تصفية ضباط القوات النظامية في درعا: “خيانة” من عناصر فصائل المعارضة أم صراع بين الاجهزة الأمنية؟

تصفية ضباط القوات النظامية في درعا: “خيانة” من عناصر فصائل المعارضة أم صراع بين الاجهزة الأمنية؟

منذ انطلاق الاحتجاجات السورية في #درعا، قام عدد من ضباط #القوات_النظامية بتزويد فصائل المعارضة بالمعلومات المهمة حول نوايا الأفرع الأمنية التابعة للحكومة السورية، فضلاً عن بعض مخططات المعارك، في مبادرة منهم لدعم المعارضة. وآثروا العمل في كنف القوات النظامية، وعدم الفرار لدول الجوار، مثل باقي الضباط المنشقين، نظرا لأهمية مركزهم، والمساعدة التي يقدمونها لفصائل المعارضة.

لكن الدعم الروسي للحكومة السورية قلب الموازين، فصارت نسبه الأراضي الخارجة عن سيطرة القوات النظامية لا تزيد عن 30% من الأرضي السورية، بعد أن وصلت نسبتها سابقاً إلى 80%. أما تسوية درعا، التي تمت برعاية روسية، فقد أدت لنتائج كارثية على الضباط المساندين للاحتجاجات.

 

هروب نحو الشمال

بدأت رحلة هروب “أحمد توفيق”، اسم مستعار لنقيب منشق عن القوات النظامية، نحو مناطق سيطرة المعارضة السورية شمالاً، عقب ورود اسمه ضمن لائحة التحقيقات في فرع #الأمن_العسكري بمحافظة درعا، واعتقال عدد من زملائة الضباط، بتهم التواطؤ مع “إرهابيين” في الأعوام السابقة.

يقول “توفيق” لموقع «الحل نت» إن «رحلة الهروب استغرقت نحو أربعة أيام، وكلفته ما يقارب خمسة آلاف دولار للوصول إلى شمال سوريا، دون أن يعرف أحد بهويته، خوفا من خضوعه للاعتقال من قبل فصائل “الجيش الحر” أو القوات النظامية».

ويوضح النقيب المنحدر من محافظة #حماة أنه «عقب التسوية، التي أجراها المقاتلون في فصائل المعارضة بدرعا، بدأت الأجهزة الأمنية بتدقيق محاضر التحقيقات، التي اعترف فيها المقاتلون بكل نشاطاتهم، وعرفت منها أسماء الضباط والعناصر المتعاونين مع المعارضة ضمن صفوف القوات النظامية».

ويشير “توفيق” إلى أن «التسوية كانت وبالاً على الضباط المتعاونين مع فصائل المعارضة أثناء سيطرتها على درعا، فهنالك مجموعات من الضباط رفضت الانشقاق عن القوات النظامية، نظراً لحساسية مراكزها، وقدرتها على تزويد المعارضين بالخطط العسكرية، وأماكن المعتقلين وحالتهم، وتنقلات بعض الضباط،الذين سعت المعارضة لاستهدافهم».

ويختم “توفيق” حديثه بالقول: «قامت #الحكومة_السورية، خلال الفترة الممتدة من آب/أغسطس 2018 إلى تموز/يوليو 2019، بالبحث في الاعترافات التي أدلى بها عناصر التسوية، ثم بدأت باستجواب عدد منهم، ممن انخرطوا في صفوف الأجهزة الأمنية والميلشيات التابعة للقوات النظامية، مثل #الفرقة_الرابعة والأمن العسكري و”قوات الغيث”، لمعرفة حقيقة تعاون بعض أفراد المؤسسة العسكرية مع قادة الفصائل التابعة للمعارضة السورية».

 

اغتيالات في وضح النهار

تداولت مصادر عدة في المعارضة السورية، خلال الأيام الأخيرة، معلومات عن اغتيال عدد من ضباط القوات النظامية الكبار، خصوصاً في الأجهزة الأمنية، وتراوحت تفسيرات هذه الحوادث بين اعتبارها تصفية حسابات بين تلك الأجهزة، أو نتيجة للصراعات بين الحكومة السورية وحلفائها الداخليين والخارجيين.

يذكر “منير الصفدي”، المقاتل السابق في “لواء التوحيد”، أنه «في اليوم الأول من شهر سبتمبر/أيلول من العام الحالي، استفاقت مدينة #نوى على أنباء اغتيال المساعد أوّل “علي إبراهيم أبو حيدر”، رئيس قسم الدراسات بالأمن العسكري في المدينة، من قبل مجهولين قرب مقبرة الإمام النووي، أثناء ذهابه إلى عمله».

ويشير “الصفدي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «اغتيال “أبو حيدر” ليس من مصلحة أبناء المدينة، فخلال سيطرة المعارضة على المنطقة سُجلت له مواقف عديدة، منها اخراج المعتقلات النساء، اللواتي اعتقلن بسبب انضمام أقربائهن للفصائل العسكرية، فضلاً عن أنه كان يحذّر كثيراً من أبناء المنطقة من الخروج نحو المدن المجاورة، نظرا لورود أسماءهم ضمن لوائح الاعتقال».

المساعد أوّل “علي إبراهيم أبو حيدر”. المصدر: ناشطون على موقع “فيس بوك”

وأكد “الصفدي” أنه «من المتعذر معرفة الجهة المسؤولة عن هذه الاغتيالات، رغم البيانات الصادرة عن تنظيم #داعش، التي يتبنى فيها بعض عمليات الاغتيال، وهو تبني غير منطقي لخلو المنطقة من “داعش” منذ خضوعها لسيطرة الحكومة السورية».

وفي ختام حديثه اتهم “الصفدي” القوات النظامية بتصفية “أبي حيدر”،  خاصة أن اسمه ورد في كثير من التحقيقات، عن كيفية مساعدته لأبناء المنطقة، وعدم ذكرهم في التقارير التي كان يرفعها للفروع الأمنية التابعة للحكومة السورية.

 

الضباط إلى أقفاص الحكومة السورية

يفيد “محمد الشرع”، عضو “مكتب توثيق المعتقلين والشهداء” في محافظة درعا، لموقع «الحل نت»، أن مكتبه «وثّق بعد عملية التسوية في جنوب سوريا، منذ 5 تموز/يوليو 2018 حتى الآن، اعتقال القوات النظامية لمئة وثلاثة وستين جندياً وضابطاً على الأقل، ممن تعاملوا مع فصائل المعارضة».

ويقول العقيد المنشق «عبد الله حلاوة» لموقع «الحل نت» إن «عمليات الاغتيال المتزايدة في جنوب سوريا، بحق قادة وضباط من القوات النظامية، هي عمليات تصفية وتطهير في صفوف هذه القوات. وعدم قيام الحكومة السورية باعتقال المشكوك في ولائهم يعود لرغبتها بتجنّب زعزعة المؤسسة العسكرية بكثرة الاعتقالات والاشهار بوجود عمليات خيانة داخلها».

ويشير “حلاوة” إلى أن «كثيراً من التقارير الإعلامية صدرت مؤخراً حول وجود خلل في الدائرة المقربة من الرئيس السوري بشار الأسد، فحملة الاعتقالات بين ضباطه بتهمة التجسس لصالح دول أجنبية، في الفترة الأخيرة، طالت اللواء “معن حسين”، رئيس إدارة الاتصالات التابعة لوزير الدفاع “علي مملوك”، وأيضاً العميد “حسام أحمد سكر”، المدير الحقيقي لإدارة المكتب الخاص برئاسة الجمهورية».

ويضيف “حلاوة” أن «عمليات الاغتيالات مؤخرا طالت عديداً من الضباط الذي يشغلون مراكز حساسة في القوات النظامية، مثل مقتل “نزار زيدان”، القائد في الفرقة الرابعة، مرافق العقيد “علي جنبلاط”، المقرّب من “ماهر الأسد”، ومقتل العميد “جهاد زعل”، الذي يشغل منصب رئيس فرع #المخابرات_الجوية في #دير_الزور، والعميد “ثائر خير بك”، العامل في المخابرات الجوية».

يُذكر أن رجل الأعمال السوري المعارض “فراس طلاس”، نجل وزير الدفاع الأسبق “مصطفى طلاس”، تساءل عن مصير اللواء “ذو الهمة شاليش”، رئيس الأمن الرئاسي، قائلاً: «منذ سبتمبر/أيلول الماضي اكتشف الروس أنّ أحد مصادر قصف #قاعدة_حميميم بالطيران المسيّر هو مقالع “ذو الهمة شاليش” في جبال #القرداحة، حينها طلبه الروس فأوعز له بشار الأسد بالاختفاء، وتم الحديث عن مبالغ مالية ضخمة عرضت لإغلاق القصة كلها، فهل قام بشار بتسليمه للروس أم رضي الروس بالمبلغ، أم أوعز لأحدهم بقتله؟».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.