الاستيلاء على مواسم الزيتون في عفرين: سياسة ممنهجة لفصائل المعارضة أم ممارسات فردية؟

الاستيلاء على مواسم الزيتون في عفرين: سياسة ممنهجة لفصائل المعارضة أم ممارسات فردية؟

في منطقة #عفرين، المشهورة بزراعة الزيتون، لا نختلف معاناة المزارعين هذا العام عن المواسم الزراعية السابقة، في ظل سيطرة #الجيش_التركي، وفصائل المعارضة المسلحة الموالية له، على المنطقة، منذ الثامن عشر من أذار/مارس عام 2018.

حوادث عدة وُثّقت هذا العام لحالات سلب ونهب محصول الزيتون، إضافة لفرض إتاوات على المزارعين، بحجة “حماية الأشجار”، من قبل الفصائل المسلحة، واختلف المبلغ الواجب دفعه عن الأشجار، سواء كانت مثمرة أم لا، من منطقة إلى أخرى، إذ تراوحت بين خمسة وأربعين سنتاً وستة دولارات أميركية عن كل شجرة، باستثناء بعض المناطق التي يتم فيها دفع مبلغ مئتي ليرة سورية فقط، والتي يقع أغلبها تحت سيطرة  فصيل #أحرار_الشام.

 

لماذا بدأ الموسم قبل موعده؟

مع بداية الشهر الحالي، ورغم عدم تساقط الأمطار الضرورية لزيادة كمية الزيت في الزيتون، باشر غالبية أهالي عفرين موسم القطاف، رغم يقينهم أن الثمار غير مكتملة النضج. “أبو شيرو”، مزارع من قرية تقع على مقربة من عفرين، يقول لموقع «الحل نت»: «انتظرت، حتى منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر، تساقط الأمطار، لبدء قطاف الزيتون، لكن قبل أيام فقط تعرّضت كروم القرية للسرقة، وتم ليلاً قطاف محصول ثلاثين شجرة عائدة لي، وعشرات الأشجار الأخرى لجيراني، وهذا ما دفعنا للإسراع بجمع ما تبقى من ثمار الزيتون».

ووثّق نشطاء من أهالي عفرين ومنظمات حقوقية قيام الوافدين إلى عفرين، من أبناء المناطق السورية الأخرى، بسلب محصول ثلاثمئة وخمسين كرم زيتون في المنطقة. ووفق المعلومات، التي تداولها النشطاء، فإن عمليات السلب هذه تحدث تحت حماية بعض فصائل المعارضة، وبتوجيه مباشر منها أحياناً.

وكانت المجالس المحلية، المُشكّلة بعد الاجتياح التركي لعفرين، أصدرت عام 2019 أوامر يُمنع بموجبها أصحاب كروم الزيتون والأراضي الزراعية من استثمارها، إلا بعد استصدار موافقة من المجلس المحلي، وإثبات ملكية الأرض، أو الحصول على وكالة من صاحبها الأساسي.

 

هل نجح الجيش الوطني بضبط المنطقة؟

تعاني المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية والقوات التركية من تدهور الحالة الأمنية  فيها. “يوسف الحمود”، الناطق باسم #الجيش_الوطني السوري، أكد أن فصائل المعارضة تسعى «لضبط المنطقة أمنياً، للمضي في مسار إصلاحي شامل، يعتبر أولوية لقيادة المنطقة على  كافة الملفات الاخرى».

ويتابع “اليوسف” في حديثه لموقع «الحل نت»: «الحالة المعيشية للمواطن من أولوياتنا بوصفنا جيشاً وطنياً، ونحاول تحقيق ذلك من خلال إنشاء المجالس المحلية، ومؤسسات الشرطة المدنية والعسكرية، وكافة المؤسسات الخدمية الأخرى، وقد بدأت تلك المؤسسات بالقيام بمسؤولياتها، ويتم تباعاً نقل كافة الملفات الاقتصادية والخدمية لعهدتها، تمهيداً لوضع المنطقة بالكامل تحت الإدارة المدنية، وتمكين الجيش الوطني من التفرّغ لأي مهام عسكرية مستقبلية».

وأكد “اليوسف” أن «الجيش الوطني تمكّن من إعادة غالبية معاصر الزيتون لأصحابها، والمساعدة في إعادة تجهيزها».

بالمقابل يقول “إبراهيم حمو”، المنحدر من قرية “جقالي جومي”، التابعة لناحية “جنديرس”، والمقيم في قرية “الأحداث” بريف #حلب اليوم: «قَدّمتُ للمجالس المحلية وكالة خاصة من أحد أقربائي، تسمح لي بجني محصول الزيتون ورعايته. العام الماضي حصلت على جزء يسير من الموسم، لكن في هذا العام تمت مصادرة كافة الأملاك، التي يحق لي الانتفاع بها، البالغ عددها تسعمئة شجرة، وتضمينها لصالح الفصيل المسلح في القرية، رغم حيازتي الوكالة الرسمية من قريبي».

ويتساءل “حمو”، البالغ من العمر سبعين عاماً: «خسرنا كل شيء، بيتي تمّت مصادرته، وأملاكي وآلاتي الزراعية سُرقت قبل عامين، كيف لي أن أتابع حياتي مجدداً؟»، مؤكداً «عدم رغبته بالعودة لعفرين بالوقت الحالي، خوفاً على حياة أفراد عائلته».

“حيدر”، اسم مستعار لشاب من إحدى قرى ناحية “شيراوا”، يقول لموقع «الحل نت»: «منذ سيطرة فصيل #الحمزات على قريتنا وأنا أرعى أرض عمي المقيم في #تركيا، ورغم حيازتي لوكالة رسمية ورخصة زراعية صادرة عن المكتب الاقتصادي لفرقة الحمزات، إلا أنه لم يُسمح لي بجني المحصول، إلا بعد موافقتي على تقاسم الإنتاج مناصفةً مع عناصر الفصيل المذكور».

ويتابع “حيدر”: «دفعت المصاريف كافة، وأعمل ليل نهار، ويتم الآن إجباري على تقاسم الإنتاج. لا أدري كيف أتصرف».

 

هل توقفت فصائل المعارضة عن فرض الإتاوات؟

وأصدر “الفيلق الثاني”، التابع للجيش الوطني، منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر، قراراً بمنع فرض إتاوات الحماية على أشجار الزيتون في ثماني قرى فقط بمحيط عفرين، وبعد أيام خرج الجيش الوطني ببيان آخر، يمنع بموجبه فرض الإتاوات على الأشجار المثمرة، بل ويدعو الفصائل لإعادة الأموال المفروضة على المدنيين، لكن هذا القرار صدر بعد سيطرة الفصائل على نسبة كبيرة من موسم الزيتون هذا العام.

بعد صدور هذا القرار أكد بعض الأهالي في ناحية “شيخ الحديد”، التي يسيطر عليها فصيل “العمشات”، لموقع «الحل نت»، «استمرار الفصيل بجمع الإتاوات، إلى جانب أساليب أخرى للاستحواذ على محاصيل المنطقة، مثل “الضمان الإجباري”، الذي يُفرض بموجبه على صاحب الأرض ضمان محصوله، مقابل مبلغ مالي زهيد، لا يغطي مصاريف الخدمة من فلاحة وكساحة، وسبق أن فرضت #فرقة_السلطان_مراد و”فيلق الشام” هذا الأسلوب على المزارعين، تحت طائلة الاتهام بالعلاقة مع الإدارة الذاتية».

“يوسف الحمود” يؤكد «فرض المجالس المحلية ضرائب على المزارعين، لقاء تقديم بعض الخدمات، لكن هذه الضرائب تختلف عن الإتاوات التي تفرضها الفصائل المسلحة»، وحول هذه الجزئية يقول الناطق باسم الجيش الوطني: «نحن لا ننكر، ونشير دائماً لوجود بعض ضعاف النفوس، ممن يحاولون استخدام سلطاتهم بشكل غير مشروع، للتضييق على المزارعين، من خلال الإتاوات، أو عدم حماية الموسم، أو سرقته، وغيرها من الأساليب».

وتمّ تشكيل لجنة تحت مسمى “رد المظالم” مؤخراً في مدينة عفرين، بهدف إعادة الممتلكات لأصحابها، وينوه “اليوسف” إلى أن «حالات السرقة والسلب، التي تحدث في عفرين، تتعارض مع أهداف الجيش الوطني، ومؤسساته المدنية الثورية، ويرفضها كل الغيورين على إنجاح مبادئ ثورتنا»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.