أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إجراء مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة مع القوات المسلحة التركية بريف محافظة #إدلب شمال غربي سوريا، وقالت إن الهدف الأساسي منها هو «ضمان أمن سير الدوريات “التركية – الروسية” على طريق حلب – اللاذقية الدولي M4، وفق اتفاق الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير #بوتين في #موسكو، بالخامس من شهر آذار/ مارس الماضي».

وأكد “ألكسندر غرينكيفيتش”، مدير مركز “حميميم”، التابع لوزارة الدفاع الروسية، أن «وحدات من الشرطة العسكرية الروسية والقوات المسلحة التركية أجرت تدريبات مشتركة، في بلدة “الترنبة” قرب #سراقب بريف إدلب الشرقي، على الاستهداف الناري المشترك للجماعات التخريبية الرافضة للمصالحة»، حسب تعبيره.

وأعتبر أن «التدريبات نُفذت لضمان أمن الدوريات المشتركة على طريق M4 في منطقة إدلب لوقف التصعيد».

 

حوادث سبقت التدريبات

تأتي التدريبات التركية – الروسية بعد ثلاث حوادث تعرّضت لها الدوريات المشتركة على الطريق الدولي M4، أحدها كان بسيارة مفخخة، وأسفر عن إصابة ثلاثة جنود روس، وعطب آلية، في منتصف شهر تموز/ يوليو من العام الحالي، وفي السابع عشر من شهر آب/أغسطس الماضي تعرضت دورية أخرى لاستهداف بقذيفة RPG، ما أدى لعطب آلية تركية. تلا ذلك بأيام، وتحديداً في السابع والعشرين من ذات الشهر، استهداف عربة روسية بعبوة ناسفة، أثناء تسيير دورية، ما أدى لعطبها أيضاً وإصابة جنديين.

يقول العقيد المنشق “خالد قطيني: «‏تم الاتفاق على ملحق برتوكولي للهدنة، في الخامس من آذار/مارس، جاء فيه عدة بنود، ضمن كل بند هناك آليات تنفيذ، تحددها اللجان الفنية العسكرية للروس والأتراك، وينتج عنها إجراءات للتطبيق، منها أن الطرفين كانا يتوقعان حدوث مشكلات وحوادث أمنية قد تتعرض لها الدوريات المشتركة، والسبب وجود عدة أطراف رافضة للاتفاق، وتريد عرقلته، وعلى وجه الخصوص الإيرانيين».

ويضيف “قطيني”، في حديثه لموقع «الحل نت»: «بالتالي موضوع التدريبات المشتركة ليس أمراً غريباً، ويعتبر بنداً فرضته الظروف والأحوال، والغاية منه ردع أي طرف يسعى لتخريب الاتفاق، لكن دون تقدم روسيا أو تمركزها في مناطق جديدة».

ويواصل حديثه بالقول: «كما أن لتركيا، بمشاركتها في هذه التدريبات، الحق بالرد على الميلشيات المناوئة لها، وتريد أن تعطي ضمانات للروس بأنه لا وجود لجماعات إرهابية في إدلب، وهي مسؤولة عن ضبط واستبعاد أي مجموعة تحاول زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، لتوصل من خلال ذلك رسالة واضحة أن تلك الجماعات، إن وجدت، تحركها #الحكومة_السورية، وترسلها عبر المناطق الوعرة، وبواسطة عملائها في مناطق إدلب».

وتبنّت كتائب “خطّاب الشيشاني” العمليات التي استهدفت القوات التركية والروسية، وهي مجموعة غير معروفة التبعية، ولم يُلحظ لها أي نشاط عسكري، باستثناء ما تعلن عنه من استهداف الدوريات المشتركة، وكان عدد من الباحثين قد توقعوا تبعية هذه الجماعة لروسيا والحكومة السورية، وآخرون رجّحوا تبعيتها لجماعات متشددة، مثل تنظيم #حراس_الدين، فيما ذهب آخرون للقول إنها عبارة عن مجموعة تضم عناصر منفردة، غير مُسيطر عليها مباشرة، تنسق معها قوى خارجية لعرقلة الدوريات، وإظهار أن الجيش التركي عاجز عن تأمين سيرها بأمان، وهذا يوافق الدعاية الروسية.

