كانَ نهجُ #تركيا تجاه مرتزقة الحرب أن يتم أخذ السوريين، الذين يريدون محاربة #بشار_الأسد، وإعادة تشكيلهم كجزءٍ من #الجيش_السوري_الحر المدعوم من #أنقرة لاستخدامهم في حروبها الخارجية.

وبينما تستمر الأدلة في تعزيز جرائم الحرب التي ارتكبتها المجموعات المدعومة من تركيا في الشمال السوري، يتم اليوم نشر هذه المجموعات في كلّ من #ليبيا و#أذربيجان.

وقد وثّقت #الأمم_المتحدة وجماعات حقوق الإنسان، الانتهاكات المُرتكبة في #عفرين و#تل_أبيض من قبل المجموعات المسلحة السورية المدعومة تركياً، حيث ترتقي هذه الجرائم إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

إن استخدام تركيا للمعارضة السورية المسلحة للقتال في حروبها الخارجية أمرٌ غير اعتيادي على الصعيد الدولي، حيث لا تعمل معظم الدول على تجنيد مقاتلين من دول ثالثة للخوض في حروبهم.

وعلى أية حال، تم استخدام الشركات العسكرية الخاصة ومجموعات المرتزقة بشكل متزايد خلال العقود الأخيرة الماضية. ويتضمن ذلك المرتزقة الذين تم استخدامهم من قبل القوى الغربية وفي الخليج، وكذلك المرتزقة الذين تم استئجارهم من قبل روسيا للخدمة في سوريا وليبيا وإفريقيا.

إلا أن النهج التركي هو الأكثر تعقيداً، لأنه لجأ إلى استخدام السوريين المرتزقة للقتال بشكلٍ علني في بلادهم.

وقد كان نهج تركيا تجاه مرتزقة الحرب أن يتم أخذ السوريين الذين يريدون محاربة “بشار الأسد” وإعادة تدويرهم كجزء من “الجيش السوري الحر”، والذي تم تسميته لاحقاً بـ “الجيش الوطني السوري”.

ومع ذلك، لم تكن هذه القوات “الوطنية” وطنية جداً، حيث كانت مكونة من تشكيلة من المجموعات وغالباً ما كانت مفوضة من قبل أنقرة لارتكاب الانتهاكات ضد الأكراد والمسيحيين والأقليات الأخرى مثل الإيزيديين.

وكان خطابهم ديني يميني متطرف، وغالباً ما كان يتكون من هتافات ضد “الكفار” والكراهية التي تشكل نوع من الإيديولوجية التي قام عليها تنظيم #داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى.

وبالرغم من ذلك، يجادل آخرون بأن الدافع الذي حفز الشباب السوري للانضمام إلى تلك المجموعات لم يكن التطرف الديني، وإنما المال.

وهذا يقودنا إلى تساؤلات حول ما فعلته تركيا بالضبط في إنشاء هذه الجحافل من قوات المرتزقة التي استخدمتها ضد الأكراد في عفرين في عام 2018 ثم مرة أخرى في عام 2019.

فجماعة #أحرار_الشرقية، التي قتلت الناشطة الكردية الشابة #هفرين_خلف، يبدو أنها فعلت ذلك بناءً على طلب من أنقرة. فهل يبحث المرتزقة العسكريون عادةً عن النساء غير المسلحات لقتلهن؟ بالطبع لا. هل ينهب المرتزقة بالطريقة التي تشتهر بها هذه المجموعات المسلحة السورية بالنهب؟ نعم. لكن هل يخطفون النساء ويتاجرون بهن، كما فعلت مجموعات المرتزقة السورية مثل فرقة حمزة في عفرين؟

كل هذا يقودنا إلى تساؤلات حول ما يجب فعله بالعدد الكبير من مجموعات المرتزقة المدعومة من تركيا مثل فرقة حمزة وجيش الإسلام وأحرار الشرقية والسلطان مراد ولواء سليمان شاه.

