كان المقيمون في العاصمة النمساوية #فيينا، يحيون ليلتهم الأخيرة قبل بدء إجراءات الحجر الصحي الشامل الذي سيطبق في البلاد نتيجة تفشي فيروس #كورونا.

ربما نظر أحد زبائن المطاعم إلى ساعته فوجد الوقت مبكراً وقرر استكمال السهرة مع أصدقائه، أو ربما قررت أم متعبة أن تواصل تجوّلها دافعة عربة ابنها حتى ينام وتعود به إلى المنزل… وربما أوقف إطلاق النار كل المشاهد السابقة.

مئات الرصاصات سمع صوتها في أرجاء مختلفة من العاصمة النمساوية #فيينا، بعيد الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الاثنين 2 تشرين الثاني /نوفمبر، هاجم مسلحون ستة مواقع مختلفة داخل عاصمة البلد الأوروبي المعروفة بهدوئها وأمنها.

ضمن حصيلة أولية أوقعت الهجمات أربعة ضحايا، أحدهم بجانب كنيس يهودي، ما دفع بالمحققين إلى ربط الاعتداء بمعاداة السامية واليمين المتطرف كفرضية أولية، إلا أن وزارة الداخلية عادت لتؤكد أن المعتدي كان على صلة بتنظيم داعش، وتبنى أفكاراً متطرفة، كما أكد وزير الداخلية النمساوي كارل نيهايمر أن منفذ الاعتداء الدامي نجح في خداع برنامج إعادة تأهيل المتطرفين والمشرفين المكلفين بمتابعة حالته.

ذاك أن منفذ الهجوم الإرهابي كان خضع في 22 أبريل نيسان 2019 إلى حكم قضائي بالسجن لمدة 22 شهراً، على خلفية محاولته الذهاب إلى #سوريا من أجل الالتحاق بتنظيم داعش المتطرف، إلا أن الشاب نجح في تضليل القائمين على برنامج إعادة تأهيل المتطرفين، ما أدى إلى الإفراج المبكر عنه، وهذا ما انتقده وزير الداخلية النمساوي خلال مؤتمر صحفي، أكد فيه اعتقال 14 شخصاً وتنفيذ 18 عملية دهم في مناطق مختلفة من البلاد الواقعة في قلب #أوروبا.

إلى ذلك تواصلت ردود الفعل المنددة بالاعتداء الإرهابي، وسط ارتفاع معدلات القلق من موجة اعتداءات إرهابية على الأراضي الأوروبية، خاصة وأن النمسا هي الدولة الأوروبية الثانية التي تكون مسرحا لعملية إرهابية في أقل من أسبوع، بعد أن شهدت مدينة #نيس جنوب #فرنسا اعتداء على المصلين في إحدى كنائسها أوقع ثلاثة قتلى، بينما اتضح أن منفذ الاعتداء شاب تونسي دخل #فرنسا عن طريق #إيطاليا، في مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر، ونفذ جريمته نتيجة تأثره بالأفكار المتطرفة.

لاقت جريمة #فيينا تنديداً واسعاً رسمياً وشعبياً، وروى شهود عيان عن ليلة رعب عاشتها واحدة من المدن الأكثر أمناً في العالم، والتي تحتضن آلاف المهاجرين الذين وصلوا إليها خلال موجة الهجرة والنزوح الأخيرة من الشرق الأوسط وسوريا خاصة، فيما ربط المحللون العملية الإرهابية بالتحريض الذي تقوده جماعات إسلامية متشددة ضد دول الاتحاد الأوروبي، على خلفية دعمها للمواقف الفرنسية المتمسكة بالدفاع عن حرية التعبير والاعتقاد ومن ضمنها الحريات الدينية، إذ يعتبر تراجع الدول الأوروبية عن هذه الحقوق الأساسية خرقاً واضحاً لأعرافها ودساتيرها، ولما تكفله من حريات وحقوق تشمل المقيمين على أراضيها من مواطنين أو مهاجرين دون تمييز.

ربما نجا الرجل الذي قرّر مواصلة سهرته مع أصدقائه في مطلع هذا التقرير، وربما نجت كذلك المرأة وطفلها، إلا أن المؤكد أن القاتل لم يفكر بهؤلاء البشر الذين هاجمهم ولم يفكر بأطفالهم ولا بأحبائهم ولا بحقهم في الحياة، وستظل هذه الليلة عالقة في ذاكرة سكان المدينة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة