ربما تكون #تركيا قد وافقت على التّخلي عن سيطرتها على الأراضي الجنوبية لمحافظة #إدلب لصالح قوات الحكومة السورية، وذلك خلال اجتماعٍ لها مع #روسيا في السادس عشر أيلول الحالي.

وإذا ما كانت التقارير عن هذا الاتفاق صحيحة، فمن المحتمل أن يكون هجوم القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها على إدلب وشيكاً.

ومن الممكن أن تقاوم قوات المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا والعناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة القوات الحكومية، المدعومة من روسيا، حتى في غياب الدعم التركي.

وعلى الأرجح سوف تتخلّى تركيا عن سيطرتها على المنطقة الواقعة جنوبي طريق M4 السريع. فقد سبق لتركيا وأن وافقت على السماح للدوريات الروسية باستخدام هذه المنطقة في شهر آذار الماضي، إلا أنها احتفظت بقواتها، بما في ذلك الوحدات المدفعية، الأمر الذي حال دون سيطرة النظام الكاملة على المنطقة.

وكان معهد دراسات الحرب الأميركي قد حذّر في الثامن عشر من شهر آذار الماضي من أنه غالباً لا يمكن أن يبقى الوضع على ما هو عليه، نظراً لأن القوات المرتبطة بـ #تنظيم_القاعدة ترفض الوجود الروسي.

وتواجه تركيا ردّ فعلٍ عنيف من العناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة والسكان المحليين وحتى من قوات المعارضة المدعومة من تركيا بسبب تفاوضها من أجل الابتعاد عن الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.

وقد أفادت وكالة الأخبار الروسية RIA Novosti، المملوكة للدولة، بأن تركيا قد وافقت على خفض عدد قواتها في محافظة #إدلب وسحب بعض المدفعيات الثقيلة من المنطقة.

حيث كان قد اجتمع وفدان عسكريان روسي وتركي في #أنقرة في السادس عشر من شهر أيلول الحالي لمناقشة القضايا المتعلقة بسوريا. وكانت مصادر أخرى، بما في ذلك وسائل الإعلام التركية وصحيفة “الشرق الأوسط”، قد أكدت هذه التقارير.

وفي حال حدوث الانسحاب المتفاوض عليه للقوات التركية من مناطق إدلب، فإنه سيؤدي إلى إعادة النظر فيما يخص اتفاقية خفض التصعيد التي وقعتها روسيا وتركيا في الخامس من شهر آذار، وبالتالي فإن هجوماً جديداً للقوات الحكومية على إدلب، بات وشيكاً.

وتُشير سلسلة من الأحداث الأخيرة إلى أن روسيا وتركيا تجريان مفاوضات بشأن اتفاق ينص على انسحاب جزئي لتركيا من إدلب.

فقد سحبت تركيا في الثامن من شهر أيلول الحالي المئات من قواتها المسلحة، من القوات الخاصة والمشاة، ومقاتلي المعارضة المدعومين من تركيا من بلدات جنوبي إدلب في منطقة #جبل_الزاوية (عبديتا وإحسم والمغارة وبليون).

وزعمت تركيا حينها أن الانسحاب لم يكن إلا إعادة انتشار مرتبطة بالنزاعات البحرية الجارية بينها وبين جارتها اليونان، إلا أنها قد تكون استخدمت نزاعها مع اليونان كغطاء لمجريات الصفقة الوشيكة مع روسيا فيما يخص إدلب.

وسبق وأن عملت تركيا على نقل مقاتلين سوريين من إدلب إلى ليبيا. على أية حال، فإن نقل قوات الجيش التركي من إدلب إلى مسرح آخر يمثل انعطافاً.

كما أن تركيا خفضت من وتيرة قوافلها اللوجستية العسكرية. فعادةً ما ترسل تركيا قوافل تحمل الإمدادات والقوات الدورية إلى مواقعها العسكرية في محافظة إدلب كل يوم أو يومين، لكنها قلصت هذا النشاط إلى ثلاث قوافل فقط في الأيام الثلاثة عشرة الماضية (اثنتان في 10 أيلول، وواحدة في 18 أيلول).

وربما كان تخفيض القوات التركية وانخفاض نشاطها على طول خطوط الاتصال الأرضية دليلاً تركياً على حسن النية، حيث كانت المفاوضات مع روسيا جارية، أو خطوة مبكرة لتنفيذ اتفاق سيتم الانتهاء منه قريباً لتقليل الوجود التركي في المنطقة.

من جهةٍ أخرى، نظّم الأسد وأنصاره احتجاجات عنيفة خارج نقاط المراقبة التركية في #مورك شمالي محافظة #حماة، وفي سرمان، جنوب شرق محافظة إدلب، وربما في أماكن أخرى في 16 من الشهر الجاري.

وحاولت دمشق الحفاظ على سرية دورها في هذه الاحتجاجات من خلال تشجيع المتظاهرين على ارتداء ملابس مدنية. ومن المحتمل أن تمثل هذه الاحتجاجات جهداً لدمشق لممارسة الضغط على المواقع العسكرية التركية والتأكيد على عدم الرغبة الشعبية في الوجود التركي في محافظة إدلب.