فالمجموعات التي ذهبت إلى ليبيا، والتي كانت بين 3800 و 17000 منهم، ضمت مزيجاً من المقاتلين. وبحسب موقع Middle East Eye فإن جماعة صقور الشام وفيلق الشام أرسلوا رجالاً إلى هناك كذلك.

وجاء المزيد من مجموعة السلطان مراد التركمان وآخرون من جيش الإسلام. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عناصر من #لواء_المعتصم ذهبوا إلى ليبيا أيضاً. كما يقال أنه تم إرسال أفراد من وحدة سليمان شاه.

إن شبكة الجماعات التي استخدمتها أنقرة في عفرين وتل أبيض في سوريا وفي ليبيا والآن في (ناغورنا كاراباخ) ليست مجرد استخدام لمرة واحدة أو قرار غير مسبوق بسبب الضرورة، بل هي انتهاك صارخ ومحسوب للسوريين ضد السوريين.

لقد استهدفت تركيا السوريين الفقراء والضعفاء لتجنيدهم. من غير المعتاد أن تذهب دولة عضو في #حلف_الناتو إلى اللاجئين وتحاول تجنيدهم للموت في النزاعات الخارجية. لقد فعلت أنقرة ذلك بسبب عدم وجود محاسبة دولية.

لقد سبق وأن جنّد العثمانيون وحدات أخرى من الأجانب، بما في ذلك الإنكشارية، لكن العلاقة مع السوريين لا تبدو مماثلة. ويبدو أكثر أن أنقرة تريد تصديرهم للخارج لإلهائهم عن فشلها في فعل الكثير في سوريا، والتخلص من مجموعة كبيرة من الرجال المسلحين الذين يمكن أن يثيروا الغضب إذا ما بقوا تحت حكم أنقرة، والذين غالباً ما يقاتلون بعضهم البعض.

ويمكن تشبيه طريقة استخدام تركيا لهؤلاء المقاتلين السوريين بما حصل مع الفلسطينيين بعد حرب عام 1948، حيث أصبح ملايين الفلسطينيين لاجئين وانضم بعضهم إلى وحدات مدعومة من دول أجنبية.

وقاتل هؤلاء الفدائيون في صراعات عديدة. وإن لم يتم إرسالهم عادة لخوض حروب خارجية، لكنهم خلقوا كتلة مسلحة من الرجال الذين قاتلوا في أدوار مختلفة على جانبي الصراع، ظاهرياً ضد #إسرائيل.

فهل هل خلقت تركيا “مخلوقاً غريباً جديداً” مع هؤلاء المرتزقة السوريين أم أنه فيلق أجنبي بكل بساطة؟ وهل تتغذى التجربة التركية الحديثة من العهد العثماني والتاريخ الاستعماري لخلق أمثلة أو نماذج حديثة للمقاولين العسكريين والمرتزقة؟

من الواضح أن استخدام المقاتلين لتحويلهم من خوض الحرب ضد بشار الأسد، التي أرادها هؤلاء المقاتلون، إلى إرسالهم إلى الخارج يشكل ظاهرة جديدة. وهي تعتمد في الغالب على إغراء الدفع مع بعض الدعاية الدينية لمحاربة أعداء متخيلين أو “الجهاد” المنتظر.

هذا المزيج من الحوافز الدينية والعرقية والاقتصادية مثير للاهتمام، لكن تركيا هي التي قامت في المقام الأول بتفعيل إساءة معاملة السوريين بإرسالهم إلى أماكن بعيدة وخيانة لقتالهم في سوريا لحملهم على محاربة الأكراد والليبيين والأرمن.

والسؤال هو ما إذا كانت تركيا ستنشئ وحدات دائمة، كما فعلت إيران مع الوكلاء الأجانب، أم أنها تأمل أن تحل هذه المجموعات نفسها يوماً ما وتختفي؟ وإلى أي حد ستقف أحلام أردوغان وأطماعه؟

 

المصدر: (The Jerusalem Post)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.