بسبب الفصائل المسلحة في “سنجار”: نازحون إيزيديون في العراق يفضّلون البقاء بالمخيمات

بسبب الفصائل المسلحة في “سنجار”: نازحون إيزيديون في العراق يفضّلون البقاء بالمخيمات

مازالت نحو سبعين ألف عائلة إيزيدية تفضّل البقاء في مخيمات النزوح المنتشرة في #إقليم_كردستان العراق، على العودة إلى المناطق التي نزحت عنها في قضاء #سنجار، بسبب التوتر الأمني، وتنافس الفصائل المسلحة للسيطرة على أرضي القضاء، التي تمّ تحريرها من سيطرة تنظيم #داعش أواخر 2015.

صراعٌ عطّل حُلم الأهالي بإعادة أعمار مادمرته الحرب، وشطر الحكومة المحلية في سنجار إلى اثنتين، لا تعترف أيٌ منهما بالأخرى، إحداها تتبع حكومة المركز في #بغداد، والأخرى تتبع لحكومة# أربيل في إقليم كردستان.

 

خريطة معقدة

أبرز الفصائل المسلحة في المنطقة القوات التابعة لـ”حزب العمال الكردستاني”، المتمركزة في جبل سنجار وسط القضاء. تتحالف معها وحدات “مقاومة شنكًال” و”أساييش إيزيدخان” ووحدات “حماية المرأة”.

وشمالي الجبل هنالك قوات “الإدارة الذاتية الإيزيدية”، المتمثلة بـ”فوج شنكال” و”وحدات مقاومة سنجار”، بينما تتمركز في وسط مدينة سنجار وجنوبها قوات “فوج لالش” و”الجبهة القومية لحماية الإيزيديين” و”قوة كوجو” التابعة لـ”الحشد الشعبي الإيزيدي”، إضافة إلى فصائل #الحشد_الشعبي التقليدية، مع قوى عشائرية، مثل فصيل “نوادر الشمر” و”قوة القيروان”. فضلاً عن قوات الجيش والشرطة العراقية.

رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي، تجاهل هذه الخارطة المعقدة، ووعد نازحي مخيم “قاديا”، شمالي #دهوك، الذي زاره في العاشر من أيلول/سبتمبر، بإعادتهم إلى سنجار في أقرب وقت، دون أن يقدم لاحقاً خطة واضحة لتنفيذ وعده.

#الحكومة_العراقية على دراية تامة بالمصاعب الجمة، التي تعترض تنفيذ مثل هكذا وعد. فوزيرة الهجرة والمهجرين “إيفان فائق جابرو” قالت عقب زيارتها لقضاء سنجار، في تموز/يوليو الفائت، إن: «الواقع في سنجار مزرٍ، فهنالك مناطق بداخله مدمرة تماماً، وتوجد جهات قرار متعددة، مع انقسام إداري وسياسي وحتى شعبي. يمنع هذا تهيئة الأرضية المناسبة لتنفيذ المشاريع، وعودة النازحين الإيزيديين إلى مناطقهم».

واستغربت “جابرو” من الإهمال، الذي وصفته بـ”الكبير”، لسنجار. ووعدت بـ«العمل على فتح مكتب تابع لوزارتها في القضاء، ومحاولة تأمين تخصيصات مالية له، من أجل تشجيع النازحين على العودة».

وبحسب إحصائيات “مكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين”، المعتمدة لدى #الأمم_المتحدة، فإن «أعداد الأيزيديين في العراق كانت تقدّر قبل عام 20014 بـ550 ألفاً، أغلبهم كانوا يعيشون في قضاء سنجار، الذي يتبع إدارياً محافظة #نينوى، ويعد منطقة متنازعاً عليها بين بغداد وأربيل منذ 2003».

واستنتجت دراسة أعدتها منظمة “باكس” الهولندية أن «ما يعيق عودة الإيزيديين خشيتهم من حدوث صراعات طائفية، بسبب عدم محاسبة المتعاونين مع تنظيم “داعش”، إبان غزوه للمنطقة. إضافة إلى تعدد الأحزاب، وضعف السلطة الإدارية والحكومية في المنطقة، وهيمنة المؤسسات الدينية والسياسية. وانعدام الأمن، وعدم تعويض المتضررين أو إعمار البنى التحتية، واستمرار مخلفات “داعش” في المنطقة من الألغام والمتفجرات».

