توضّحُ الأجواءُ المتوتّرة في #سوريا مدى انتشار المتطرفين من #إدلب إلى #جرابلس إلى #الرقة ودير الزور. فهذه البقعة من الأراضي في سوريا كان يسيطر عليها تنظيم #داعش أو على الأقل كان يتمتع بنفوذ فيها.

أدى قرار #أنقرة خلق أزمة مع #فرنسا على خلفية عرض الرسوم الكاريكاتورية المسيئة والمعادية للإسلام، إلى وقوع العديد من الهجمات الإرهابية التي استهدفت فرنسا واندلاع  احتجاجات على المقار الدبلوماسية الفرنسية في لبنان وبلدان أخرى.

في وقتٍ صارت الاحتجاجات في سوريا أكثر جدية، حيث لم يكتف المحتجون بالاعتراض والاحتجاج على فرنسا وحسب، وإنما اعتبروا الشاب الشيشاني، البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً والذي قطع رأس المدرّس الفرنسي “بطلاً”.

فقد أدى مقتل المدرّس الفرنسي، الذي اتُّهِم بعرض الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد على تلاميذه خلال الدرس، إلى اتخاذ فرنسا إجراءات صارمة ضد المتطرفين. وتم استغلال ذلك من قبل حكومة أردوغان الموالية للإخوان المسلمين لتدَّعي أن فرنسا “معادية للإسلام”، وتلقي بالشتائم واللعنات على رئيسها #إمانويل_ماكرون.

وقد أظهرت الأجواء المتوترة في سوريا كيف أن المتطرفين، الذين لا يخفي البعض منهم ولائهم ودعمهم لتنظيم داعش أو الإيديولوجيات المرتبطة بالتنظيم، لا يزالون ينتشرون من إدلب إلى جرابلس إلى الرقة  وصولاً إلى دير الزور.

لقد تغيّرت الكثير من الأمور في سوريا منذ القضاء على داعش في الرقة عام 2017، إلا أن تأثير التنظيم لا يزال قائماً. كذلك تتغذى العديد من المجموعات المتطرفة الأخرى من ذات البركة التي غذّت التنظيم.

وتُعدُّ هيئة #تحرير_الشام من بين تلك المجموعات، وهي مجموعة تمتد جذورها لتصل إلى تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى المجموعات السورية المتطرفة التي تتلقى الدعم من تركيا، والتي كان البعض منها ينتمي إلى مجموعات المعارضة السورية الثائرة.

وفي صور نشرت في الثلاثين من شهر تشرين الأول المنصرم، ظهر رجالٌ يصعدون إلى كنيسة في مدينة #الطبقة، والتي كان تنظيم داعش قد دمرها منذ سنوات، ويقومون بإزالة الصليب الجديد. وكان الصليب قد شيّد في الكنيسة مجدداً بعد تحرير المنطقة عام 2017 من قبل #قوات_سوريا_الديمقراطية المدعومة من #الولايات_المتحدة.

وتُعدُّ “الطبقة” واحدة من مناطق عدّة كان يقطنها المسيحيون في سوريا، حيث تشكل القرى المسيحية قوساً يمتد من #نهر_الفرات إلى #دير_الزور ويمتد ليصل إلى #تل_تمر وكذلك على طول #نهر_الخابور.

واستُهدِف المسيحيون في سوريا من جانب تنظيم داعش، ثم من مجموعات المرتزقة المدعومة من تركيا والتي اجتاحت #تل_أبيض عام 2019، حيث شُتّت العديد من الأقليات المسيحية والأرمنية والآشورية الأخرى.

واستهدف المتظاهرون صليب كنيسة الرقة لإظهار قوتهم من جديد رغم سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. ففي الأشهر الأخيرة، تلقت قوات سوريا الديمقراطية معارضة شديدة بسبب مناهج مدرسية ليبرالية أرادت وضعها في المناطق القريبة من نهر الفرات، حيث قاومت الجماعات العشائرية ذلك وطالبت بضرورة وجود نصوص إسلامية محافظة.

كما أظهرت صور الاحتجاجات بين 26 و 29 من شهر تشرين الأول المنصرم رجالاً يرفعون أعلام تنظيم داعش في دير الزور وكذلك ملصقات تحتفي بقطع رأس المدرّس الفرنسي في إدلب. كما ظهر متظاهرون في الرقة مرددين شعارات متطرفة، وكذلك في #رأس_العين “سري كانيه” الواقعة تحت الاحتلال التركي، حيث لوّحوا بأعلام التنظيم الجهادي.

وتنقسم سوريا اليوم بين مناطق سيطرة #الحكومة_السورية في الوسط والجنوب، والمناطق التي تحتلها تركيا في الشمال، بما في ذلك مناطق مثل #عفرين التي تم تطهيرها عرقياً من الأكراد، ومناطق تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشرق.

كما أن للروس والحكومة السورية دور في مناطق عازلة بين مكان وجود #القوات_الأميركية وتركيا. ويشمل ذلك تل تمر والقامشلي ومناطق أخرى.

وتسعى تركيا بشتى السبل إلى تقويض قوات سوريا الديمقراطية، وتريد روسيا ودمشق كذلك إظهار أن المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية ما هي إلا موطن للمتطرفين.

وهذا يعني أن لدى الكثير من الأطراف في سوريا أجندة لدفع التطرف أو تشجيع المتطرفين على التظاهر مع أعلام تنظيم داعش. وليس هناك وجود فرنسي في سوريا، لذا يبدو أن الاحتجاجات المفاجئة ضد فرنسا قد اخترعها إلى حد كبير السكان المحليون الذين تلقوا إرشادات أو دعاية من مجموعات مختلفة مرتبطة بتركيا.

فتركيا لا تدرب وتدعم مجموعات المعارضة السورية المسلحة فحسب، بل تدعم أيضاً مجموعات المرتزقة والمتطرفين الدينيين. وعناصر تنظيم داعش اجتازوا سوريا إلى إدلب للاقتراب من الحدود التركية.

وقد نفذت الولايات المتحدة عدة غارات جوية على مجموعات مرتبطة بالقاعدة في إدلب وأماكن أخرى. وهذا يعني أن الخلايا النائمة لتنظيم داعش لا تزال نشطة في المناطق التي تواجد فيها التنظيم في السابق. وما الاحتجاجات إلا وسيلة لحشد الدعم من خلال التمسك بزعم أن “الإسلام قد أُهين”، بحيث تتمكن هذه الجماعات المتطرفة من الخروج إلى العلن من جديد بحجة “الدفاع عن الإسلام”.

وفي الرقة، هتف المتطرفون المحتجون شعار “خيبر خيبر يا يهود”، بينما يميل العديد من المتطرفين المرتبطين بتنظيم داعش إلى إطلاق هتافات ضد الشيعة والأرمن والأكراد و”الكفار”.

ويبدو أن وسائل الإعلام التركية التي تستخدم الجدل الفرنسي للرسوم الكاريكاتورية للتحريض ضد فرنسا قد أشعلت نيران الاحتجاج في جميع أنحاء سوريا.

وقد بدا هذا واضحاً، لأن الاحتجاجات بدأت في مناطق خاضعة للسيطرة التركيّة ثم امتدت إلى الرقة ودير الزور وأماكن أخرى. وكان الهجوم على كنيسة الطبقة آخر جزء من هذه الحملة.

 

المصدر: (The Jerusalem Post)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.