 

تفاهمات جديدة

وحول أسباب التدريبات العسكرية يوضح “قطيني”: «التدريبات شملت كيفية سحب المعدات العسكرية، وتقديم المساعدة الطبية العاجلة، في حال إصابة عناصر القوات الروسية أو التركية أثناء تسيير الدوريات، والغاية من إجراء هذا التدريبات ضمان أمن وسلامة الدوريات المشتركة بين قوات البلدين على الطريق الدولي، ويُفهم من هذا أن #روسيا تريد تخفيف حدة التوتر مع الأتراك، والعمل لمنع انهيار وقف إطلاق النار. وهذا دليل كبير على عدم وجود نية أي عمل عسكري تجاه المناطق الواقعة جنوب M4».

ويختم “قطيني” حديثه بالقول: «الأتراك، ومعهم الأمريكيون، يصرّون على تنفيذ تفاهمات “سوتشي”، والعودة للخطوط السابقة لعام ٢٠١٨، وفك الحصار عن النقاط العسكرية المطوقة، وعودة الأهالي المهجرين إلى ما وراء النقاط العسكرية التركية. وهذا يدل على وجود جدول عمل حقيقي من جهة الروس لحل سياسي شامل، بعد أن فشلت كل تحركاتهم في جر المنطقة لحرب أخرى، فالأتراك عازمون على حماية المنطقة، وسيل الأرتال والخطط العسكرية التركية جاهز لضمان هذا»، حسب تعبيره.

“فراس علاوي”، مدير تحرير موقع “الشرق نيوز”، يرى أن «التدريبات الروسية التركية بإدلب، على امتداد الطريق الدولي، هي رسائل موجهة للأطراف الأخرى، بأن هناك تنسيقاً وتوافقاً روسياً تركياً في المنطقة، وأنه لا يوجد تصعيد، والوجود الروسي التركي هو ضمان لأمن المنطقة، وعدم انجرارها لعمليات عسكرية قادمة».

 

ملف عودة النازحين

وحول أهداف الدوريات يشير “علاوي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «هذه التدريبات ستساهم في عدم توتير ملف إدلب، ولا أعتقد أنه هناك عودة للنازحين الآن، طالما أن هناك ميلشيات تابعة للحكومة السورية في مناطقهم، وبالتالي ربما سيتم بحث ملف النازحين فيما بعد، والأولوية الآن لتأمين استقرار المنطقة حسب التوافق التركي الروسي، ورسم خرائط السيطرة، وإبعاد القوى التي قد تسبب خرق هذه التوافقات، وخاصة #هيئة_تحرير_الشام وغيرها من الجماعات الجهادية».

من جهة أخرى يقول الإعلامي والكاتب الصحفي “نورس العرفي”: «تدل التدريبات المشتركة على التقارب الحاصل بين #أنقرة وموسكو، والتقارب يتبعه هدوء في المنطقة، وإيقاف الهجمات من قبل #القوات_النظامية والقوات الروسية على إدلب. إذاً لتلك التدريبات دلالة واضحة على تقارب في وجهات النظر والرؤى بين تركيا وروسيا بالنسبة لإدلب ومصيرها».

ويضيف “العرفي”، في حديثه لموقع «الحل نت»: «لاشك أن ملف ادلب مرتبط بتقارب وجهات النظر الروسية التركية، وبالتأكيد سيساهم بحل ملف عودة النازحين، وإنهاء التوترات، وإيقاف القصف بين الطرفين، وقد يكون فيه بشائر لإنهاء معاناة السوريين بشكل عام في تلك المناطق».

وحول دور القوات النظامية في التدريبات يشير “العرفي”: «الحكومة السورية هي منفذ للتعليمات، والتقارب الروسي التركي يعني إيقاف عمليات القوات النظامية، وإيقاف أي خرق تقوم به في تلك المناطق، وبشكل عام فإن هذا التقارب قد يكون نهاية لكل الهجمات والمناوشات، والخلافات التي تحصل في الشمال السوري، وخاصة في إدلب».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة