بدأت #القوات_النظامية عملياتها العسكرية للسيطرة على جنوبي سوريا، ابتداءاً من #ريف_دمشق وصولاً إلى مدينة #درعا منتصف  2018، وخلال العامين الماضيين، لم تساهم #الحكومة_السورية في تسوية أمور المباني التي تعرّضت للقصف، ومع عودة المواطنين إلى بيوتهم، صارت العودة جحيماً عليهم.

بدت الكثير من المنازل آيلة للسقوط، فضلاً عن انفجاراتٍ غير متوقّعة كانت نتاج مخلّفات لم يخطر ببال من آوى أولاده فيها؛ أن يكون الموت مصيرهم، لا سيما وأن الحكومة كان شعارها تحرير المناطق من الإرهابيين لعودة الأمن والأمان للمواطنين، لكن ما حدث لم يكن بالحسبان.

مُخلّفاتُ القَصف ترفضُ التّسوية

تقول “علياء المصري” /سيدةٌ من درعا/  لـ (الحل نت): «فقدتُ أولادي الأربعة بعد 10 أيام من عودتنا إلى منزلنا في #بلدة_عتمان، الانفجار حصل أثناء لعب الأولاد في بناء بجانب البيت (بيت المونة)، وعند حضور الفرق الأمنية، تبين أن الانفجار ناتج عن عبوّة عنقودية سقطت أثناء قصف الطائرات».

«معظم المباني التي تعرّضت للقصف أو التي كانت في منطقة القصف، لا تصلح للسكن، فضلاً عن أن مواسم الأمطار تُهدّد بشكل خطير هذه المباني، لأنها تصبح آيلة للسقوط في أقرب فرصة»، يقول المهندس “مراد المسالمة” الذي يعمل في بلدية مدينة درعا، لـ (الحل نت).

في حين، يؤكّد الدكتور “زياد الكردي” في مشفى درعا الوطني، على أن «أكثر من 200 شخص بينهم أطفال ونساء، قُتِلوا خلال العامين الماضيين، بعد عودة الأهالي إلى منازلهم دون اتخاذ إجراءات السلامة».

ويقول في حديثٍ لـ (الحل نت): «المناطق التي تعرضت لقصفٍ جوي، تُعدُّ مناطق نارية واحتمال وجود حشوات غير متفجرة بنسبة 90% وهذه الحشوات لم تخضع للتسوية التي فرضها النظام، إنما تعيش لتنفجر، أما بقية المباني؛ فانهيارها عائد لتصدّعها نتيجة الأعمال العسكرية، وعدم قدرة الأهالي على صيانتها وإعادة تأهيلها لارتفاع التكاليف».

البلدياتُ عاجزةٌ عن وضع الخُطط

تُحمّل البلديات التابعة للحكومة السورية مسؤولية انهيار المباني وتصدّعها للمواطنين، مُتحجّجةً بأن الأبنية «مخالفة وعشوائية»، ولا تتّخذ البلدية أيّ إجراءات، إلا بعد إتمام المواطن ترخيص بناءه وتحديد نسبة الدمار والتصدّعات، وعليه تمنح البلدية الترخيص لبناء الطوابق الأولى، ثم الطوابق العلوية.

لكن الأمر يجري لعددٍ محدود من الأبنية، خاصةً وأن «مسألة إعادة الإعمار، تُعدُّ من التّحدّيات الكبيرة التي تواجهها الحكومة، إذ قدّرت الأمم المتحدة كلفتها بنحو 400 مليار دولار». بحسب ما صرح به “المسالمة” لـ (الحل نت).

ويؤكّد أن البلديات «اقترحت بعض الحلول الفردية، تمحورت حول إخلاء البيوت من سكانها وإزالتها بالكامل، وهو بالأمر الصعب على الأهالي، فعودتهم نابعة من عدم قدرتهم على العيش في بيوتٍ تأخذ عوائد مالية، ناهيك عن أن تكلفة الإزالة والترميم سيتحمّلها المواطن، فالبلدية تقترح هذه الحلول لضمان عدم موت العوائل خلال الانهيار».

