بعد عمليةٍ واسعة للشرطة في 26 إقليم فرنسي، أُلقي القبض على 29 مشتبهاً بهم. وبحسب جمعية (مجموعة العائلات المتحدة)، التي تضم أقارب الفرنسيين الموجودين في سوريا والعراق، فقد اُعتقِل بعض الأشخاص ظلماً أو «في ظروفٍ قاسية».

55 عملية تفتيش في 26 إقليم وتوقيف 29 شخصاً، تتراوح أعمارهم بين 22 و 66 عاماً، في مراكز احتجاز الشرطة: هذه هي الحصيلة المنشورة في بيان صحفي مطول في يوم الثلاثاء الماضي من قبل مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب.

وقد تحدث البيان عن عملية ضمت المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي والمديرية المركزية للشرطة القضائية والمكتب المركزي لمكافحة الجرائم المالية الكبرى، بدعم من عشرة فرق مداهمة.

«حملة واسعة النطاق»، يصفها مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب، ويقول بأنها تأتي كجزء من تحقيق أولي فتح في شهر كانون الثاني الماضي، بتهم “تمويل الإرهاب” و”جمعية إرهابية إجرامية”.

فقد رصدت Tracfin، وهي إحدى هيئات وزارة الاقتصاد والمالية المسؤولة عن مكافحة الاحتيال الضريبي وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، “شبكة تمويل” نشطة منذ العام الماضي.

وتستند هذه الشبكة في عملها شراء كوبونات العملات المشفرة في مراكز بيع التبغ الفرنسية، لتقوم بعد ذلك بإرسال بيانات هذه الكوبونات عن طريق الرسائل الآمنة إلى الجهاديين الموجودين في سوريا، حيث يتم صرفها على منصات البيتكوين.

وبحسب النيابة العامة لمكافحة الإرهاب، فإنه يُشتبه في قيام جهاديين فرنسيين، من شمال غربي سوريا، بإنشاء شبكة التمويل هذه. وهما مسعود (س) ووليد (ف)، البالغان من العمر 25 عاماً والموجودان في سوريا منذ عام 2013.

ويشتبه في انتمائهما إلى #هيئة_تحرير_الشام، التي تسيطر على محافظة #إدلب، شمال غربي البلاد. وقد حكم عليهما غيابياً بالسجن عشر سنوات عام 2016 في باريس، وصدرت بحقهما مذكرات توقيف دولية.

وجاء في بيان مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب: «الأموال التي مرت عبر هذه الشبكة، تقدر قيمتها بمئات الآلاف من اليورو. لقد كانوا يستفيدون بشكل خاص من أعضاء #تنظيم_القاعدة الذين ما زالوا مختبئين في شمال غربي سوريا، وكذلك من الجهاديين في تنظيم داعش. أما المحتجزون لدى الشرطة في فرنسا اليوم، فيشتبه في قيامهم بضخ أموال في الشبكة لصالح أقارب لهم محتجزون في سوريا. وبالنسبة لاثنين منهم، فقد لعبوا دور محورياً في ذلك».

مساعدةٌ مادية 

لقد لاقت هذه الحملة؛ شجباً لا نظير له من قبل جمعية (مجموعة العائلات المتحدة). فقد تعرضت العائلات، التي يعيش أحفادها أو أبناء إخوتهم أو أبناء إخوتهم في ظروف قاسية في مخيمي روج والهول في سوريا، للاعتقالات والاحتجاز لدى الشرطة ولحملات التفتيش، بالإضافة إلى استدعاءات من قبل المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي.

واحتجت الجمعية المذكورة في بيان لها على «الاعتقالات في ظروف قاسية، حيث تم اعتقال الآباء وتقييدهم أمام أبنائهم».

وبحسب الجمعية، فإن هذه العائلات أرسلت أموالاً لبناتها أو زوجات أبنائهن المحتجزات حالياً في مخيمات شمال شرقي سوريا التي تديرها الإدارة الكردية، وهي مساعدات معروفة لدى الشرطة منذ سنوات.

وقالت “ماري دوزي” محامية عدد من المحتجزين: «إن السلطات القضائية تعلم جيداً أنه بدون هذه المساعدة المادية، فإن الأطفال في المخيمات في سوريا معرضون بشكلٍ مباشر لخطر الموت».

من جانبه، يقول والد امرأة جهادية محتجزة مع أطفالها في #مخيم_روج لصحيفة ليبراسيون: «الدولة الفرنسية ترفض إعادة هؤلاء الأطفال وتمنع العائلات من تقديم الحد الأدنى من المساعدة لهم. إنها كارثة. نحن لا نرسل أموالاً إلى الجماعات الإرهابية، بل إلى التجار في المخيم الذين يبيعون الفاكهة والخضروات والثياب للأطفال».

ففي هذا المخيم في شمال شرقي سوريا، وكذلك في #مخيم_الهول بمنطقة #الحسكة، تعيش معظم النساء الفرنسيات وأطفالهن منذ سقوط دولة “الخلافة” في أوائل عام 2019، في ظروف صحية يتم إدانتها بشكل منتظم من قبل المنظمات غير الحكومية وكذلك من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

طبيعةٌ مختلفة 

نظراً لأن شركة (ويسترن يونيون) والشركات المماثلة، تمنع بانتظام التحويلات المالية إلى تلك البقعة من الأرض، يمكن للأقارب الذين يعيشون في فرنسا شراء عملات #البيتكوين، مثل تلك المتوفرة في متاجر التبغ، وتحويلها إلى تركيا.

ومن ثم يتم تحويل عملات البيتكوين هذه إلى نقود تمر عبر بلدة في شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، قبل إيصالها إلى مخيم روج وغيره.

وهناك، تقوم الإدارة الكردية للمخيم بجمعها وإعطائها للأسر المستفيدة. ويرسل الأقارب إيصالات التحويل من فرنسا إلى هذه الإدارة الكردية نفسها.

«وفقاً لمعلوماتنا، يرسل آباء النساء والأطفال عموماً ما بين 200 و 300 يورو شهرياً. وهذه الأموال تمر عبر الإدارة الكردية. إنه من السخافة القول إنه تمويل للإرهاب»، يقول قريب أحد المحتجزين.

ويقول مصدر قريب من التحقيق في حديث لـ ليبراسيون: «الموضوع متعلق بشبكة تمويل تجعل من الممكن توجيه الأموال في المنطقة العراقية السورية، حيث يتم استخدامها من قبل أشخاص مختلفين للغاية ولأهداف مختلفة للغاية، بما في ذلك مساعدة العائلات وإعانتهم على الهرب، ولكن كذلك تمويل الجهاد».

وفي اتصالٍ مع صحيفة “ليبراسيون”، قالت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب إنه «مع بعض الاستثناءات، يخضع الأشخاص الذين أرسلوا أموالاً إلى أقاربهم في المخيمات لجلسة استماع مفتوحة. يتعلق هذا بـ 21 شخصاً تعتبر سماع إفادتهم ضرورية لتحديد حجم الشبكة قيد التحقيق وتمويلها بدقة».

ولم يُعتقل سوى ستة مانحين يُشتبه في أنهم أرسلوا أموالاً إلى أقاربهم في المخيمات لضرورات أمنية. ولم يتم بعد تحديد ملفات 23 آخرين محتجزين، لكن من الواضح أن التهم الموجهة إليهم ذات طبيعة مختلفة.

 

المصدر: (Libération.fr)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة