اتخذت الحكومة السورية، جملة من #القرارات خلال الأيام الأخيرة، تتعلق برفع أسعار #المحروقات، في الوقت الذي تعيش فيه #سوريا أزمة معيشية واقتصادية، تتجلى بوضوح في اصطفاف المدنيين على طوابير لساعات أمام #الأفران ومحطات الوقود لتأمين احتياجاتهم، رغم الوعود الحكومية بإيجاد حل لتلك الأزمات المتفاقمة.

وأمام هذا الاحتقان الشعبي والفشل الحكومي، وفق رأي خبراء #الاقتصاد في معالجة الأزمة، كان من المتوقع أن تشهد معدلات الرواتب والأجور زيادة أمام موجة الغلاء التي شملت جميع مرافق الحياة.

إلا أن الحل كان بمرسوم أصدره الرئيس السوري “#بشار_الأسد” قبل أيام، ويقضي بصرف منحة مالية لمرة واحدة بـ 50 ألف ليرة سورية، للعاملين المدنيين والعسكريين، و40 ألف ليرة لأصحاب المعاشات التقاعدية، وهو مبلغ لا يتعدى في أحسن الأحوال (21 دولاراً) وفق أسعار #الصرف الحالية (2300 ليرة للدولار الواحد).

مبرر لرفع الأسعار

وأثار مرسوم المنحة المالية الذي أصدره الأسد، انتقادات عدة، كونها تشمل فقط العاملين في القطاع الحكومي، إضافة إلى أنها تزامنت مع رفع أسعار #المحروقات، التي ساهمت برفع معظم أسعار السلع الأساسية، في السوق بنسب متفاوتة.

وذلك ناهيك عن الانتقادات التي طالت الحكومة، بعد أن وعد رئيس مجلس الوزراء “#حسين_عرنوس” في جلسة له أمام مجلس الشعب في 24 من أيلول الماضي قائلاً إن: «هناك زيادة قريبة ستطرأ على الرواتب والأجور، وستكون قولاً وفعلاً».

وقال “أبو أيمن” موظف حكومي متقاعد إن «المنحة المالية حصل عليها تجار الأزمات والتجار الكبار قبل أن تصل إلى جيوبنا، من خلال رفع أسعار جميع المواد الغذائية والتموينية بحجة رفع أسعار المحروقات قبل يوم واحد من صدور مرسوم المنحة المالية».

حيث ارتفع سعر ربطة #الخبز_السياحي من 1200 إلى 1600 ليرة، وصحن البيض من 5 آلاف إلى 5500 ليرة، إضافة إلى ارتفاع جديد في أسعار الخضار والفواكه بمعدل 50 إلى 100 ليرة عن كل كيلو، بحسب “أبو أيمن”.

وأضاف الموظف المتقاعد لموقع (الحل نت) «أما قانون الإعفاء الضريبي، الذي رافق صدور مرسوم المنحة، لم استفد منه سوى بمبلغ لا يتجاوز 3 آلاف ليرة، وقضى على الآمال المتعلقة بزيادة الرواتب التي كنت أنتظرها، والنتيجة هي زيادة الأسعار، وبقاء الدخل منخفض الذي بالكاد يسد الرمق».

ورأى “عادل”، موظف في أحد البنوك الحكومية أن «الحكومة دائماً تتحجج بأنها تتحمل تكلفة دعم المواد الأساسية من بنزين وغاز وخبز ومازوت وغيرها، وتترك الناس تصطف في طوابير لساعات طويلة، وبنفس الوقت نجد هذه المواد متوفرة بالسوق السوداء وبأسعار مرتفعة».

وأوضح لموقع (الحل نت) أنه «لو تم تحرير أسعار المواد المدعومة وتوزيع الدعم نقداً حتى يصل الدعم لكل الأسر السورية، عندها تختفي ظاهرة الطوابير، وتختفي معها السوق السوداء لهذه المواد»، مردفاً «المنحة المالية التي حصلنا عليها بمثابة تهدئة للرأي العام، وحالة الاحتقان الحاصلة في الشوارع، نتيجة موجة الغلاء المستعرة».

وكانت وزارة #التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السورية، رفعت سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري الحر إلى 650 ليرة سورية، وسعر ليتر البنزين المدعوم إلى 450 ليرة، وغير المدعوم إلى 1050 ليرة.

وذلك رغم خروج وزير النفط “بسام طعمة” في مقابلة قبل نحو أسبوعين على قناة “الإخبارية السورية” وأكد فيها «عدم وجود نية برفع أسعار المحروقات، وأن الأزمة ستنتهي خلال أيام».

ماذا تشتري الـ50 ألف ليرة؟

في معظم الدراسات الاقتصادية، كانت الكلفة التقديرية لمعيشة أسرة سورية مكوّنة من 5 أفراد تتراوح بين 400 و500 ألف، وهي في الغالب تكاليف مرتبطة بالحصول على الغذاء وأدنى الاحتياجات الأساسية، في حين لا يتجاوز راتب الموظف الحكومي 50 ألف ليرة سورية.

لكن ما الذي يمكن أن يشتريه المواطن السوري بمبلغ 50 ألف ليرة سورية، الذي يعادل راتبه لمدة شهر؟

رصد موقع (الحل نت) أسعار بعض المواد الأساسية في الأسواق، حيث وصل سعر كيلو لحم الخروف لـ20 ألف ليرة سورية، وشرحات الدجاج 9 آلاف ليرة، وكيلو #القهوة 20 ألف ليرة، والشاي 14 ألف، ولتر الزيت 1500، وزيت الزيتون 6500 ليرة للتر الواحد.

وعليه فإن مبلغ الـ50 ألف ليرة يشتري وفق الأسعار الحالية 2.5 كيلو لحم خاروف، أو 5.5 كيلو شرحات دجاج، أو 2.5 كيلو قهوة، أو 3 كيلو شاي، أو 8 ليتر #زيت_الزيتون.

لا زيادة في الرواتب!

قال الباحث الاقتصادي (يونس الكريم) إن «المنحة جاءت في وقت تتصاعد فيه حدة الاحتقان الشعبي ضد السلطات في سوريا، نتيجة كثير من القضايا، وهنا لا بد أن نستذكر الحرائق التي لم يخمد رمادها بعد، والتي ضربت النواة الصلبة والحاضنة الشعبية له، بالتوازي مع رفع الدعم عن المحروقات، الذي صاحبه ارتفاع جديد في السلع المرتفعة في الأساس».

وأضاف الكريم في حديث لموقع (الحل نت) أن «مرسوم المنحة جاء برسالة تريد إيصالها السلطات وعلى رأسها بشار الأسد، وهي أن الدولة تمر بمرحلة صعبة، وأنها تشعر بشعور المواطن، ولذلك فإن هذا المبلغ المقدم هو أقصى ما يستطيعون تقديمه في الفترة الحالية، وهذا يعني أن لا زيادة في الرواتب خلال الفترة القادمة».

وكانت آخر زيادة على رواتب الموظفين العام الماضي، حين أصدر “بشار الأسد” مرسوماً تشريعياً حينها بإضافة مبلغ 20 ألف ليرة سوريّة إلى الرواتب، بعد إضافة التعويض المعيشي المحدد وفقاً للمرسوم 13 لعام 2016، ولاقى المرسوم حينها اعتراضاً واسعاً، بخاصة مع اقتطاع أكثر من نصف الزيادة كضرائب.

وفيما يخص مرسوم تخفيض #الضرائب، الذي تزامن مع قرار المنحة المالية، أشار الباحث الاقتصادي إلى أنه «كان لدى الحكومة خيارين: إما زيادة الرواتب والأجور، وبالتالي زيادة التضخم وارتفاع سعر الصرف مجدداً وخروجه عن نطاق السيطرة، أو تخفيض ضرائب الدولة تمهيداً لتحرير أسعار السلع، بدعوى أن الرواتب باتت معفاة من الضرائب والدولة ستقوم ببيع السلع بنفس تكلفة استيرادها، وبالتالي سيجد الموظفون زيادة في رواتبهم الشهر القادم بعد تخفيض الضرائب عليها، إلا أنهم سيجدون أسعار جديدة للسلع بطريقة لا تتناسب مع دخله المنخفض أصلاً».

وأكد الكريم على أن «هناك مشاكل اقتصادية جوهرية في سوريا، لا يمكن تجاهلها، وهي عدم توفر القطع الأجنبي للاستيراد، وعدم وجود منافذ لدخول المحروقات من الخارج، إضافة إلى أزمة الكورونا وعدم توفر الموازنة الحالية للحكومة».

وتابع أن «هذه المشاكل ستسبب عجز كبير في موازنة العام الحالي، فكان لا بد من التوجه لرفع الدعم وتحرير الأسعار، مقابل منحة مالية لا تكفي لأيام، وتخفيض ضريبة لا تتجاوز قيمتها 5 آلاف ليرة سورية».

وكان وزير المالية “كنان ياغي”، أكد في تصريح تلفزيوني على أن «مرسوم رفع الحد الأدنى للراتب المعفى من الضريبة، يتيح زيادة بحدود 7,000 ليرة على رواتب الفئة الأولى، و5,500 ليرة على رواتب الفئة الثانية، نتيجة تخفيف العبء الضريبي».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.