قام تنظيم #داعش، أثناء فترة سيطرته على محافظة#الرقة، بممارسات شديدة العنف بحق السكان المدنيين، من أبرزها الخطف والتغييب وقتل معارضيه، ذبحاً أو رمياً بالرصاص في الساحات العامة، لينتهي الأمر بالضحايا مدفونين في مقابر جماعية.

وتعدّ المقابر الجماعية، التي يتم أكتشافها كل أسبوع بالحدائق العامة والأراضي الزراعية في المحافظة، على الرغم من مرور ثلاثة أعوام على خروج التنظيم منها، الشاهد الأبرز على ممارسات “داعش”.

 

تشكيل المقابر الجماعية

«تشكلت المقابر الجماعية في محافظة الرقة منذ الأيام الأولى لدخول تنظيم “داعش” إليها، فقد عمد إلى رمي جثث ضحاياه، من المدنيين وعناصر الفصائل المعارضة والقوات النظامية، في حفرة عميقة تسمى “الهوتة”، بالقرب من مدينة #تل_أبيض بريف الرقة»، بحسب “عبد الرحمن العباس”، من سكان تل أبيض، والذي أضاف  لـ«الحل نت»: «”الهوته” من أبرز المقابر التي استخدمها التنظيم لإخفاء جثث ضحاياه، وهي عبارة عن انهدام أرضي طبيعي، له شكل حفرة عميقة متضيّقة بشكل متدرج نزولاً إلى الأسفل، ويبلغ عمقها مئتي متر تقريباً، ووصل عدد الجثث فيها لأكثر من ثلاثة آلاف جثة، غالبيتها تعود  لشبان من المدينة».

مؤكداً أن «المعارك التي شهدتها المدينة بين #قوات_سوريا_الديمقراطية وتنظيم “داعش” كان لها ضحايا أيضاً، إذ أدى قصف طيران #التحالف_الدولي، الذي استهدف عناصر التنظيم المنتشرين بين المنازل، الى مقتل عدد من المدنيين، دفنوا في الحدائق والآماكن العامة، ولم يتمكن أهاليهم من دفنهم في المقابر العامة، بسبب الحصار الذي فرضه التنظيم عليهم، مما ساهم أيضاً بتشكيل المقابر الجماعية»، وفق قوله.

 

دروع بشرية

“حسن محمد الإبراهيم”، وهو من سكان حي “المشلب” بمدينة الرقة، قال لموقع «الحل نت» إن «التنظيم كان يستخدم الأهالي دروعاً بشرية، ويتعمد إظهارهم لمقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية”، بهدف منع تقدمهم إلى المدينة، أو استهداف طيران التحالف الدولي لمواقع التنظيم. كما أصدر قراراً منع فيه نزوح المدنيين لمناطق أخرى أكثر أمناً، ومن حاول الخروج عن طريق التهريب تم إعدامه بطلق ناري في الرأس، وعند اشتداد المعارك كان للأهالي النصيب الأكبر من الضحايا، جراء القصف والألغام التي زرعها التنظيم في الشوارع الرئيسية والفرعية».

ويضيف أن «الأهالي المحاصرين توجّب عليهم البحث عن أماكن آمنة لدفن قتلاهم، ونظراً لإشتداد وتيرة المعارك، وبما أن نقل الجثث للمقابر العامة كان أمراً مستحيلاً، لجؤوا إلى دفن ذويهم في الساحات العامة والحدائق على عجل. وهناك ضحايا قتلوا أثناء القصف، وبقيت جثثهم تحت أنقاض منازلهم لفترة طويلة».

وأشار “الإبراهيم” إلى أن «الأهالي عادوا لإنتشال جثث ذويهم ونقلها إلى المقابر العامة، عقب خروج التنظيم من المحافظة، وذلك بإشراف “فريق الاستجابة الأولية”، إلا أن معظم الجثث لم يتم العثور عليها نتيجة للدمار الذي حل بالمدينة».

 

اكتشاف مقابر جديدة

ومن أحدث المقابر المكتشفة في المحافظة مقبرتا “تل الوهب” و”الفرحانية”، وتم نقل أكثر من خمسين جثة منهما، تعود لعناصر من #القوات_النظامية، تم قتلهم على أيدي تنظيم “داعش” قبل ستة أعوام، بعضهم دفنهم التنظيم، والبقية تم دفنهم من قبل أهالي القرى القريبة لـ”تل الوهب”، وفقاً لمديرية الصحة في #الحكومة_السورية.

يقول “عمر الحميداوي”، وهو من سكان قرية “تل الوهب”، بريف بلدة “عين عيسى”، لموقع «الحل نت»، إن «سيارات تابعة للتنظيم كانت تأتي إلى البوادي القريبة من قريتنا، وتقوم بدفن عدة جثث لأشخاص مجهولين على التل، وفي أيامه الأخيرة بات عناصر التنظيم يقومون برمي الجثث على التل دون دفنها، ونظراً للروائح المنبعثة من المنطقة، قام الأهالي بدفن الجثث أسفل التل، وفي الأراضي المجاورة، مع وضع إشارات دلالية عليها، وقمنا بإبلاغ الجهات المعنية بوجود مقابر بالقرب من القرية، فتم اكتشافها ونقل الجثث منها مؤخراً» وفق وصفه.  

كما اكتشف “فريق الاستجابة الأولية”، التابع لـ”مجلس الرقة المدني”، عدة مقابر جديدة خلال الشهرين الماضيين، أبرزها المقبرة رقم 26 في قرية “الحتاش” شمال الرقة، وتم انتشال سبع عشرة جثة منها، تعود إلى رجال تتراوح أعمارهم بين خمسة وعشرين وثلاثين عاماً، والمقبرة رقم 27 في منطقة “الفروسية”، التي انتشلت منها حوالي أربع وعشرين جثة، تعود لنساء شابات تم إعدامهن ميدانياً.

 

آلاف الجثث والعدد بازدياد

وفي تصريح لموقع «الحل نت»، قال “ياسر خميس”، مسؤول “فريق الاستجابة الأولية”، إن «الفريق مستمر في تلبية نداءات المدنيين للحالات الطارئة التي تخصّ المقابر الجماعية، فيقوم بانتشال الجثث بالطرق الصحيحة وبالمعدات المناسبة، وبواسطة عناصر يتمتعون بالخبرة اللازمة بهذا المجال. ويتمّ التعرّف على الرفات من حلال المقتنيات الشخصية والوثائق واللباس. وبلغ عدد المقابر المكتشفة من قبل الفريق، بالتعاون مع الأهالي، سبعاً وعشرين مقبرة، أكبرها مقبرة “فخيخة”، الواقعة جنوبي مدينة الرقة، قرب معسكر الطلائع ضمن أرض زراعية، وتم انتشال ثلاثة آلاف وخمسمئة جثة منها، تعود لعسكريين ومدنيين، منهم نساء وأطفال».

مشيراً إلى أن «عدد الجثث التي انتشلت من قبل الفريق، منذ التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2018، وحتى بداية شهر آب/أغسطس من العام الحالي، بلغ ستة آلاف جثة. على أن يبدأ العمل قريباً على انتشال جثث مدفونة في مقابر بمناطق “خزيمة” و”الصفصافة” و”الكم الروماني” و”الفروسية”».

ودعت منظمات حقوقية المجتمع الدولي إلى ضرورة تسليط الضوء على موضوع المقابر الجماعية في الشمال السوري، كما دعت #الصليب_الأحمر للمساهمة بخبراته في عمليات التنقيب، وحفظ المواد الجنائية، ومنع تعرّض مواقع الدفن للتلوث.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.