بينما تتصاعد أعداد الإصابات بفيروس #كورونا في شمال غرب سوريا، وتحديدًا ريفي #حلب وإدلب، تتوقّع دراسة أجراها أطبّاء سوريون أن يصل عدد الوفيات إلى أحد عشر ألفاً، فيما لو استمرَّ ضعف الالتزام بالإجراءات الوقائية.

سجّل شمال غرب سوريا أول إصابة بفيروس “كورونا” في التاسع من تموز/ يوليو الفائت، لطبيبٍ سوري يعمل في مستشفى “باب الهوى”، وبعد تلك الإصابة، بدأت مناطق ريفي حلب وإدلب بتسجيل إصابات جديدة بشكلٍ شبه يومي، ليرتفع منحنى الإصابات مؤخّراً، ويدخل الشمال ضمن مرحلة “الانتشار المجتمعي”.

 

 ضعف الإمكانات الطبّية

يقول الدكتور “فادي حكيم”، مدير المناصرة والتواصل في “الجمعية الطبّية السورية الأمريكية” (سامز): «انتشار الفيروس في مناطق مجاورة للشمال السوري جعل انتقاله مسألة وقت».

وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «استفدنا من فترة تأخر وصول الفيروس إلى الشمال، وقمنا بتحسين مستوى الاستعدادات الطبية»، واعتبر أيضاً أن «مستوى الشفافية العالي في بيانات انتشار للفيروس أمرٌ مهم لبناء تقييم سليم للوضع بالشمال السوري، إضافة لوجود كوادر طبية ذات خبرة بالتعامل مع مختلف الأزمات الصحّية».

ويوضح “د.حكيم”: «تنقسم تدابير إدارة الحالات المصابة إلى ثلاثة أقسام: الحجر المنزلي (للحالات الخفيفة)، المراكز المجتمعية للعلاج (للحالات الخفيفة والمتوسطة)، ومستشفيات العزل الخاصة (للحالات المتقدمة والحرجة). حتى اللحظة تم تجهيز ثمانية مستشفيات مخصصة لاستقبال المصابين في #إدلب وريف حلب الشمالي، بسعة 645 سريراً، منها 114 سرير عناية مشدّدة، من أصل 188 مخطط لتأمينها، ومع توفر 84 جهاز تنفّس اصطناعي، من أصل 159 جهازاً مخصّصاً للإصابات الشديدة والحرجة، إضافةً إلى تجهيز 15 مركزًا مجتمعياً لعلاج “كوفيد- 19″، من أصل 31 مخططاً له، فيهم نحو 500 سرير مخصّص للإصابات الخفيفة والمتوسّطة، من أصل 1450 مخطط له، وهي موارد تفوق، على سبيل المثال، ما يتواجد حالياً في القطاع العام لمدينة كبيرة مثل حلب (24 منفسة) أو حتى #دمشق (22 منفسة)».

 

 الجوع أم كورونا؟

مقابل التوصيات الدولية للوقاية من الفيروس، يجد المدنيون في الشمال أنفسهم أمام خيار الخروج للعمل واحتمال الإصابة بالفيروس، أو البقاء في المنزل وعدم قدرتهم على تأمين ضرورات الحياة.

بالتأكيد، اختار “أحمد أصلان”، وهو من سكّان مدينة إدلب، الخيار الأول، وقال: «لديَّ أربعة أولاد، وهم بحاجة لإعالة ومصاريف ضخمة، لذلك فإن أراد أحد إجباري على البقاء في المنزل يجب أن يؤمّن لي البديل»، موضحًا لموقع «الحل نت» أن «الجوع أصعب من الفيروس».

يعمل “أصلان” في إصلاح الدراجات النارية، ولا تؤمن له هذه المهنة أكثر من نصف مصاريفه الشهرية، ولكنّه يتلقّى مساعدة من شقيقه في #تركيا.

ومن الملاحظ أن الحياة في شمال سوريا تبدو طبيعية، ولا يوجد أي تطبيق للإجراءات الوقائية، فيمارس الأهالي حياتهم الاعتيادية، وتزدحم الأسواق والأماكن العامة بالعابرين.

