة المرأة” اليوم أصعب من ذي قبل»، حسب “جيهان خضرو”، المنحدرة من ريف #حلب الشرقي، والتي تتسلم منصب رئيسة “هيئة المرأة” في شمال وشرق سوريا، مؤكدة أن «حجم الانتهاكات لحقوق النساء تزايد خلال هذا العام عن العام المنصرم»، وعزت ذلك لـ«المشاكل الاقتصادية، وانتشار وباء “كورونا”، وبقاء الناس في المنازل، مما جعل المشاكل العائلية تطفو للسطح»، لكنها في الوقت ذاته تُشيد بدور لجان المرأة في مناطق الإدارة المدنية (الرقة ودير الزور).

فيما ترى “رهام”، اسم مستعار لسيدة من مدينة حلب، أن «مفاهيم الحرية، التي تنشرها الجهات النسائية، ضمن الإدارة الذاتية، قد تنعكس سلباً على أوضاع النساء»، وتقول في حديثها لموقع «الحل نت»: «نحن مجتمع شرقي، ومن المستحيل أن يتناسب هذا التفكير مع ذهنية رجال مناطقنا، وبالتالي من الطبيعي أن يكون لهم رد فعل على ما يشاهدونه، لأنهم لم ولن يقتنعوا بأن شرف الإنسان هو وطنه وأرضه، وليس جسد المرأة، كما تروّج الجهات النسائية في شمال شرق سوريا»، حسب تعبيرها، وتستدرك بالقول: «يجب أن نكون واقعيين».

 

واقع المرأة في مناطق الإدارة الذاتية

“إلهام خلف” تقول إن «المرأة قبل تحرير الرقة من تنظيم #داعش كانت مهمشة ومقصيه ومستعبدة، وكانت الفصائل المتطرفة تتعامل معها على أنها سلعة تباع وتشترى،، لكنها اليوم تقوم بأخذ دورها الريادي في تطور مجتمعها، وحققت ذلك بالفعل على الأرض».

لا تتفق “رهام” مع ما تسرده “خلف” من تمكن المرأة بالرقة من فرض وجودها، وتحكي واقعة حدثت لإحدى قريباتها، المتزوجة في المنطقة منذ خمسة عشر عاماً، والأم لأربعة أطفال، والتي تتعرض حتى الآن للضرب المبرح من زوجها، «لا تتجرأ قريبتي على الإفصاح عن وضعها خوفاً من خسارة أطفالها أولاً، ومن كلام الناس ونظرتهم للمرأة المطلقة ثانياً»، تقول “ريهام”، وتتساءل: «ما دور كل هذه المؤسسات واللجان النسائية، إذا لم تستطع حتى الآن دخول كل المنازل، ومتابعة وضع النساء عن قرب؟».

في حين تعبّر “آيات مسلم”، من مدينة الرقة، عن رفضها لظاهرة تعدد الزوجات، التي تحاول لجان المرأة الحدّ منها، وتتفق مع “إلهام  خلف” على سعي لجان المرأة بالرقة ودير الزور والطبقة اليوم لتحسين أوضاع النساء، وتُشير إلى أن «نسبة العنف ضد المرأة، خلال العام الجاري، انخفض بمعدل 30%، مقارنة مع السنوات السابقة»، واعتبرت هذا خطوة جيدة ضمن مجتمعات «تحكمها العشائرية وولاية الرجل على المرأة»، حسب تعبيرها.

 

“الجينولوجيا لم ترق لأهدافها المنشودة”

منذ فترة قصيرة طرحت الإدارة الذاتية منهجاً تحت مسمى “الجينولوجيا” (علم المرأة)، وبات اليوم يدرّس في أكاديميات خاصة بالمرأة، لكن هناك دعوات لتعميمه في أماكن أخرى، ليتثنى للرجال أيضاً التعرف على هذا العلم.

وتُشير “جيهان خضرو” إلى أن الهدف من طرح منهج “الجينولوجيا هو «إضفاء المعنى الحقيقي على المفاهيم، وإعادة تعريف المرأة والحياة، وهو علم الحياة المشتركة الحرة»، حسب تعبيرها.

في حين ترى “آيات مسلم” أن «”الجينولوجيا” لم ترتق إلى المستوى المطلوب لتحقيق الهدف المنشود منها، وفهم سيكولوجية المرأة وتطلعاتها نحو التحرر الذهني، والتخلص من العادات السلبية، التي عملت على كبح جماحها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.