منذُ بدايةِ أزمة اللاجئين السّوريين، تَجنّب الرئيسُ التركي #رجب_طيب_أردوغان وضع استراتيجيةٍ طويلة المدى لمساعدة هؤلاء اللاجئين أو دمجهم في #تركيا، وعِوضاً عن ذلك، استخدمهم كورقةٍ مساومة مع الاتحاد الأوروبي.

وفي محاولته الأخيرة لاستخدام هؤلاء اللاجئين كسلاح، لم يعد “أردوغان” يمنع محاولاتهم للوصول إلى أوروبا. وحيلته الأخيرة بدفع اللاجئين نحو الحدود اليونانية مع تركيا؛ تُظهر عدم اهتمامه بحال السوريين، وأن #أنقرة تحت قيادته ليست شريكاً مسؤولاً في حلّ أزمة هؤلاء البشر.

فقد أعلن “أردوغان” في الـ 28 شباط الماضي، أن حدود بلاده مع أوروبا “مفتوحة” وطلب من سلطات بلاده عدم منع أي لاجئ من محاولة العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وفي غضون 48 ساعة، كان قد وصل حوالي 13 ألف لاجئ إلى الحدود التركية اليونانية، في حين وصل مئات آخرون إلى الجزر اليونانية المجاورة.

وفي الوقت نفسه، انتشرت الشرطة التركية لمنع أيٍّ من اللاجئين من العودة إلى تركيا، الأمر الذي أجبر #اليونان على نشر جيشه وطلب مؤازرة إضافية من شرطة الحدود الأوروبية “فرونتكس”.

وذهبت الحكومة التركية إلى حد الاشتراك في حملة كاذبة ضد الحكومة اليونانية مدّعيةً بأن اليونان تقتل اللاجئين وتشبيه حالة الحدود بـ “أوشفيتز”.

وفي هذه الحالة، فتح “أردوغان” حدود بلاده لاكتساب قوة تكتيكية في مواجهة أوروبا في المفاوضات، للحصول على مزيدٍ من المساعدة للتعويض عن فشله في هجوم #إدلب وتدفق اللاجئين الذي قد ينتج عنه. فتسلّح “أردوغان” باللاجئين للحصول على التنازلات الدولية، أمراً لم يسبق له مثيل أبداً.

كما أرسلت تركيا في كانون الأول الماضي، مرتزقتها من الثوار السوريين إلى ليبيا لدعم حكومة #الوفاق_الوطني الموالية لأنقرة بزعامة #فايز_السراج من أجل دعم تحالفها البحري مع البلاد ومواجهة العمليات اليونانية والإسرائيلية للتنقيب عن النفط في المنطقة.

وأعلن “أردوغان” في وقتٍ سابق، وبالتحديد في الخامس من أيلول 2019، عن خططٍ لإعادة توطين مليون لاجئ سوري في المنطقة الأمنة شمالي سوريا والتي أسست بالاتفاق مع الولايات المتحدة.

وبعد حوالي أسبوعين، أعلن الرئيس التركي أن هذه المنطقة الآمنة المزمع إنشائها بإمكانها استيعاب 2 إلى 3 مليون سوري، أي ما يعادل تقريباً عدد اللاجئين السوريين في تركيا، وأن بناء المستوطنات قيد العمل.

وقد أدان المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان خطة “أردوغان” «الخبيثة»، حيث لا يمكن اعتبار سوريا آمنة بما يكفي لإعادة اللاجئين إليها.

وخلال الانتخابات البلدية للعام 2019 والمتنازع عليها بشدّة، تم استهداف اللاجئين السوريين من قبل كل من #حزب_العدالة_والتنمية التابع لأردوغان والمعارضة التركية.

حيث بدأت حكومة حزب العدالة والتنمية بمواجهة الركود الاقتصادي في البلاد والمعارضة النشطة في المدن الرئيسية من خلال وضع قيود على السوريين وإجبارهم على التوقيع على العودة الطوعية عند محاولتهم تجديد تصاريح إقامتهم في تركيا خلال العام الماضي.

ونظراً لكون تركيا تغض الطرف وبشكلٍ متزايد عن الأعداد الكبيرة للاجئين الذين يعبرون حدودها بشكلٍ غير قانوني نحو الاتحاد الأوروبي، فقد تفاوضت في الوقت نفسه على عدّة تنازلات من أوروبا لبدء مراقبة حدودها في النهاية والتصدي لتدفق المهاجرين.

وفيما أصبح معروف باتفاق المهاجرين بين تركيا والاتحاد الأوروبي للعام 2016 ، تم منح 3 مليار دولار لتركيا كمساعدة، في حين تلقت وعود أيضاً بإحياء محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والسفر بدون تأشيرة إلى الاتحاد الأوروبي للمواطنين الأتراك.

إلا أن تمويل الاتفاقية انتهى في العام الماضي، وقد شكّل ذلك سابقة سيئة، حيث يمكن لتركيا أن تهدد بإغراق أوروبا باللاجئين ابتزازاً للدول الأوروبية لإجبارها على تقديم التنازلات. وسوف يكون أمراً مقلقاً أن نرى ما هي مطالب تركيا القادمة.

لقد استضافت تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيث يقدر عددهم الآن بـ 3.7 مليون لاجئ. كما استقبلت البلاد أيضاً العديد من اللاجئين الأفغان والعراقيين.

في البداية بدت تركيا مضيفاً نموذجياً للاجئين السوريين، حيث سمحت لهم بالعيش خارج المخيمات وزودتهم بتراخيص الحصول على إقامة وإمكانية العمل وفتح المشاريع التجارية الخاصة. ونتيجة لذلك، أصبح للكثيرين جذور في تركيا وأسسوا سبل عيشهم في البلاد الجديدة.

ومع ذلك، ومع انهيار الاقتصاد التركي، بدأ السياسيون المحليون باستخدام اللاجئين ككبش فداء لإسقاط نتائج أخطائهم الاقتصادية عليهم، حيث بدءوا بفرض قيود على اللاجئين وأعلنت أنقرة أنها ستحجم عن استضافتهم إلى أجل غير مسمى.

مثل هذه التكتيكات، تظهر حقيقة ما يعنيه هؤلاء اللاجئون بالنسبة لتركيا: عبء يمكن استخدامه كسلاح للحصول على تنازلات من الاتحاد الأوروبي.

وكان هناك عدد من التوصيات السياسية بشأن ما يمكن لتركيا أن تفعله في سبيل تحسين اندماج اللاجئين السوريين في البلاد.

في الحقيقة، يتحمل الاتحاد الأوروبي جزءاً من المسؤولية فيما يخص الانتهاكات التي ترتكبها تركيا. فخوف الاتحاد الأوروبي من اللاجئين، بالإضافة إلى قلة التضامن الأوروبي الداخلي أو خطة طويلة الأمد للتعامل مع هذه المسألة، سمح لأردوغان باستغلال أوروبا.

والآن، ومع انتهاء اتفاقية المهاجرين لعام 2016 مع تركيا، يجب على الاتحاد الأوروبي أيضاً أن يكون أكثر صرامة مع تركيا في أيّة محادثات قادمة بدلاً من الرضوخ لابتزازاتها وتهديداتها.

فسجل تركيا نحو اللاجئين على مدى السنوات الأربع الماضية مفزع. وبالتالي، فإن إظهار التساهل نحو سلوكها العدواني، سمح لها فقط بمزيد من الانتهاكات واستغلال اللاجئين.

كما يجب أن تسفر الجولة القادمة من المفاوضات مع تركيا عن نتائج أكثر تفصيلاً بشأن كيفية التعامل مع اللاجئين على المدى البعيد.

ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي الآن، إرسال رسالة دولية مفادها أن تركيا تسيء معاملة اللاجئين المعرضين للخطر بشكلٍ كبير، وأن أيّة مساعدة يجب أن تكون مرتبطة بمعاملتهم الإنسانية.

المصدر: (ekathimerini)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.