التّعليمُ عن بُعد في مناطق الإدارة الذّاتيّة: أنموذجٌ مقبول على مَضض.. ولكن!

التّعليمُ عن بُعد في مناطق الإدارة الذّاتيّة: أنموذجٌ مقبول على مَضض.. ولكن!

كَغيرِه من القِطاعات، نالَ التّعليمُ نصيبه من الضّرر والتّوقّف نتيجة إجراءات الحظر التي فُرِضَت في مناطق #الإدارة_الذاتية بسبب جائحة #كورونا، ما جعلها تحذو حذو دولٍ أخرى في تطبيق نظام التّعليم عن بُعد لجميع المراحل الدراسية في الفصل الثاني من العام الدراسي 2019-2020، بعد إيقاف الدوام في مدارس ومعاهد وجامعات الإدارة الذاتية، بدءاً من منتصف آذار/مارس الفائت، واتّباع هيئة التربية والتعليم أسلوب التعليم عبر الإنترنت، كحلٍّ عاجل لتفادي ابتعاد الطلاب عن الدراسة، عن طريق تسجيل الدروس والمحاضرات لما تبقّى من العام الدراسي، وبثّها عبر منصة “اليوتيوب” والقناة التلفزيونية الرسمية للإدارة الذاتية.
في المدارس أم عن بُعد؟

«بعد  شهورٍ من الانقطاع عن الدوام المدرسي والجامعي، يعود التلاميذ والطلبة في اكتوبر تشرين الأول المقبل، ليُكمِلوا تعليمهم بالطريقة التقليدية، مع اتخاذ إجراءات الوقاية من الفيروس»، بحسب “روهات خليل” الرئيس المشارك لهيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة.

وتُضيف في حديثٍ لـ (الحل نت): «تم إعداد المدارس وتعقيمها وتوزيع التلاميذ بحيث لا يتجاوز عددهم في الصف الواحد أكثر من 15 تلميذاً، تلميذٌ واحد في كل مقعد، وهو شرطٌ أساسيّ، إن لم يتحقّق؛ فسنعتمد نظام الدوامين، صباحي ومسائي، أو أن يُقسّم التلاميذ حسب الصفوف؛ ليحقق كل قسم 3 أيام دوام فقط في الأسبوع، كما سيُعيّن مشرف لمراقبة التلاميذ في المدرسة، منعاً لحدوث التجمعات، إضافةً إلى التقليل من بعض الحصص، والتركيز بشكلٍ أكبر على الحصص العلمية».

وتنوي الهيئة، تعويض الدروس التي أُعطيت سابقاً عبر الإنترنت من العام الدراسي الفائت قبل الدخول في العام الدراسي الجديد «وذلك كإجراءٍ إضافي لضمان إتمام الجميع للمنهاج الدراسي» تؤكّد “خليل” وتضيف: «جهودنا مستمرة  في إعطاء الدروس عبر الإنترنت».

الأمر ذاته يؤكّده مُدرّس اللغة العربية “محمد عبيد السلومي” الذي انخرط مؤخّراً في سلسلة اجتماعات تناقش تغطية كامل المنهاج عبر تصوير الفيديو الذي سيبدأ خلال أيام، ويقول لـ (الحل نت): «هي خطوةٌ احترازية، لتجنّب حرمان التلاميذ من أيَّةِ معلومة في حال ظهور مستجدّات بخصوص فيروس كورونا».

مُعوّقات نظام التّعليم عن بُعد

«أيّ قطعٍ في شبكة الإنترنت، كان كفيلاً بضياع معلومة ما ضمن المحاضرة، وكان المُحاضر يضطر لإعادة المعلومة أكثر من مرة» تقول “بيريفان عبدو” طالبة في قسم الأدب الكردي  بجامعة “روج آفا”، وتؤكّد في حديثها لـ (الحل نت): «أن الخيار الأفضل بالنسبة لي، هو التواجد في الجامعة لتلقّي المحاضرات، لأن وجودنا في المنزل يدفعنا أحياناً إلى عدم التقيّد بالحضور».

