عام على الاجتياح التركي لرأس العين وتل أبيض: هل أصبحت المدينتان “نموذجاً للحياة المُستقرّة”؟

عام على الاجتياح التركي لرأس العين وتل أبيض: هل أصبحت المدينتان “نموذجاً للحياة المُستقرّة”؟

في التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2019 بدأت القوات التركية، والفصائل السورية الموالية لها، بالهجوم على مدينتي #رأس_العين وتل أبيض، فتغيرت الأوضاع في هاتين المدينتين بشكل كامل، ونزح منهما عدد كبير من الأهالي، لم يعد كثير منهم حتى الآن، رغم انتهاء الأعمال العسكرية.

استمرت المعارك في مدينة #تل_أبيض ما يقارب أربعة أيام فقط،  بينما واجه #الجيش _التركي، والفصائل الموالية له، مقاومة عنيفة في رأس العين من مقاتلي #قوات_سوريا_الديمقراطية “قسد”، استمرت لمدة أحد عشر يوماً، لتنتهي المعركة بسقوط المدينة وانسحاب عناصر “قسد” منها.

وبحسب نشطاء حقوقيين فإن #تركيا تهدف لتغيير ديموغرافية هاتين المنطقتين، كما جرى في منطقة #عفرين، بينما يؤكد مسؤولون في #الائتلاف_الوطني المعارض أن هذا غير صحيح، وينفون وجود حالات نزوح واسعة من المدينتين.

 

كم تبلغ نسبة النزوح؟

يقول الصحفي والناشط الحقوقي “محي الدين عيسو”، وهو من أهالي مدينة رأس العين، إن «تعداد السكان النازحين من منطقتي رأس العين وتل أبيض وصل إلى ربع مليون»، وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «لم يجد النازحون منازل يسكنوها، فمكثوا في الخيم والمدارس، أو توجهوا إلى مخيمات #إقليم_كردستان العراق. المساعدات من المنظمات الأممية لم تكن كافية أبداً، فيما قدمت #الإدارة_الذاتية مساعدات ضئيلة لهم، بسبب ضعف إمكانياتها».

بينما يقول “مضر الأسعد”، رئيس “الهيئة السياسية لمحافظة الحسكة”، التابعة للائتلاف المعارض، إن «نسبة النزوح في رأس العين كانت 10% من السكان، وفي تل أبيض 3% فقط»، ويتساءل في تصريحاته لموقع «الحل نت»: «يبلغ عدد سكان رأس العين ثمانين ألف نسمة فقط، فكيف نزح منهم ربع مليون؟».

الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أعلنت أن حوالي اثني عشر ألف نازح، من رأس العين، يقيمون الآن في مخيم “واشوكاني” وحده، وهو أحد المخيمات التي أعدّتها الإدارة، في مناطق سيطرتها، لاستقبال النازحين.

 

هل هناك حالات خطف وتعذيب؟

“محي الدين عيسو” يؤكد أنه «أثناء دخول تركيا وفصائلها لرأس العين حدثت حالات خطف وتعذيب، وتمت مطالبة أهالي المختطفين بفدى مالية مقابل إطلاق سراح أبنائهم»، وأضاف: «حسب معلوماتي فقد تم قتل مدني واحد تحت التعذيب في رأس العين».

بينما نفى “مضر الأسعد” هذه المعلومات بشكل قاطع، وقال: «لم تحصل حالات خطف نهائياً في رأس العين وتل أبيض»، مضيفاً: «هناك تهويل إعلامي من قبل الوسائل الإعلامية المعادية للثورة السورية»، حسب تعبيره.

“لجنة التحقيق المستقلة المعنية بالانتهاكات في سوريا” تحدثت في تقريرها، الصادر في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن الانتهاكات التي جرت في كل من عفرين ورأس العين على وجه الخصوص، وورد في إحدى فقرات التقرير: «فيما يتعلق بالحوداث التي وقعت في أماكن الاحتجاز، تعرّض المدنيون في كل من رأس العين وعفرين للاحتجاز على يد أفراد #الجيش_الوطني_السوري، في أغلب الأحيان، بسبب صلاتهم السابقة المزعومة بالإدارة الذاتية، ومُنعوا من الاستعانة بمحامٍ، وفي بعض الاحيان استجوبهم مسؤولون أتراك، بمساعدة مترجمين شفويين، قبل احتجازهم أو أثنائه».