من جهته يوضّح “سامر”، وهو أحد سكّان قرية “أطمة” الحدودية، أنّه «جرّب البقاء في المنزل لأربعة أيام مع بداية انتشار الفيروس، وفي اليوم الخامس لم يتمكّن من شراء الخبز لأسرته».

وقال في حديثه لموقع «الحل نت»: «نحن العمال المياومون إذا لم نخرج إلى العمل اليوم لا نستطيع أن نأكل غدًا، ولا يمكننا البقاء في المنزل، ولكن عند الخروج أحاول ارتداء الكمامة وغسل يديَّ باستمرار»، وأضاف: «الباقي ع الله».

 

الوقاية هي التحدي الأول

يرى “د.حكيم” أن التحدّي الحقيقي هو «كيفية تطبيق قواعد الوقاية وارتداء الكمامات، سواء الطبية أو القماشية، وتطبيق التباعد الاجتماعي في الحد الأدنى، طالما أن خيار الحجر المنزلي غير متاح لكثيرين، ممن يحتاجون للخروج للعمل، خصوصاً مع الأوضاع المالية الصعبة للغالبية في المنطقة».

وأجرت منظمة “خبراء الإغاثة” دراسة على 730 شخصاً في شمال غرب سوريا، كشفت أن «74% من المستجوبين يقرّون بأن الكمامة ستحميهم نوعاً ما من العدوى، وأقل من النصف 43% لا يرتدونها لأسباب مادية، بينما تتعدد أسباب عدم ارتدائها، لدى 57% من المستجوبين، بين الخوف من الوصمة الاجتماعية، أو عدم الشعور بالراحة عند الاستخدام، أو عدم الاقتناع بها».

تأكيداً على وجهة النظر العامة هذه يوضّح “د. حكيم” أن هناك «عديداً من الأشخاص الذين يرفضون الذهاب للمراكز المجتمعية لعلاج “كوفيد -19″، رغم تجهيزها الجيد»، لافتًا إلى أن «نسبة الإشغال الحالية في هذه المراكز لا تتجاوز 1%».

 

 توقّعات بالكارثة

وتحدّث الطبيب ذاته عن «دراسة أخرى، صدرت في شهر أيار/مايو الفائت، من قبل مجموعة من المتخصصين، ضمن الجسم التنسيقي للمعلومات الطبية لمديريات الصحة السورية، تنبّأت بسيناريوهات متعددة لانتشار الفيروس في مناطق شمال غرب سوريا».

يتوقع السيناريو الأول أن «يصل عدد الإصابات في شمال غرب سوريا إلى 16 ألف إصابة (0.4% من تعداد السكان) في غضون ثمانية أسابيع من بدء انتشار الفيروس اجتماعياً، مع توقع وصول عدد الإصابات الشديدة إلى نحو 2500، وحوالي 800 إصابة حرجة تحتاج إلى أجهزة التنفّس الاصطناعي، ليبلغ عدد الوفيات التقديري 978 وفاة».

أما السيناريو الثاني فهو الأسوأ إذ «يُتوقّع أن يسجّل الشمال السوري 185 ألف إصابة (٠4.4% من تعداد السكان)، بعد ثمانية أسابيع من بدء انتشاره اجتماعياً، مع حوالي 27 ألف إصابة شديدة و9268 إصابة حرجة، و11 ألف حالة وفاة تقديرية». علماً أن هناك سيناريو آخر متعلق بالمخيمات غير متضمن هنا.

وقال د. حكيم: «من المتوقع وفق هذه السيناريوهات أن يصل القطاع الطبي إلى مستوى الإشباع الطبي (زيادة عدد المرضى عن عدد الأسرّة المتوفّر) خلال 4 -7 أسابيع، علماً أن حالة الإشغال الكامل للمنشآت الطبية هي 645 سريراً للمشافي و1450 سريراً للمراكز المجتمعية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.