حشد للتظاهر ووعودٌ حكومية: هل ستتَجَدَّد الانتفاضة العراقية مع ذكراها السنويّة الأولى؟

حشد للتظاهر ووعودٌ حكومية: هل ستتَجَدَّد الانتفاضة العراقية مع ذكراها السنويّة الأولى؟

يفصل العراق أقل من أسبوعين عن الذكرى السنوية الأولى لـ”انتفاضة تشرين”، التي انطلقَت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، بمحافظات الوسط والجنوب العراقي والعاصمة #بغداد. ومع اقتراب الذكرى الأولى للانتفاضة، تتجدّد الدعوات للنزول إلى الشارع، واستعادة الحراك الشعبي، الذي خرج ضد الفساد الإداري والسياسي والمحاصصة الطائفية والحزبية في البلاد.

استمر الحراك بقوة منذ انطلاقه، وحتى منتصف آذار/مارس المنصرم، عندما توقف بسبب اجتياح وباء #كورونا للعراق، وإجراءات الحظر الكُلي التي فُرضَت وقتَها. وأطاحَت الانتفاضة برئيس الحكومة السابقة “عادل عبد المهدي” بتكلفة كبيرة، إذ قُتل نحو سبعمئة مُحتَج، وجُرحَ نحو اثني وأربعين ألف مُتظاهر، منهم نحو خمسة آلاف أصيبوا بإعاقات دائمة.

 

محاسبة القتلَة والانتخابات

كانَت الاحتجاجات تُطالب بإجراء انتخابات مُبكّرة، وفقَ قانون جديد، ليتسنّى للشعب العراقي اختيار وجوه جديدة، غير الوجوه التي تتحكّم بالبلاد منذ عقد ونصف، والتي يتهمها المحتجون بخراب العراق، وبعد مجيء حكومة #الكاظمي، طالب المحتجون بمحاسبة قتلَة المُتظاهرين، وعلى رأسهم “عبد المهدي” والميليشيات الموالية لإيران، وقدمت الحكومة والقوى السياسية العراقية بعض التنازلات، فوعدت بإيجاد فرص عمل للشباب في مؤسسات الدولة، وتأمين منح مالية لهم، ليُؤسّسوا مشاريعهم الخاصة.

يقول “حسين هاشم”، ناشط في احتجاجات بغداد، ولديه، وبعض رفاقه، خيمة معروفة في #ساحة_التحرير، إن «انتفاضة ثانية ستبدأ لا محالة في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل».

ويُضيف في حديثه لموقع «الحل نت»: «نحن نخطّط لتكرار الحراك، لكن مع إعطاء فرصة أخيرة للحكومة العراقية الحالية، وسَنّنظّم في الأول من الشهر المقبل وقفة احتجاجية في  ساحة التحرير، بمناسبة سنوية الانتفاضة، ستتضمّن إذاعة بيان يُمهل #الحكومة_العراقية خمسة وعشرين يوماً، أي حتى الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2020، للكشف عن قتلة زملائنا المتظاهرين، ومحاسبتهم في العلن، وإذا لم تستجب لمطالبنا فسنعود للتظاهر من جديد».

ويوضّح “هاشم” أن «النزول للشارع سيجدّد للضغط على الحكومة العراقية لمحاسبة القتلة، وهي مطلبنا الأول ولن نتراجع عنه، ومعه الضغط على #البرلمان_العراقي لتمرير قانون الانتخابات الجديد».

ويختم حديثه بالقول: «إن لم تكن هناك أي استجابة لمطالبنا، فسيتطوّر الحراك حينها نحو المطالبة باستقالة حكومة “الكاظمي”، فنحن لا نريد حكومة تتعامل معنا بمنجزات إعلامية، لا حيثية لها على الأرض، إنما نريد أفعالاً»، حسب تعبيره.

 

نمَطٌ جَديد للاحتجاج

ناشط آخر من محافظة ذي قار جنوبي العراق، يُؤكّد في حديثه لـ«الحل نت» اتفاق «أهالي #الناصرية على التظاهر في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، مع تغيير في نمط الاحتجاج هذه المرة»، حسب قوله.

النمط الجديد، وفق الناشط، الذي فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن «متظاهري “الناصرية”، مركز محافظة ذي قار، قَرَّروا السفر لبغداد، ونصب خيمهم فيها».

ويُشير إلى أن «تنسيقيات التظاهرات في #كربلاء وبابل والنجف، قرّرت الأمر نفسه، بعد التوافق بين المحتجين في اجتماعات ميدانية متكرّرة، أو افتراضية عبر الانترنت».