كما أنه من المحتمل أن “الأسد” سعى إلى فرض تهديد ضمني ضد القوات التركية، حيث سعت روسيا إلى صفقة لتسليم المزيد من الأراضي.

ويشير بيانان روسيان أخيران إلى أن استئناف الهجوم على إدلب من قبل الجيش السوري قد يكون وشيكاً. فقد أعرب وزير الخارجية الروسي، #سيرغي_لافروف عن ثقته في أن تركيا وروسيا ستنجحان في “تحرير” محافظة إدلب من الإرهابيين في مؤتمر صحفي في السابع من الشهر الجاري.

وكان البيان متفائلاً بشكلٍ غريب بعد سلسلة من الهجمات نفذتها الجماعات الجهادية على الدوريات الروسية التركية المشتركة على طول الطريق السريع M4 من أواخر شهر آب إلى أوائل أيلول.

كما زعم الجنرال الروسي “ألكسندر جرينكيفيتش” الذي يرأس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، في 11 أيلول الجاري أن #هيئة_تحرير_الشام، المرتبطة بالقاعدة، تخطط لهجوم كيماوي على جبل الزاوية.

ولطالما اتهمت روسيا القوات المناهضة للأسد بالتخطيط لهجمات كيماوية دون أدلة، وعمدت إلى إرباك بيئة المعلومات في الماضي لإخفاء ضلوع الأسد الحصري في مثل هذه الهجمات.

ويمكن لروسيا أن تعد البيئة الإعلامية اليوم لتبرير هجوم القوات الحكومية. وفي سيناريو منخفض الاحتمال ولكنه خطير، ربما تكون روسيا قد أصدرت بيانها بهدف التغطية، مع علمها بأن الأسد يخطط لهجوم كيماوي على جبل الزاوية.

وكان وزير الخارجية التركي، #مولود_جاويش_أوغلو، قد نفى في 16 أيلول الجاري أن تكون المفاوضات مع روسيا مثمرة وشدد على الحاجة إلى حل سياسي في إدلب.

وربما يحاول “أوغلو” إخفاء تفاصيل الاتفاق مع روسيا مؤقتاً من أجل الحفاظ على سمعة تركيا بين سكان إدلب وتجنب ردود الفعل العنيفة من جماعات المعارضة.

وقد جلبت القوات النظامية تعزيزات كافية إلى جبهات إدلب منذ اتفاقية خفض التصعيد في 5 آذار بين روسيا وتركيا تحضيراً للهجوم. واستمرت المعارك منخفضة المستوى في الخطوط الأمامية والقصف المدفعي والضربات الجوية الروسية والنظامية المحدودة على الرغم من اتفاق خفض التصعيد.

وازدادت وتيرة هجمات القوات الحكومية في شهر تموز مع تكثيف القصف على بلدات المواجهة. وأصبحت الغارات الجوية الروسية وقصف النظام لمواقع المعارضة أمر شبه يومي. ومن المحتمل أن تمثل هذه الزيادة في وتيرة العمليات وضع شروط من قبل روسيا وبشار الأسد.

ويقدّر معهد دراسات الحرب الأميركي أن استئناف هجوم القوات النظامية المدعومة من روسيا ضد محافظة إدلب يكون مرجحاً فقط إذا حصلت روسيا على إذن تركيا مقابل تنازلات في أماكن أخرى.

لذلك لا يرى المعهد المذكور أنه سيكون هناك هجوماً جديداً لدمشق على أساس هذا النشاط القتالي المتزايد وحده، وأن القوات الموالية للأسد ستستأنف حملتها لاستعادة إدلب في الأسابيع المقبلة إذا انسحبت القوات التركية بالفعل من أجزاء من المحافظة كجزء من اتفاق تفاوضي.

المناطق الأكثر احتمالاً للهجوم الوشيك للقوات النظامية هي منطقتي #سهل_الغاب وجبل الزاوية جنوب الطريق السريع M4، حيث ركزت تلك القوات غاراتها الجوية وقصفها وهجماتها على الخطوط الأمامية.

وإذا توصلت تركيا إلى اتفاق مع روسيا، فمن المرجح أنها وافقت على سحب قواتها إلى الممر الأمني ​​على الطريق السريع M4، والتنازل فعلياً عن كل شيء جنوب الممر الأمني ​​M4 لبشار الأسد.

وقد أدى انسحاب تركيا في 8 أيلول الجاري بالفعل إلى إزالة بعض القوات التركية من هذه المنطقة. فالمنطقة الواقعة جنوب M4 هي أقل مناطق تركيا دفاعاً في شمال غربي سوريا، حيث تتركز القوات النظامية بشكلٍ كبير على طول خط المواجهة هذا، والأرض مسطحة نسبياً.

كما تطورت الخطوط الأمامية بحيث أصبحت المنطقة عرضة للتطويق. والتقارير التي تفيد بأن تركيا تعتزم الاحتفاظ بمواقع المراقبة في سهل الغاب وجبل الزاوية غير مفاجئة ولا تستبعد إمكانية التوصل إلى صفقة للتنازل عن السيطرة.

فقد حافظت تركيا في السابق على نقاط مراقبة حتى عندما استعادت القوات الموالية للأسد السيطرة على المناطق المحيطة وعزلتها. وبالتالي، فإن احتفاظ تركيا بمراكز المراقبة جنوب الممر الأمني ​​M4 بينما تستعد القوات الموالية للأسد السيطرة على المنطقة سوف يتناسب مع ما حصل في الماضي.

ومن المرجح أن يحاول الأسد إنهاء جيب المعارضة جنوب الطريق السريع M4 في عملية دمج مزدوجة مع هجوم غربي يتجه شمالاً من “جبل شحشبو” وهجوم شرقي باتجاه الشمال من معرة النعمان، قبل الالتقاء بالقرب من #أريحا.

والاستيلاء على الأراضي المعنية، لن يكون معركة سهلة للقوات النظامية. ومع ذلك، وبدعم روسي، من المرجح أن تتغلب على هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة الأصغر في غياب الدعم التركي.

حتى تاريخ اليوم، ليس من الواضح ما هي التنازلات التي ربما حصلت عليها تركيا من روسيا مقابل الانسحاب. فربما تكون روسيا قد وعدت بإجبار الأسد على السماح لهجوم تركي على منطقة #تل_رفعت، التي يسيطر عليها مع #قوات_سوريا_الديمقراطية.

وزعم مصدر سوري رسمي في 17 أيلول بأن روسيا رفضت طلب الوفد التركي تسليم المراكز السكانية الرئيسية في تل رفعت ومنبج خلال اجتماع 16 سبتمبر / أيلول.

وكانت تركيا قد قصفت مناطق قرب تل رفعت في 17 أيلول. وقد تكون روسيا قد قدمت أيضاً تنازلات تتعلق بشمال شرق سوريا أو ليبيا أو التعاون الدفاعي أو غيرها من المجالات التي يكون للطرفين مصالح فيها.

ليس من المؤكد أن تتقدم القوات الحكومية بسهولة عبر الطريق السريع M4، خاصة إذا كانت تركيا مصممة على الدفاع عنه. ومع ذلك، يمكن لدمشق أن تكتسب مناطق كبيرة من خلال الاستيلاء على جبل الزاوية وسهل الغاب وإنشاء خط دفاعي جديد، مما قد يجعل مكاسبها السابقة لا رجعة فيها.

وقد يؤدي استعداد تركيا لعقد صفقات إلى خلق فرص لتحقيق المزيد من مكاسب الأسد في الأشهر أو السنوات اللاحقة. علاوةً على ذلك، قد يؤدي استيلاء القوات الحكومية على هذه المنطقة إلى تمكينها من استخدام الطريق السريع M4 لربط منطقة السيطرة الجديدة في أريحا بسراقب التي تسيطر عليها.

وقد يكون الأسد أيضاً قادراً على خلق معارضة ضعيفة بارزة إلى الغرب من جبل شحشبو، وتهيئة نفسه لأخذ المناطق الصعبة بسهولة أكبر.

كما أنه من المرجح أن يؤدي الانسحاب التركي من جنوبي إدلب، إلى رد فعل من الجهاديين والسكان المحليين. فقد تقرّبت هيئة تحرير الشام بشكل متزايد من تركيا من أجل الاحتفاظ بدعم تركيا في الدفاع عن إدلب، وحاولت تقليص أنشطة الجماعات السلفية الجهادية المتشددة التي تسعى لطرد القوات التركية.

وقد يؤدي تنازل تركي كبير عن الأراضي في إدلب إلى تغيير هيئة تحرير الشام لهذا الموقف. ومن المرجح أن تصعد الجماعات المتشددة الهجمات على القوات التركية في كلتا الحالتين.

وكانت استجابة السكان المحليين للوجود التركي في محافظة إدلب متفاوتة، حيث تستند “النوايا الحسنة” للداعمين المحليين للوجود التركي إلى دفاع الأخير عن إدلب ضد قوات دمشق.

بالنتيجة، قد نشهد انسحاباً مادياً للقوات التركية والمدفعية من إدلب وفقاً للصفقة الروسية المزعومة. وتشير الضربات الجوية الروسية المكثفة، التي تهدف إلى تخفيف دفاعات المعارضة، إلى أن دفعة برية للقوات الموالية للأسد يمكن أن تتدفق إلى إدلب في الأيام أو الأسابيع المقبلة.

كما أن وجود قادة النظام الأساسي من وحدات النخبة العسكرية مثل فرقة المهام الخاصة الخامسة والعشرون المدعوم من روسيا (المعروفة أيضاً باسم قوات النمر) والفرقة الرابعة على طول الخطوط الأمامية من شأنه أن يشير كذلك إلى هجوم وشيك للقوات الحكومية.

 

المصدر: (Institute for the Study of War)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.