العنف المجتمعي ينفجر في العراق: أرقام صادمة لجرائم وحشية والأسرة لم تعد بيئةً آمنة للفرد

العنف المجتمعي ينفجر في العراق: أرقام صادمة لجرائم وحشية والأسرة لم تعد بيئةً آمنة للفرد

خلّفت جائحة #كورونا في العراق أزمات نفسية كبيرة جداً، ومشاكل اقتصادية واجتماعية، كان لها ‏دور كبير بارتفاع نسبة الجرائم المجتمعية وزيادة حالات الانتحار، التي باتت تشكل خطراً ‏واضحاً على المجتمع العراقي‎.‎

وتتزايد حالات الانتحار بين النساء، لأسباب كثيرة، منها الابتزاز الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، العنف الأسري، وضغط العادات والتقاليد والتعصب الديني.

وبحسب إحصائية، نشرتها مفوضية حقوق الإنسان في العراق، شهدت البلاد 301 حالة انتحار خلال عام 2020‏، معظمها في العاصمة #بغداد.‎

 

انتحار النساء هرباً من ضغط العائلة

“فاطمة علي” تروي لـ«الحل نت» محاولتها للانتحار، عقب تعرّضا للابتزاز عبر موقع “فيس بوك”: «وصلتني رسالة على الماسنجر الخاص بي، تحتوي على صور ‏ومحادثات خاصة جداً، ولم أستطع حتى الآن التعرّف على شخصية المرسل، الذي ابتزني بطلب مبلغ مالي مقابل عدم نشر الصور والمحادثات، وعندما سألته عن كيفية الحصول عليها أجابني ‏أنه تمكن من اختراق حسابي الشخصي».

وتضيف الفتاة البالغة من العمر اثنين وعشرين عاماً: «لم أستطع إخبار عائلتي بالموضوع، فحاولت بنفسي أن اقنع المبتزّ بالتراجع عن تهديداته، ولكنني لم ‏أنجح، لذلك قررت أن أنتحر، عن طريق تناول الأقراص الخاصة بالأمراض المزمنة».‎

“سعاد” سيدة أخرى حاولت الانتحار عدة مرات، عن طريق تناول سم الفئران وقطع شرايين يدها وشنق نفسها، بعدما منعها أهلها من مواصلة الدراسة، «ضغط الأهل، ‏وحالة الفقر التي تعيشها أسرتي، جعلا مني إنسانة يائسة، وهذا ما شجعني على محاولة الانتحار»، تقول “ٍسعاد” لموقع «الحل نت»‎ .‎

“منى”، البالغة من العمر سبعة وعشرين عاماً، تسرد رواية مشابهة لـ«الحل نت»: «لا أتذكر أياماً ضحكنا فيها أو لعبنا مع والدي، كانت ‏ملامح الانفعال والغضب تسيطر دائماً على وجهه، لا يتركنا نخطو خطوةً واحدة خارج البيت، ‏حتى لزيارة الجيران، حرمني أنا وشقيقاتي الأربع من مواصلة تعليمنا، دون أن يبالي بطموحاتنا ‏وأحلامنا، لذلك قررنا ذات يوم أن نهرب أو ننتحر، للتخلص من الحياة المأساوية التي نعيشها معه، ‏وظلمه وقسوته معنا ومع والدتي» .‏

 

العنف الأسري يولّد الانفجار

“هيام عبد الله”، الناشطة الحقوقية والباحثة في شؤون الأسرة، ترى أن «النساء العراقيات لا زالن ‏محاصرات بأسوار الأعراف الاجتماعية، والسطوة الذكورية عليهن، على الرغم من منحهن كثيراً من ‏الحقوق، بالمقارنة مع السنوات السابقة».‏

وبيّنت “عبد الله” لموقع «الحل نت» أن «النساء لا زالن يعانين من الأفكار المتعصبة ببعض المناطق، خاصة ‏في القرى والأرياف، فهن يزوّجن من طرف بعض الآباء بالغصب والإكراه، ويحرمن من التعليم وحرية التحرك» .‏

بدوره يؤكد “ياسر إسماعيل”، رئيس منظمة “نايا” المدنية، أن «العنف الأسري بات ظاهرة شائعة بالفترة ‏الأخيرة، بسبب غياب القوانين التي تحمي الأسرة، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والأمنية، التي ‏انعكست بشكل كبير على نفسية الفرد في المجتمع العراقي» .‏

ويضيف في حديثه لموقع «الحل نت»: «العنف الأسري يولّد الانفجار لدى الأفراد، لذلك لابد من تضافر الجهود للحد ‏من هذه الظاهرة».‏

 

جرائم وحشية وأرقام صادمة

ويكشف “فاضل الغراوي”، عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق، عن جرائم وحشية وأرقام صادمة، ‏سجلها مكتب المفوضية خلال الأيام الأخيرة.‏

يقول “الغراوي” لموقع «الحل نت» إن «المفوضية سجّلت مؤخراً جرائم وحشية، منها قيام أمهات ‏برمي أولادهن في النهر أو في القمامة، وآباء بتعنيف أولادهم، بطرق لا يمكن لشخص عاقل أن ‏يتصورها، مثل الحرق».‏

المفوضية رصدت «ارتفاع حالات العنف الأسري ومحاولات الانتحار بعموم محافظات العراق ‏في عام 2019، إذ بلغت 594 حالة، تباينت بين الطلق ‏الناري والشنق والحرق والغرق واستخدام السم»، بحسب “الغراوي”.‏

 

تشخيص حكومي لحالات العنف

ويعزو العميد “غالب العطية”، مدير “الشرطة المجتمعية” العراقية، زيادة حالات الانتحار والعنف الأسري إلى ‏«ضعف رقابة الأهل، وتعاملهم بطرق غير عقلانية مع أبنائهم عندما يخطئون».‏

ويكمل “العطية”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «وزارة الداخلية العراقية تسعى جاهدة لتقليل جرائم الانتحار ‏والعنف الأسري، من خلال تواصلها المباشر مع الأسر عن طريق الشرطة المجتمعية والنسوية».‏

ويضيف أن «فقدان رقابة الأهل ومتابعتهم ينعكس بشكل سلبي على الأبناء، كما أن عدم استعانة ‏الأبناء والبنات، من ضحايا الإجرام، بأسرهم، خشية وقوفها ضدهم أو قيامها بمعاقبتهم، زاد حوادث القتل ‏والانتحار في الآونة الأخيرة».‏

 

مشروع قانون الحماية من العنف الأسري

وعلي طاولة #مجلس_النواب_العراقي يُركن مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، الذي لم يُشرّع لغاية الآن، بسبب ‏خلافات الكتل السياسية على بنوده.‏

الخبير القانوني “على التميمي” يرى أن «القانون يجب أن يتناول الجوانب النفسية المؤدية إلى الجريمة، ‏ووضع الحلول لمثل هذه الجرائم بعيداً عن التقاليد، وأن يحافظ في الوقت نفسه على الوشائج ‏الأسرية، ويكون بصبغة عراقية خالصة، بعيدة عن الاستنساخ من قوانين أجنبية»، حسب تعبيره.‏

وأضاف “التميمي” في حديثه لموقع «الحل نت»: «على المُشرّع التركيز على الحلول المسبقة لا العقوبات، ‏من خلال الاهتمام بالبحث الاجتماعي، واستشارة منظمات المجتمع المدني».‏

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.