 

هل تم الاستيلاء على أملاك ومنازل المدنيين؟

وقالت اللجنة في فقرة أخرى: «على غرار ما حدث في عفرين استولت قوات “الجيش الوطني” على ممتلكات المواطنين الكُرد في رأس العين».

تعقيباً على هذا يقول “محي الدين عيسو” إن «تركيا وعناصر الفصائل استولوا على كافة منازل المُهجّرين في كل من رأس العين وتل أبيض، وبلغ عدد المنازل المستولى عليها قرابة عشرين ألف منزل».

ويروي “عيسو” تجربته الشخصية: «استولت منظمة “IHH” التركية على منزل عائلتي، وحوّلته إلى مركز لتحفيظ القرآن، بمساعدة المجلس المحلي التابع للائتلاف. تواصلت مع القائمين على المنظمة وطلبت منهم إخلاء المنزل، لكنهم رفضوا ذلك، واشترطوا عليي أن أعتذر لهم على الإعلام، لأن نشاطي المدني مسيء لهم، حسب زعمهم».

لجنة التحقيق ذكرت هذه الحادثة في تقريرها: «استولى أفراد من “الفرقة 22” (لواء الحمزة) على منزل أسرة كردية، ثم حولوه إلى إلى معهد للدراسات القرآنية، تديره منظمة غير حكومية تركية، تدعى “هيئة حقوق الإنسان الحريات والإغاثة الإنسانية”، دشنها رسمياً في الثاني والعشرين من حزيران/يونيو والي “شانلي أورفا” في تركيا».

من جهته لم يرد “مضر الأسعد” على استفسارات موقع «الحل نت» حول هذا الموضوع.

 

هل تتمتع المنطقة بالاستقرار والخدمات الأساسية؟

ولكن “مضر الأسعد” تحدث عن «وجود استقرار نسبي في رأس العين وتل أبيض»، مؤكداً أن «تركيا تقدّم الخدمات لهاتين المنطقتين، وتجري الآن عملية إعادة تشغيل البنى التحتية من ماء وكهرباء، كما يتم إعادة بعض المؤسسات الضرورية للعمل، مثل المدارس ومديريتي الزراعة والثروة الحيوانية، كذلك تم افتتاح بعض المعاهد». واستدرك قائلاً: «عدم الاستقرار في المنطقة سببه التفجيرات التي يقوم بها عناصر “قسد”».

وعن خطة إخراج الفصائل من مدينة رأس العين قال “الأسعد” إن «كثيراً من الفصائل خرجت، ولم يبق لهما سوى مكاتب إدارية في المدينة». وينفي في الوقت نفسه وجود اقتتال الداخلي بين الفصائل السورية المعارضة: «لا وجود لاقتتال بين الفصائل، بل تجري معارك بين الفصائل وبعض العصابات المنفلتة، التي تدّعي أنها من فصائل الثورة، وهي في الواقع مجموعات من المجرمين، تأتي من خارج المنطقة، أي من مناطق “قسد” والنظام السوري وميليشيات #إيران. وتم إلقاء القبض على كثير من عناصر هذه المجموعات. ولذلك أصبح هناك نوع من الاستقرار في المنطقة».

وأكد أنه «تم تجهيز بوابة رأس العين التجارية، وبوابة تل أبيض، لتفعيل التجارة بين المدينتين والخارج، وبناء عشرات المدارس، التي التحق بها آلاف الطلاب، قُدمت الكتب والقرطاسية لهم مجاناً، كما تم توظيف ألف ومئتي معلّم في رأس العين».

بينما نفى “محي الدين عيسو” هذا الكلام جملة وتفصيلاً: «غالب المدنيين الذين هُجّروا من رأس العين وتل أبيض لم يعودوا إلى منازلهم، لأن الأوضاع الأمنية غير مستقرة، وهناك اقتتال داخلي دائم بين الفصائل، ومن حاول العودة تم خطفه وتهديده. لذلك أوضاع المدنيين غير مستقرة». وحول توافر الخدمات قال: «المسؤولون الأتراك أكدوا أن المنطقة ستصبح نموذجاً للحياة، وهذه مجرد أكاذيب. تركيا لم تقدم إلى الآن أية خدمات».

وأضاف: «لا يوجد استقرار وهناك انفلات أمني، ومحاولات تغيير ديمغرافية المنطقة، من خلال إخراج الكُرد وجلب مواطنين آخرين إليها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.