مُضيفاً: «هناك بعض الدراسات التي شملت توسيع المناطق التي تعجّ بمخلّفات الحرب، وهدم المنازل السابقة ضمن حركة تعويض متبادل، ومع كثرة الشكاوى التي ترد إلى البلديات، توقّفت إحالة الجداول إلى لجان السلامة العامة والبناء في نقابة المهندسين».

لكن ما اتفقت عليه البلديات، هو «أن أي عقار يُصنّف أرضاً زراعية وسليخ لزراعة الحبوب وليست معدة للبناء ولم تدخل بالتنظيم الإداري، ترفع البلدية اليد عنها، ويتحمّل المواطن مسؤولية البناء وسقوطه أو انهياره، لأنها لا تدخل ضمن الخطط الإدارية المُعدّة للسكن، وما تستطيع البلدية فعله، هو عمليات بسيطة للهدم والإخلاء التي تمّت بالفعل، واستهدفت فقط مناطق التطوير العقاري»، بحسب ما نوّه “المسالمة”.

كيف تصدّعت الأبنية؟

«إن الضرّر الواسع الذي لحق بالبنية التحتية للمباني، وبشبكات الصرف الصحي ومياه الشرب، التي كانت هدفاً لطائرات القوات النظامية والروسية، من أهم الأسباب التي أدت لانهيار المباني، خاصةً مع تسرّب مياه الأمطار في فصل الشتاء إلى أساسات البناء» وفق “المسالمة”.

وما يؤكد كلام “المسالمة”، هو اعتراف رئيس مجلس محافظة درعا، خلال لقاءه التلفزيوني الذي ذكر فيه، «أن القذائف الصاروخية تسبّبت بزيادة الضرر»، لكنه أرجع السبب الرئيسي «لعدم مطابقتها للمعايير الفنية والهندسية».

من جانيه، قال متعهّد البناء “مهند أبو زيد” لـ (الحل نت): «إن القذائف الارتجاجية والبراميل المتفجرة، كانت العامل الأهم في انخفاض قدرة تحمّل البناء، إذ تؤثر الانفجارات والضغط الناجم عنها على الأبنية المُعرّضة بشكلٍ مباشر ضمن دائرةٍ يصل نصف قطرها إلى 700 متر، ومجمل الأبنية غير مصممة لتلقي صدمات غير طبيعية وموجّهة كالقنابل، إضافةً لتأثّر التربة بالقصف وعدم قدرتها على تحمّل الوزن، ما قد يؤدي إلى انهيار المبنى».

بالأرقام.. جنوبي سوريا شبه مدمَّر

نشر معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR)، أطلساً يوضّح مدى الدمار الذي لحق بالمحافظات والمدن السورية خلال الأعوام الماضية، فبلغ عدد المباني المدمرة كلياً في غوطة دمشق الشرقية 9353 مبنى، إضافةً إلى 13661 مبنى مدمّر بشكلٍ بالغ، و11122 مدمر بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 34136.

أما منطقة #مخيم_اليرموك و#الحجر_الأسود، جنوبي دمشق، فاحتوت على 2109 بناء مدمّر بشكلٍ كلّي، و1765 مبنى مدمر بشكل بالغ، و1615 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 5489، وفي مدينة #الزبداني بريف دمشق يوجد 659 مبنى مدمر كلياً، و1251 مدمر بشكل بالغ، و1454 بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 3364.

كما بلغ عدد المباني المتضررة كلياً في محافظة درعا 224 مبنى، إضافةً إلى وجود 498 مبنى مدمر بشكل بالغ، و781 بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 1503.

وحدّد البحث معايير لقياس نسبة الدمار، إذ اعتبر المبنى مدمَّر كلياً، إن كان الضرر الملحق به بنسبة من 75 إلى 100%، في حين يُعتَبر مدمراً بشكلٍ بالغ إذا كانت نسبة الضرر من 30 إلى 75%، ويكون مدمراً إلى حدٍّ متوسط، في حال كانت نسبة الضرر من 5 وحتى 30%.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.