في سوريا… مواد “مدعومة” بالاسم فقط والحصول عليها معجزة!

في سوريا… مواد “مدعومة” بالاسم فقط والحصول عليها معجزة!

قبل أكثر من عام، قرّرت #الحكومة السورية للمرة الأولى استخدام “#البطاقة_الذكية” من أجل تسهيل عملية تزويد #السيارات الحكومية بالوقود، ولم يكن للمدنيين أي علاقة بهذه البطاقة.

ولكن بعد أشهر، توسّعت تجربة هذه البطاقة، التي يصفها البعض بأنّها “غبية” لتصل إلى وقود سيارات المدنيين، ثم موادهم الغذائية، والغاز المنزلي، وأخيراَ الخبز.

المواد المدعومة وأسعارها

“البطاقة الذكية” هي عبارة عن “كود حكومي” مربوط بدفتر كل عائلة سورية، ليحدّد عدد أفرادها ويمنحها موادًا أساسية مدعومة حكوميًا استنادًا لعدد أفراد الأسرة.

توضّح بيانات “وزارة #النفط” أن عدد البطاقات الذكية، بلغ ثلاثة ملايين ومئتي ألف بطاقة للأسر، ومليونان ومئتي ألف للآليات.

بدأ استخدام هذه البطاقة لتخصيص كميات وقود #السيارات في العام الماضي، حيث قرّرت الحكومة السورية، حينها تحديد كميّة وقود السيارات الخاصة والعامة شهرياً، لتمنح الخاصة منها 100 ليتر كل شهر، والعامة 300 ليتر.

وبلغ سعر المازوت “المدعوم” 185 ليرة سورية، بينما يبلغ سعر المازوت “الحر” نحو 400 ليرة، ولكنّه غير متوفّر دائماً في الأسواق، وحدّدت الحكومة كميّة 400 ليتر من المازوت لكل عائلة سنوياً للتدفئة، ولكنّها عادت لتخفيضها إلى 200 ليتر تُمنح على دفعتين.

أما سعر #البنزين “المدعوم” فيبلغ 250 ليرة، في حين أن سعر البنزين خارج الدعم 450 ليرة من صنف “أوكتان 90″، و575 ليرة من صنف “أوكتان 95”.

ومن المواد المدعومة، عبوات الغاز المنزلي، حيث يبلغ سعر العبوة المدعومة 3000 ليرة سورية، وهي غير متوفّرة خارج “البطاقة الذكية”، ولكنّها تُباع في “أسواق سوداء” بمبلغ يصل إلى 17 ألف ليرة سورية.

وفي أواخر كانون الثاني الماضي، دخلت موادٌ أخرى إلى عالم “المواد المدعومة”، ومنها الزيت والسمن، والسجائر الوطنية “حمراء”.

وبحسب بيان صادر عن “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” حينها، فإن سعر السكّر المدعوم 350 ليرة، بينما سعر #السكّر الحر 500 ليرة، كما حدّدت سعر الأرز المدعوم بـ 425 في حين أن سعره في الأسواق 625 ليرة، وحدّدت الوزارة كيلو الشاي المدعوم بـ 5475 ليرة، بينما سعره في الأسواق نحو 8 آلاف ليرة.

وحدّدت الوزارة حاجة الفرد الواحد بـ 1 كيلو سكّر، و1 كيلو أرز و200 غرام من الشاي، على ألّا تتجاوز حاجة الأسرة 4 كيلو سكّر و4 كيلو أرز و1 كيلو شاي.

المواطنون يئسوا من الحصول على مخصصاتهم

خلْف هذه الإجراءات الروتينية للحصول على المواد المدعومة، ثمّة معاناة يعيشها المواطنون من أجلها، حيث يحاول الأربعيني “فادي” منذ أسابيع الحصول على الدفعة الأولى من مازوت التدفئة (100 ليتر) ولكن دون جدوى.

يقول فادي: «اتصلت بالمعتمدين عبر القنوات الرسمية أكثر من 20 مرّة، وكانت إجابتهم أنّهم قيّدوا اسمي على الطابور، ولكنّهم لم يخبروني متى سوف يأتوا».

انتاب “فادي” شعورٌ باليأس من قدرته على تأمين #المازوت مع قرب الشتاء، ويقول إنّه في الغالب، لن يحصل على المادة لأن جاره يحاول تحصيلها منذ أكثر من شهر، ولم يأتِ دوره حتّى الآن.

كان أكبر انعكاسات “البطاقة الذكية” على السوريين، دخولها إلى مجال الخبز، حيث حدّد القرار الحكومي حصّة الفرد الواحد بنحو 3.5 رغيف يومياً، وبما أن هذه الكمية لا تكفي، يضطر المدنيون لشراء الخبز (السياحي) بمبلغ 900 ليرة، رغم أن الربطة صغيرة جداً، ولا تقضي كامل الحاجة.

ولكن ربّة المنزل “أم محمد” من حلب، وجدت طريقةً مبتكرة للتعامل مع نقص الخبز، حيث تستخدم دفتر العائلة الخاص بابنتها المتزوجة، والتي تعيش في بريطانيا مع زوجها، من أجل الحصول على كميّة الخبز على هذا الدفتر.

وتقول: «خطرت ببالي الفكرة قبل أشهر، عندما طلبت دفتر عائلة ابنتي لشراء جرّة غاز إضافية، لأن جرّة واحدة شهرياً لا تكفيني، والآن أنا أحصل على كمية مضاعفة من كل المواد المدعومة على دفتر عائلتي، ودفتر عائلة ابنتي».

ثلاث مشكلات مستعصية

قال صحافي متخصّص بالشأن الاقتصادي يعيش في دمشق إن «هناك ثلاث مشكلات مرتبطة بالمواد المدعومة ولكنها غير قابلة للحل».

وأوضح الصحافي، الذي رفض الكشف عن هويته لموقع (الحل نت) أن المشكلة الأولى تكمن في طوابير الانتظار الطويلة، حيث يضطر المواطنون لإهدار الكثير من أوقاتهم أمام أفران الخبز، ومعتمدي الغاز، والمازوت، وأمام محطّات الوقود ومؤسّسات السورية للتجارة، حيث يواجه المواطن شهريًا ما لا يقل عن خمس طوابير في أماكن مختلفة.

أما المشكلة الثانية، فتكمن بأن توفير هذه المواد عبر البطاقة الذكية وعدم فاعلية توزيعها، جعل أسعار ذات المواد مرتفعة جدًا في السوق السوداء وليست بسعرها الحقيقي، استنادًا إلى حاجة المواطنين الذين لا يستطيعون الانتظار لهذه المواد، بحسب الصحافي.

وأضاف أن المشكلة الثالثة والأخيرة، هي أن الكثير من هذه المواد مطروحة على أنّها مدعومة، ولكنّها غير متوفّرة بكل بساطة، حسبما أشار ذات الصحافي قائلًا إن «الكثير من المواد المدعومة غير موجودة في المؤسّسات الاستهلاكية، ويضطر المواطنون للتنقّل بين فرع وآخر بحثاً عن شراء هذه المواد، كما أن المعتمدين لا يمنحون كامل كميّة المازوت المنزلي (200) ليتر، ويقومون بتسليم الدفعة الأولى فقط (100) ليتر، دون تسليم الثانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.