وعن أهمية هذه الخطوة يُفسّر الناشط أن «التواجد في بغداد، وجعل الاحتجاج مركزياً في العاصمة، من شأنه الضغط أكثر على الحكومة والبرلمان العراقي لتلبية مطالبنا. وطبعاً هذا لا يعني أن الاحتجاج في محافظاتنا سيتوقف، فقسم منّا سيذهب إلى بغداد، والقسم الآخر سيبقى لإدامة الضغط على السلطة».

 

خشية من فقدان الزخم

“ش. خ”، وهي ناشطة بارزة في احتجاجات “تشرين” ببغداد، بدَت قلقَةً من عدم عودة الاحتجاجات لقوتها كما في العام المنصرم، لكنها تؤكّد أن «الاحتجاج قادم لا شك فيه».

وتضيف في حديثها لموقع «الحل نت»: «الثابت والمعلن والمتفق عليه بين تنسيقيات التظاهر، بعد حضوري اجتماعات عدة معهم عبر الإنترنت، أن الاحتجاج سيعاود مساره في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، ولا رجعة عن هذا، لكنّني شخصياً، ومعي كثير من المُنسقّين، نخشى عدم عودة التظاهرات بقوتها نفسها في العام الماضي، لأن أغلب من خرج للاحتجاج شعرَ بالخذلان واليأس، بعد مرور عام على بدء الانتفاضة دون تحقيق أهدافها، لذلك بدأنا نقتنع بأن تشرين هذا العام لن يكون بقوة تشرين العام المنصرم، بخاصة أن الناس لا تريد خسارة مزيد من الأرواح بسبب قمع الميلشيات»، حسب تعبيرها.

“عبد الرحمن الغزالي”، صحافي ومُراقب للشأن السياسي العام في البلاد، يتفق مع حديث الناشطة الآنف الذكر، ويقول: «اليوم، بعد سنة على الانتفاضة، فإن المعادلة سياسياً وشعبياً قد تغيّرت، الشارع يدرك تماماً أنه برغم الزخم الكبير الذي حصل سابقاً فإن الاحتجاج بدأ يفقد طاقته الآن، لأن الكتل السياسية المترسّخة استغلت التظاهرات بطريقة أو بأخرى، وعملت على تغيير بوصلتها».

ويضيف في حديثه لموقع «الحل نت»: «لو عادت التظاهرات من جديد  فلن تكون بذات الزخم السياسي والثوري، وسيكون الساسة أكثر استعداداً لمواجهتها. تشرين القادم لن يكون كسابقه».

ويتابع حديثه بالقول: «ما سنجنيه لن يختلف عمّا مضى، لعوامل اقتصادية تحتّم على الشارع الرضوخ للواقع، كما أن أزمة “كورونا” ستؤدي للحفاظ على العملية السياسية القائمة».

ويستدرك قائلاً: «لا شيء يقف بوجه من يريد التظاهر، بشرط تغيير ديناميكية الحراك، وتحديد مطالب معيّنة، تبدّل الواقع السياسي بشكل عام، ومنها تجديد قانونَي الانتخابات والأحزاب، وتطهير القضاء من الفاسدين».

 

مشاكل اقتصادية

فيما يخص الوعود الحكومية بإيجاد فرص عمل للشباب لثنيهم عن الاحتجاج ترى الباحثة السياسية “ريم الجاف” أن «الإمكانيات محدودة، والبلد يمر بأزمة اقتصادية كبيرة».

وتقول “الجاف” في حديثها لموقع «الحل نت»: «إذا ما سعت الحكومة لفتح بات التعيينات بالمؤسسات الحكومية في هذه الفترة فسيكون قرارها أشبه برصاصة رحمة على إمكانية وقوف العراق اقتصادياً من جديد»، حسب تعبيرها.

وتبيّن أن «هناك ترهلاً كبيراً في ملف الموظفين، وبعض الوزارات خارجة عن الخدمة عملياً، والوعد بالتعيين بالمؤسسات الحكومية له أبعاد سياسية بحتة، ولا يخدم العراق، على الأقل في الفترة الحالية».

وتختم حديثها بالقول: «إغراء الشباب بالتعيين لم يعد ينفع، فهذه الورقة تستخدمها الحكومة العراقية والقوى السياسية في كل أزمة مع الشارع، لذا لن تنطلي على الشباب، الذي لن يلتفت لها، وسيتظاهر ضد السلطة مُجدّداً».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.