 

الإيزيديون لا يثقون بالأجهزة الأمنية

“خديدا خلف عيدو”، القيادي في “الحركة الايزيدية من أجل الاصلاح والتقدم”، ذكر بأن هنالك «جواً من عدم الثقة يسود المجتمع الإيزيدي إزاء الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها. ولسان حاله يقول: “من تركنا مرة سيفعل ذلك بعدها مئة مرة”». مشيراً بهذا إلى الانسحاب المفاجئ، في الثالث من آب/أغسطس، لقوات #البيشمركة التابعة لإقليم كردستان، التي كانت تسيطر على قضاء سنجار، وتركها للأهالي تحت رحمة عناصر تنظيم “داعش”.

وأضاف “عيدو”، في حديثه لموقع «الحل نت»: «لهذا لا يعود الإيزيديون إلى مناطقهم،  فهم يريدون حمايتها بأنفسهم، من خلال قوات مشكلّة من أبنائهم، تتبع وزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين، بعيداً عن الميلشيات والأحزاب».

أما “حسو هورمي”، رئيس “المؤسسة الإيزيدية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية”، فيصف ما يجري في سنجار بـ«الصراع الأقليمي».

وأشترط لتحقيق الاستقرار الكامل فيه المنطقة «العودة الفاعلة للمؤسسات الحكومية، وفتح مسار عملية إعادة الإعمار، وتأمين عودة النازحين، مع وضع حد للتدخلات الخارجية، التي تعتبر خرقاً للسيادة العراقية». مشيراً بهذا الى تواجد قوات #حزب_العمال_الكردستاني التركي.

ويعدد “هورمي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، مجموعة من الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لكسب ثقة المواطنين الإيزيديين، منها «إشراكهم في الجهاز الأمني، ووضع استراتيجية للتعاطي مع التطرف الموجود في المناطق المحررة. ومعالجة الشرخ الاجتماعي والثقافي الذي أحدثه “داعش”، ووضع برامج وخطط لتشغيل العاطلين عن العمل، وتأسيس أندية رياضية واجتماعية شبابية، وإعادة تأهيل المغرر بهم، ووضع مناهج دراسية وفق رؤية جديدة، تشمل المجالين التعليمي والثقافي».

 

مدينة ممزقة

“سلام جندي”، نازحٌ في مخيم “إيسان”، جنوب محافظة دهوك، أستبعد عودته مع عائلته إلى سنجار، لكونها «مدينة ممزقة» حسب تعبيره. مؤكداً أن «غالبية سكانها يعيشون في المخيمات، والذين عادوا لا يشعرون بالأمن، ويفتقرون إلى الخدمات الأساسية، أما فرص العمل فتكاد تكون معدومة».

“جندي”، الذي كان يعمل في تجارة المواد الغذائية، وفقد كل ما يملكه عام 2014،  يقول، في حديقه لموقع «الحل نت»، أن «سنجار الوحدة الإدارية الوحيدة في العراق التي فيها حكومتان، واحدة يسميها الناس “شرعية”، كونها تشكلت بموجب انتخابات جرت عام 2012، ومقرها في محافظة دهوك، والأخرى تم تشكيلها من قبل الحكومة المركزية في بغداد، مطلع عام 2019، مقرها سنجار، ويصفها البعض بـ”غير الشرعية”».

وتبعاً لذلك «تم تقسيم الدوائر الحكومية إلى قسمين، أحدهما في في سنجار، والآخر في إقليم كردستان أو مدينة #الموصل، مثل البلدية والمحكمة والتربية والصحة والتسجيل العقاري والدفاع المدني والمصارف ومفوضية الانتخابات»، يقول “جندي” بكثير من الأسى، ويستدرك: «حتى شيوخ العشائر ورجال الدين والإعلام توزعوا على الجانبين. لذلك نفضّل نحن البقاء في المخيمات التي أوتنا لأكثر من ست سنوات. وبدلاً من العودة إلى سنجار يهاجر أبناؤنا إلى أوروبا، ويقال إن مئة وعشرين ألف إيزيدي وصلوا إلى هناك».

ويختم “جندي” حديثه بالقول: «أحد أبنائي في #ألمانيا الآن، ونفكر أنا وأمه وأشقاؤه جدياً باللحاق بهِ».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة