بسببِ التّوتراتِ التي أحدثها مقتلُ مدرّس التاريخ والجغرافيا في #فرنسا على يد شابٍ شيشاني، يُفكّر بعض المسلمين الفرنسيين في مغادرةِ بلادهم إلى بلدٍ آخر «أكثر ترحيبًا بدينهم»، ومن خلال دغدغة مشاعرهم، تريد #تركيا أن تكون الوجهة المثالية لهؤلاء.

تظهرُ في الصفحةِ الأولى من صحيفة (ينيشافاك) وتعني (الفجر الجديد) اليومية التركية المحافظة، امرأتان محجبتان، نشأت كلتيهما في فرنسا وإحداهن اعتنقت الإسلام، وهن تدينان مناخ الإسلاموفوبيا في فرنسا.

«لقد اخترن تركيا حيث يمكنهن العيش بسعادة وحرية»، يقول “داود باشا” على الفيسبوك مُرحّباً. وقد كان “باشا” مُنظّم مجموعة (المهاجرين إلى تركيا) صلة الوصل بين الصحفيين وهاتين المؤمنتين «المرفوضتين في فرنسا بسبب قناعاتهن الدينية» ويسعدهن أن قصتهم تحظى باهتمام وسائل الإعلام التركية.

وكانت ردود أفعال مستخدمي الإنترنت إيجابية، لاسيما من جانب المسلمين الفرنسيين، حيث كتب البعض: «الحمد لله، أتخيل حقاً الهجرة إلى تركيا». وكتب آخرون: «نريد نفس الشيء وبقوة في بلاد إسلامية أخرى إن شاء الله»، بينما تساءل آخرون: «هل يمكن اعتبار ذلك تشجيعاً من رأس هرم الدولة التركية؟».

وقد أحيا اغتيال مدرّس التاريخ والجغرافيا في مدينة #كونفلانز_سانت_أونورين الفرنسية، يوم الجمعة 16 تشرين الأول الجاري، والإجراءات التي أعلنتها الحكومة الفرنسية في أعقاب ذلك، جدلاً متكرراً بين المسلمين المتدينين: البقاء أم الرحيل؟.

فمع كل هجوم إرهابي، وتوقّع ردود فعل سلبية ضدهم، يتشاركُ مسلمو فرنسا أحلامهم وأسئلتهم، متذكرين أن «النبي محمد نفسه قد هاجر من مدينته الأصلية مكة ليعيش ويستقر في مكان آخر في المدينة المنورة».

حُججٌ دينيّة وواقعٌ اقتصادي

المعضلة تمزج بين الحجج الدينية والواقع الاقتصادي القاسي. وتُعدُّ صعوبة العثور على عمل، واحدة من أكثر الأسئلة شيوعاً، خاصة أنه قد يكون من الضروري الاستغناء عن (الضمان الاجتماعي والمدرسة العامة المجانية) الموجودة في فرنسا.

أما القلة التي اتخذت بالفعل زمام المبادرة، فتُقدِّم المساعدة والمشورة لأولئك الذين ما زالوا مترددين. وبدلاً من دولة ذات أغلبية مسلمة، يُفضّل البعض كذلك دولة أوروبية لديها «سياسة أكثر ترحيباً» تجاه الإسلام والمسلمين.

وفي هذه المرة من جديد، تبدو تركيا للبعض نوعاً من الـ (إل دواردو) (الأرض الخرافية حيث يوجد الذهب والأحجار الكريمة بوفرة تفوق الوصف).

«منذ الهجوم الجديد، استأنفت السلطات ووسائل الإعلام التركية خطابها الثلاثي»، يقول المؤرخ والخبير السياسي “صميم أكغونول”.

ويتابع قائلاً: «سواء، وكما ورد في إحدى الصحف التركية: إن الإسلاموفوبيا خلّفت ضحية جديدة. بعبارة أخرى، تم قتل ذلك الأستاذ لأنه كان معادياً للإسلام. وسواء فرضية أخرى معتادة: هذا عمل تم بتكليف من المخابرات الفرنسية. وأخيراً، هناك نوع ثالث من ردود الفعل: الدول الغربية تعامل مسلميها معاملة سيئة، ومن الأفضل لهم أن يلجئوا إلى تركيا، زعيمة العالم الإسلامي».

المُدافِعُ عن مُسلمي أوروبا المُضطهَدين

يحلو للرئيس التركي #رجب_طيب_أردوغان أن يسوّق نفسه بأنه (المدافع عن مسلمي أوربا المضطهدين). فخلال المحاكمة الأخيرة لهجوم مجلة #شارلي_إبدو وهايبر كاشير (هجوم إرهابي على متجر يهودي في باريس)، «انتقد وزير خارجية أردوغان المجلة الأسبوعية الفرنسية، لأنها أعادت نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد»، يتذكر “أكغونول”.

كما كان لوزير “أردوغان” ذاته بعد ذلك، كلمات قاسية للغاية بحق #إيمانويل_ماكرون وخطابه حول (الانفصالية الإسلامية). ولم يتردّد المتحدث باسم #حزب_العدالة_والتنمية في وصف خطاب ماكرون  بـ «الشمولي».

وقد يفسر هذا السياق جزئياً «اهتمام المسلمين المتحدثين بالفرنسية ببلد مثل تركيا». يقول “داود باشا” الذي يُعرّف نفسه بأنه «مواطن فرنسي أصلي مسلم ومغترب في تركيا».

ويؤكّد: «موضوع الهجرة هو أمر يتزايد وبات ملموساً حقاً بين المسلمين الفرنسيين الذين سئموا من تمييزهم بسبب أعمال “فردية منعزلة” قام بها حفنة من الأفراد».

وبالرغم من ذلك، لا يتخيل الباحثون موجة هائلة من “الهجرة” إلى هذا البلد: فهناك حاجز اللغة، بالإضافة إلى معدل البطالة المرتفع في تركيا، ناهيك عن “العنصرية ضد العرب” الراسخة بقوة بين السكان الأتراك.

ويعترف “أركان توغوسلو” باحث الأنثروبولوجية في #مركز_غولن للدراسات بين الثقافات في الجامعة الكاثوليكية في لوفان، قائلاً: «تستخدم تركيا الدين والمشاعر القومية كأدوات للقوة الناعمة. إنها تحاول تأمين الدعم بالطبع من الأتراك في الشتات ولكن كذلك من الشباب المسلمين الآخرين في أوروبا. لكن بين هؤلاء، باستثناء الدوائر المقربة من الإخوان المسلمين، يظل هذا الأمر سطحياً إلى حد ما».

 

المصدر: (La Croix)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.