على مدار العامين الماضيين نظرت المحاكم العراقية في أكثر من عشرين ألف قضية ‏إرهاب، ضد المشتبه بانتمائهم لتنظيم #داعش، ومن ثم بدأت ‏بترحيل عدد كبير من النساء والأطفال إلى بلدانهم، في حين بقي عدد آخر منهم ‏في السجون والمخيمات‎ .‎

وما زالت المئات من نساء داعش يسكنّ في مخيمات خاصة بهن، بينما تواجه ‏أخريات أحكاماً قضائية مختلفة، بعد إلقاء القبض عليهن من قبل الأجهزة الأمنية، خلال عمليات تحرير المحافظات العراقية من ‏داعش.‏

 

نساء ينتظرن الإعدام

‏موقع «الحل نت» التقى عدداً من النساء المتهمات بالانتماء للتنظيم، اللواتي تم عرضهن على القضاء ‏العراقي، وينتظرن الآن تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقهن. “أمينة”، ‏اسم مستعار لامرأة سورية، تقول إنها «دخلت مع أفراد عائلتها إلى العراق، ‏بشكل غير قانوني، وعاشوا مع داعش لأكثر من عامين، ولكنها لم تتقاض أي مبالغ ‏مالية من التنظيم».‏

وتضيف: «قبضت علينا القوات الأمنية العراقية في محافظة‏ #نينوى، وتم الحكم عليّ بالإعدام، في محاكمة لم تستغرق سوى دقائق معدودة».‏

وتتابع أن «القاضي حكم على أربع عشرة امرأة بالإعدام خلال ساعتين، لمجرد أنهن ينتمين ‏لداعش، دون معرفة الجرائم التي ارتكبنها»، مشيرة إلى أن «القاضي قال لهن خلال ‏المحاكمة إن مجرمي داعش لا يمكن التهاون معهم، لذلك يجب معاقبتهم بأشد ‏العقوبات».‏

‏”ميري”، محكومة أخرى بالإعدام، تحمل جنسية أجنبية رفضت الإفصاح عنها، قالت إن «أكثر ما جعلني أشعر بالخوف، خلال فترة المحاكمة، هو تحيّز القضاة بشكل أساسي ‏ضد الأفراد الأجانب، فكانوا يرفضون كل الأدلة التي نقدمها دفاعاً عن أنفسنا».

من جهتها تقول “سمية”، وهي زوجة لأحد عناصر داعش: «أرغمني زوجي على ‏العمل مع التنظيم، رغم أن أولادي الاثنين قتلوا في إحدى الغارات الجوية، التي شنها #التحالف_‏الدولي في العراق».‏

وتردف “سمية”: «القاضي أصدر بحقي حكم الإعدام، بمجرد تأكده أنني زوجة ‏داعشي، قام بعمليات إرهابية في قضاء “تلعفر”‎ ‎‏ بمحافظة نينوى».‏

 

دعوات لإعادة النظر في بعض الأحكام

الحقوقي “رفعت ابراهيم” يرى أن «بعض الأحكام التي اصدرت بحق نساء داعش ‏ستؤدي، على الأرجح، إلى أخطاء لا رجعة فيها في تطبيق العدالة»، حسب تعبيره.‏

ويتابع “ابراهيم”، في حديثه  لموقع «الحل نت»، أن «قانون مكافحة الإرهاب في العراق ‏يفرض عقوبة الإعدام دون تمييز على أي شخص ارتكب أعمالاً إرهابية، أو حرّض عليها، أو ‏خطط لها، أو شارك فيها، لذا فإن المحاكم العراقية تفرض عقوبة موحدة على مرتكبي ‏الجرائم ضد الإنسانية، وكذلك على زوجات مقاتلي داعش، اللواتي ربما لم يكن لهن ‏رأي في حياة أزواجهن المهنية والتنظيمية. وهذا لا يطابق العدالة الانسانية، كون المحكومة لم ‏ترتكب ذنباً سوى أنها زوجة لأحد الإرهابيين».‏

إلى ذلك يقول عضو في مفوضية حقوق الانسان بالعراق، رفض الكشف عن اسمه، إن «بعض الأحكام ‏الصادرة بحق نساء داعش تحتاج إلى إعادة النظر فيها، فالعاملات بمهن مدنية، مثل الطهي والطبابة، لا يمكن أن يحكم عليهن ‏بالإعدام».‏

ويشير عضو المفوضية، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «المحاكم ‏العراقية لا تكلّف نفسها عناء التحقيق في بعض الجرائم، التي يُعتقد أن أعضاء ‏داعش ارتكبوها، مثل القتل والاستعباد والاغتصاب. ومع ‏هذا فان وزارة العدل العراقية ترفض مثل هذه الانتقادات، وتُثني على نزاهة قضاتها، ‏ومعايير الإجراءات القانونية في محاكمها».‏

 

وزارة العدل العراقية توضح موقفها

“عبد الستار البيرقدار”، المتحدث باسم وزارة العدل العراقية، يوضح لموقع «الحل نت» موقف الوزارة ‏من تلك الاتهامات، ويقول إن «الأحكام تُطلق على كل من تُثبت الأدلة اشتراكهم بعمليات إرهابية، وخلافا لذلك يتم الافراج عمن ثبتت براءتهم».‏

من جهته يؤكد مصدر مسؤول في سجون وزارة العدل العراقية، رفض الكشف عن هويته، أن ‏‏«حكم الإعدام بحق النساء تم تخفيفه، في كثير من الحالات، إلى السجن المؤبد، وذلك احتراماً لاتفاقات دولية وإنسانية عديدة. ‏والمعتقلات المتورطات بهجمات إرهابية محددة يُحتجزن بشكل منفصل عن ‏بقية السجينات».‏

ويضيف المصدر، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «قوات الأمن العراقية كانت تنوي تسليم قرابة 1350 امرأة أجنبية، و 580 طفلاً، إلى بلدانهم، بعد القبض عليهم في آب/أغسطس الماضي، خلال العمليات العسكرية لتحرير ‏بلدة “تلعفر”، ولكن جائحة #كورونا حالت دون إتمام عملية التسليم».‏

 

مخاوف برلمانية وأهلية من نساء داعش

ورغم الانتقادات الحقوقية لأسلوب التعامل مع نساء داعش فإن كثيراً من سياسيي وأهالي المناطق المحررة من التنظيم لا يبدون، لأسباب كثيرة، تعاطفاً إنسانياً مماثلاً.

«عمل نواب محافظة نينوى في #مجلس_النواب_العراقي على جمع التواقيع لتشريع ‏قانون يمنع عودة نساء داعش، اللواتي يسكنن #مخيم_الهول في سوريا، ‏إلى العراق»، بحسب النائب “نايف الشمري”.‏

“الشمري” يقول لموقع «الحل نت» إن «العراق لديه مخاوف بشأن عودة نساء داعش وأطفالهن من مخيم ‏الهول الى مناطق عراقية، لأنهن مازلن يمثلن قنبلة موقوتة، قد تنفجر في أية لحظة، كما أن تواجدهن، قبل محاسبتهن في المحاكم، يعدّ ‏خطراً كبيراً على البلاد»‎‏.‏

‏”أبو ابراهيم”، أحد سكان نينوى، يؤيد رأي النائب “نايف الشمري”، قائلاً لموقع «الحل نت» إن ‏«أهالي مدينة #الموصل خسروا الكثير بسبب عناصر داعش، وعودة زوجاتهم ستنشر الكراهية، وقد تؤدي إلى عمليات انتقامية، فضلاً عن تفاقم التوتر الأمني».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.