في نهايةِ  آب أغسطس الماضي، أجرى الرئيس السوري #بشار_الأسد تعديلاً وزارياً، أدخل بموجبه بعض الأسماء الجديدة، في محاولةٍ لإصلاح الاقتصاد الذي دُمّر بسبب الحرب الدامية منذ ما نحو عقدٍ من الزمن وجائحة فيروس #كورونا.

ولكن كما توضح دراسة جديدة من لندن، فإن السيطرة على الفيروس القاتل في سوريا واستيعاب آثاره؛ سيكون تحدّياً كبيراً للحكومة المعاد تشكيلها، في الوقت الذي تحاول فيه إنهاء الحرب، التي حصدت حياة أكثر من نصف مليون سوري، وإعادة بناء الاقتصاد.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه #الحكومة_السورية رسمياً بأن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا لم تتجاوز أربعة آلاف حالة، بالإضافة إلى 163 حالة وفاة في الأراضي التي تسيطر عليها منذ بدء الجائحة، لا توجد أرقام موثوقة عن الجزء الصغير من البلاد الذي تسيطر عليه الجماعات المتمردة، أو المساحة الكبيرة في شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها القوات الكردية.

وبذلك ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فإن عدد الإصابات في البلاد يحوم بالقرب من قاع التصنيفات العالمية.

لكن الأطباء والسكان يقولون، إن الأعداد الحقيقية من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير، حيث يقول مسؤول في مشرحة في #دمشق: إنه يقدر أن 100 مريض على الأقل يموتون بسبب فيروس كورونا كل يوم في العاصمة وحدها.

وفي دراسةٍ نُشرت في الخامس عشر من الشهر الجاري، أعدّها باحثون من فريق الاستجابة لفيروس كورونا في (إمبريال كوليدج) بلندن، بالتعاون مع كلية لندن للصحة والطب الاستوائي وفريق سوريا في كلية لندن للاقتصاد وغوغل والمعهد الأوروبي للسلام ومعهد الشرق الأوسط، قدر أنه تم إحصاء 1.25٪ فقط من الوفيات الفعلية بفيروس كورونا في دمشق.

وبحسب الدراسة المذكورة، فإن “ما يقدر بـ 4380 (95 ٪) من الوفيات بسبب فيروس كورونا في دمشق لم يتم إحصائها رسمياً اعتباراً من 2 أيلول / سبتمبر الجاري”.

وبالنظر إلى أن من المرجح أن تكون لدى دمشق أقوى رقابة في سوريا، فإن هذه النتائج تشير إلى أن مناطق أخرى من البلاد يمكن أن تشهد معدلات وفيات مماثلة أو أسوأ بسبب هذا الفيروس.

حتى العدد الرسمي للحالات المسجلة يومياً، تضاعف ثلاث مرات بين بداية جزيران / يوليو ونهاية آب / أغسطس. وقد أبلغت الحكومة عن 70-80 حالة جديدة كل يوم لمدة أسبوع تقريباً، وهذا أعلى بكثير من الزيادات المكونة من رقم واحد أو رقمين، والتي كانت هي القاعدة منذ اكتشاف الفيروس لأول مرة في سوريا في شهر آذار / مارس الماضي.

كما ظهر عدد قليل من حالات الإصابة لشخصيات بارزة في الأيام الأخيرة، مما يشير إلى الحجم الحقيقي للأزمة. ففي الأسبوع الماضي، بالكاد انطلقت المفاوضات بشأن دستور سوري جديد يهدف إلى إنهاء الحرب الأهلية في #جنيف، قبل أن تتوقف فجأة لأن أربعة من أعضاء الوفد السوري الرسمي، البالغ عددهم 23، ثبتت إصابتهم بالفيروس بعد وصولهم.

وقد أظهرت الفحوصات كذلك إصابة سبعة لاعبين في المنتخب الوطني لكرة القدم بالفيروس، وفقاً لاتحاد الرياضة السوري. ويشارك السوريون العاديون عشرات الوفيات للأقارب والأصدقاء الذين فقدوا بسبب الفيروس على وسائل التواصل الاجتماعي. كما قالت مجموعة على فيسبوك للمحامين السوريين إنها فقدت 31 محاميا بسبب الفيروس في الشهر الماضي وحده.

المستشفيات ممتلئة عن بكرة أبيها 

ويقول الدكتور “نهاد عساف” الجراح في مستشفى #القديس_لويس الفرنسي المرموق في العاصمة السورية: «إن فيروس كورونا قتل 63 طبيباً في جميع أنحاء البلاد في شهر واحد فقط. لقد كانت خسارة لا يمكن أن تتحملها البلاد، فالبنية التحتية الصحية في سوريا كانت معطلة بالأساس بسبب الحرب الأهلية عندما اجتاح الفيروس البلاد، مع تضرر المستشفيات من القصف، ونقص المعدات الحيوية وإصابة العديد من الأطباء أو قتلهم أو إجبارهم على الفرار بسبب الأعمال القتالية».

من جانبه، يقول “نبوغ العوا” عميد كلية الطب في جامعة دمشق (سابقاً): «إن 100 مريض بفيروس كورونا يصلون إلى مستشفيات العاصمة يومياً، لكنه يحذر من احتمال وجود العديد من الإصابات الجديدة التي لم يتم اكتشافها، لأن الأشخاص الأكثر مرضاً فقط يصلون إلى المستشفيات، حتى أولئك الذين يأتون إلى غرف الطوارئ، قد لا يجدون سوى القليل من المساعدة».

ويضيف “العوا”: «يذهب الكثير من الناس إلى المستشفيات التي تديرها الدولة، لكن للأسف جميع الغرف ممتلئة. والمرضى الذين تسوء حالتهم لا يدخلون وحدة العناية المركزة إلا إذا مات مريض آخر».

وعززت الحكومة السورية الآن جهودها للتوعية بالفيروس وتتبع انتشاره، مؤكدةً على أهمية التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة والقفازات. وهناك الآن أربعة مختبرات تم إنشاؤها في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة لمعالجة اختبارات فيروس كورونا. كما تم إنشاء موقع إنترنت لرصد الحالات في جميع أنحاء البلاد.

المشاكل مجتمعة 

يقول “نزار يازجي” وزير الصحة السوري حتى وقت قريب، «إن العقوبات الغربية والأميركية ضد الحكومة، وليس الحرب، قد أحبطت استجابة البلاد». وقد أثارت حزمة جديدة من العقوبات الأميركية ضد الحكومة السورية، والتي دخلت حيز التنفيذ في شهر حزيران / يونيو الماضي، والمعروفة باسم #قانون_قيصر، مخاوف من حدوث اضطراب اقتصادي أعمق.

كما خسرت الحكومة السورية قدراً هائلاً من الإيرادات خلال العقد الماضي، بعد أن أصبح العديد من حقول الغاز والنفط المربحة الآن تحت سيطرة القوات الكردية المدعومة من #الولايات_المتحدة، إلى جانب الأراضي الزراعية التي كانت تنتج الكثير من إمدادات القمح المحلية في البلاد. وارتفعت أسعار الخبز بنسبة 60٪ تقريبًا في السنوات الأخيرة.

لكن نقص الموارد المالية لم يكن العامل الوحيد. فقد اتخذت الحكومة السورية إجراءات لمكافحة فيروس كورونا في وقت متأخر عن معظم الدول الأخرى في المنطقة، واستعجلت كثيراً في رفعهاً.

ولطالما حذر حيتان الأعمال والصناعة السوريون من أن الانهيار الاقتصادي الشامل من شأنه أن يودي بضحايا أكثر بكثير ضحايا فيروس كورونا، وقد استمعت الحكومة إليهم.

وكانت حكومة دمشق قد فرضت إغلاقاً لمدة شهرين فقط، حتى أواخر أيار / مايو، وحظر السفر بين المدن، وأمرت بفرض حظر تجول في أوقات معينة. لكن العديد من مقاطع الفيديو من تلك الفترة أظهرت أشخاصاً في أسواق مزدحمة دون حتى كمامة للوجه.

ربما تكون إعادة الافتتاح السريع قد أبقت الاقتصاد المحاصر يعرج، لكنها ربما تكون قد ساهمت أيضاً في الارتفاع المستمر في حالات الإصابة بفيروس كورونا الذي لا يزال حجمه الحقيقي لغزاً في هذه البلاد.

 

المصدر: (cbsnews.com)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.