ضُعف سيطرة المُحاضِر على مجريات المحاضرة بسبب عدم التواجد في قاعة واحدة، وضعف التزام الطلبة، وقلة الخبرة في استخدام التكنولوجيا، بالإضافة إلى ضعف شبكة الإنترنت، جميعها تُعتَبر «من العوامل المعيقة لعملية التعليم عن بُعد» بحسب المحاضر الجامعي “ريبر خلف”.

في حين يعتبر “خليل حسن” وهو أبٌ لتلميذَين يدْرُسان في مدارس الإدارة الذاتية للمرحلة الابتدائية، أن نظام التعليم عن بُعد «فاشل»، ويقول ممتعضاً: «كثيراً ما وجدتُ أطفالي يندمجون مع أصدقائهم في تحويل مجموعة الواتس آب المخصصة للتعليم إلى مكانٍ للسخرية واللهو، فالطفل لم يعتد بعد على استخدام الهاتف الذكي للتعليم، إذ لا يعتبره سوى أداةً للتسلية وإضاعة الوقت».

عدا عن المآخذ على المنهاج والكادر التدريسي، يؤكّد “حسن” في حديثه لـ (الحل نت)، أن نظام التعليم عن بُعد «غيرُ مجّدٍ للمراحل التعليمية المبكّرة، لكنه ربما يكون مفيداً للمرحلة الجامعية».

رغم كل ما قدّمته هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، لضمان ديمومة التعليم وعدم توقّفه، إلا أن الكثير من التلاميذ عانوا من ضعف مستوى المادة البصرية المُقدّمة لهم.

وعن ذلك، يرى “السلومي” أن ضعف الأدوات المستخدمة في التصوير «كانت سبباً في رداءة الصورة، كما أن ضعف الجودة بشكلٍ عام، كان ناتجاً عن ضيق الوقت الذي أُنتِجَت فيه المواد، وهو أمرٌ سيتمّ تداركه في المرحلة القادمة».

في وقتٍ، يقدّر “عزام الخلف” نسبة استفادته من نظام التعليم عن بُعد بـ60 بالمئة فقط، ويقول الطالب في المعهد العالي للميكاترونيك في جامعة “روج آفا” لـ (الحل نت): «كطالب علوم تطبيقية، لا يمكن أن يكون نظام التعليم عن بُعد مجدياً لي البتّة في حال اعتُمِد كنظام أساسي، إذ لا بديل عن الدروس العملية».

أفضلُ من لا شيء..!

يؤكد الدكتور المحاضر “ريبر خلف” أن «تطبيق نظام التعليم عن بُعد، بالرغم من ثغراته, كان بمثابة تدريب على التكيّف مع ظروف مشابهة يمكن أن تتعرّض لها المنطقة، كالكوارث الطبيعية والحروب, وبذلك فهو يمثّل خطة طارئة جيدة، كما أنه حقق نوعاً من الطمأنينة لدى الأهالي بتلقّي أطفالهم التعليم بعيداً عن خطر إصابتهم بالفيروس».

وتقول الرئيس المشارك لهيئة التربية والتعليم: «إن المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل التي يتلقّاها التلاميذ من المدارس، لا يُمكِنهم تعلّمها عبر الإنترنت، ولكن في ظلّ انتشار الجائحة؛ لم نَجِد أمامنا صيغة أفضل من أن يبقى الطلاب في منازلهم ويتلقون تعليمهم عن بُعد».

وسط تسارع وتيرة انتشار فيروس كورونا في المنطقة يوماً بعد آخر, يبقى سيناريو استمرار تطبيق نظام التعليم عن بُعد مفتوحاً, والذي قد يتطلب مجهوداً مشتركاً أكبر, بين كل من الجهات المسؤولة في رفعها جودة المواد المتاحة، وإيجادها حلولاً ناجعة لضعف الخدمات التي تؤثّر سلباً بشكلٍ مباشر على جودة التعليم، وبين الطلبة الذين يُطلَب منهم أن يكونوا على قَدرٍ أكبر من الوعي والحس بالمسؤولية والاستعداد لتجربةٍ مشابهة محتمَلة.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.