رغم تراجع العمليات القتالية وتوسع سيطرة #الحكومة_السورية على مناطق مختلفة من البلاد منذ التدخل الروسي في سبتمبر 2015، إلا أن محاولات حكومة #دمشق لاستقطاب الاستثمارات وتحسين الواقع الاقتصادي في مناطق سيطرتها يبدو أنها تتجه نحو الفشل، إذ أصدرت #الحكومة_السورية بياناً مالياً خاصاً بمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2020، جاء فيه أن تنفيذ الإنفاق الاستثماري خلال النصف الأول من 2020 بلغ 23 بالمئة فقط من إجمالي الاعتماد النهائي. كما ورد في نص البيان الذي نشرته صحيفة الوطن الموالية بتاريخ 30/10/2020.

حاول البيان الحكومي الإشارة إلى النقاط الأساسية التي تركزت فيها أعلى نسب الإنفاق والاستثمار فذكر:” وزارات النفط والنقل والموارد المائية والتربية.” إلا أن متابعة بسيطة لهذه القطاعات تظهر عمق الأزمة التي تعانيها، إذ ارتفعت أسعار المحروقات خلال الأسبوعين الماضيين ما أدى إلى أزمة نقل خانقة، وتعطيل المواصلات في مدن وبلدات عديدة بسبب غلاء تعرفة النقل، واصطفاف طوابير السيارات أمام محطات الوقود، هذا عدا عن سوء البنية التحتية التي تعانيها الطرقات بوصفها شريان النقل الأساسي في ظل غياب شبكة قطارات أو مطارات فاعلة.

أما بالنسبة لوزارة الموارد المائية والتي ذكرها البيان كواحدة من أعلى نقاط الاستثمار، فمن المعلوم أن مناطق واسعة من أرياف #حماة و #حلب في وسط وشمال #سوريا إضافة إلى ريف #درعا في الجنوب تعاني من نقص حاد في الموارد المائية، وذلك لعدم ترميم شبكات المياه المتضررة أثناء فترة الحرب، وهذه مجرّد أمثلة فقط، إذ يمكن الحديث عن أزمة موارد مائية عامة في البلاد حتى في المناطق التي لم تشهد عمليات حربية أو عسكرية.

إلى ذلك حاول البيان أن يبرر هذا الضعف الكبير في تنفيذ الخطط الاستثمارية، بعزوف المتعهدين عن تقديم المشاريع الجديدة وانسحابهم من مشاريع سابقة قبل إتمامها، ما يعني اعترافاً رسميا من قبل #الحكومة_السورية بعدم قدرتها على استقطاب المستثمرين ورجال الأعمال. رغم أنها وخلال السنوات الأخيرة من عمر #الحرب_السورية أكدت دائماً أنها تسعى لتحسين البيئة الاستثمارية لرؤوس الأموال في #سوريا، وهذا يعني أيضاً أن رؤوس الأموال لن تجازف بالاستثمار في بيئة اقتصادية وسياسية غير آمنة، خاصة وأن #الحكومة_السورية لا تبدي أي تجاوب مع الحلول السياسية المطروحة من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فيما يخضع أغلب رموزها السياسية والعسكرية، إضافة إلى رجال الأعمال المقربين منها للعقوبات الأميركية والأوروبية، وتربط دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية رفع العقوبات بالحل السياسي للأزمة السياسية والحرب التي فتّت البلاد.

هذا وتبدو آثار الأزمة الاقتصادية الخانقة بوضوح على مناطق سيطرة #الحكومة_السورية، إذ بات الحصول على المواد الأساسية كالخبز ومازوت التدفئة يعتمد نظام البطاقة الذكية والتي تحدد مخصصات كل عائلة، بينما انخفض حجم الموازنة العامة للدولة من 17 مليار دولار في عام 2011 إلى 7 مليار دولار في عام 2019 ، بالتزامن مع ارتفاع الدين الخارجي نتيجة الاعتماد على الاستدانة الخارجية من #إيران و #روسيا، ما يعني إخضاع الاقتصاد السوري خلال سنوات قادمة لشروط الدائنين.

إلى ذلك يبدو أن الاقتصاد السوري سيبقى يعاني من حالة الشلل شبه الكاملة التي يعيشها بمختلف قطاعاته الزراعية والصناعية والسياحية وقطاعي الطاقة والنقل، ما لم تستجب الحكومة السورية إلى مطالب المجتمع الدولي بضرورة التسوية السياسية، وهو الشرط الأساسي لرفع العقوبات عنها، هذه العقوبات التي تعتبرها الحكومة السورية حجة أساسية لسوء الوضع الاقتصادي متناسية عشر سنوات من العمليات الحربية والاستدانة الخارجية وشبكات التهريب والفساد التي تتحكم بمفاصل الاقتصاد من قبل الحرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة