أثر “داعش” على البنية التحتية السورية: مناطق سيطرة التنظيم السابقة “أسوأ مناطق سوريا”

أثر “داعش” على البنية التحتية السورية: مناطق سيطرة التنظيم السابقة “أسوأ مناطق سوريا”

تعرضت غالبية مناطق شمال شرق سوريا لدمار شديد، وتحولت غالبية مبانيها ومرافقها العامة إلى أنقاض، وعلى الرغم من أن هذه المناطق شهدت معارك بين أطرافٍ متصارعة عدّة، إلا أن ما ساهم بغالبية الدمار كان المعارك التي أدّت إلى طرد تنظيم #داعش من المنطقة، بتكلفة مادية وبشرية هائلة.

وبينما تجري عمليات خجولة ومحدودة لتأهيل بعض المرافق الضرورية، تبدو عملية إعادة هذه المناطق إلى الحياة بشكلٍ كامل مكلفة للغاية، وقد تستغرق عشرات السنوات.

وكان لدخول التنظيم إلى مناطق شمال شرق سوريا دور أساسي في تدميرها، إذ أنه جعلها ميداناً لمعارك طاحنة، فضلاً عن قيامه بعمليات قصف وتفجير عبوات ناسفة بشكلٍ ممنهج، أسفرت عن مزيد من الدمار والضحايا من المدنيين.

 

 تعمّد التدمير

التقى موقع «الحل نت» مدنياً كان يعيش في فترة حكم تنظيم داعش في مدينة #الرقة، وعاد إليها بعد انتهاء المعارك، وأكد أن «التنظيم كان يتعمّد تدمير المناطق التي كان يسيطر عليها، من خلال نشر آلياته، وسيارات الدفع الرباعي التابعة له، ورفع أعلامه في كل مكان».

وقال الشاهد، الذي رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية: «كان قادة التنظيم يعتقدون أن استدراج طائرات #التحالف_الدولي لقصف وتدمير المناطق وقتل الأشخاص، ومن ثم تصوير الدمار والضحايا على وسائل الإعلام، سوف يجلب تعاطفًا عالمياً لوقف العمليات العسكرية ضدّه، أو حتّى تدخّل جهات دولية لوقف الهجوم»، لافتاً إلى أن ذلك لم يحدث «وخسر المدنيون أرواحهم ومنازلهم».

كما تحدّث عن «مخلفات داعش في الرقّة، ومناطق أخرى شرقي سوريا، وأشدها فتكاً العبوات الناسفة التي زرعها التنظيم، والتي ما تزال تنفجر حتّى الآن، ولا أحد يملك خريطة لتوزّعها».

 

جريمة حرب

يوضّح “فضل عبد الغني”، مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، أن «أسوأ الممارسات، التي ارتكبها التنظيم، تحويل المرافق الحيوية والمدنية إلى مقرّات لأسلحته ومقاتليه، رغم علمه بأنّه مستهدف من التحالف الدولي»، مؤكّدًا أن «هذه جريمة حرب».

وقال “عبد الغني” في حديثه لموقع «الحل نت»: «في التقارير التي أعددناها في الشبكة وثّقنا أن داعش تسبّب بخسائر هائلة في البنى التحتية، والسبب الأساسي تمركزه في أحياء سكنية، ووضع مقاتليه ومعدّاته العسكرية فيها، مما أدّى إلى قصف هذه المناطق من قبل #قوات_سوريا_الديمقراطية والتحالف الدولي».

وأضاف: «وثّقنا قيام عناصر التنظيم بتغيير المناطق التي كانوا يتمركزون فيها، ما يؤدّي لتعريض مناطق جديدة للدمار، وقتل المزيد من المدنيين»، لافتاً إلى أنّ مقاتلي التنظيم «كرّروا التنقّل إلى مناطق جديدة عدّة مرّات، واستهدفوا المناطق السكنية، وقاموا بزرع المتفجّرات والعبوات الناسفة، ما أدّى إلى تدمير المؤسسات والبنى التحتية، ولكن بدرجة أقل».

وفي الثامن والعشرين من مارس/آذار 2018 نشر التحالف الدولي بيانا قال فيه إنه «شنَّ أكثر من أربعة وثلاثين ألف غارة على مواقع يسيطر عليها داعش في سوريا والعراق، ما أسفر عن مقتل 1257 مدنياً».

 

نقاط عالقة

أجرت مؤسّسة “راند” البحثية الأميركية، التي تتخصّص بتقديم دراسات للجيش الأمريكي، دراسةً حول تطوّرات الوضع في شرق سوريا، بعد عامٍ ونصف من هزيمة تنظيم “داعش”، في آخر معاقله في بلدة #الباغوز.

الدراسة اعتبرت أن «البنية التحتية في هذه المناطق أسوأ بمراحل من أي منطقة سورية أخرى، فيوجد نقص حاد في توزيع الماء والكهرباء، ويقلّ النشاط الزراعي والصناعي، ولا يوجد في المنطقة ما يكفي من الجسور والطرق»، وأوضحت الدراسة أن «البنية التحتية تهالكت، والأوضاع المعيشية ساءت».

الجنرال “جوزيف فوتيل”، قائد القيادة المركزية الأمريكية بالشرق الأوسط، قال إن قوات التحالف «حققت كثيراً من التقدم العسكري، لكنني أعتقد أن الجزء الصعب من المهمة ما زال أمامنا، ولذلك نعمل على تحقيق الاستقرار في مناطق سيطرة داعش السابقة، وتدعيم المكاسب، وإعادة الناس إلى منازلها».

وأضاف الضابط الأمريكي: «هناك عدة نقاط لا تزال عالقة، ولم يتم التوافق عليها بين أهالي المنطقة والمجالس المحلية من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى».

وتشير الدراسة إلى أنّه «على الرغم من الحكم الجائر لتنظيم “داعش” لأكثر من ثلاث سنوات شرقي الفرات، وبطشه بكل من يخالفه، إلا أن الأهالي باتوا يسألون أنفسهم اليوم “هل نحن أفضل حالاً الآن؟”».

وأدّت المعارك ضد “داعش” إلى خروج محطتين رئيسيتين للكهرباء عن العمل، إضافة إلى تعطل اثني عشر مستشفى، وتدمير ستة عشر سوقاَ في مدينتي #البوكمال والميادين وحدهما.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.