يُعتقد أن هجمات تنظيم #داعش الإرهابية الأخيرة في القارة الأوروبية، والتي خلّفت ما لا يقل عن سبعة قتلى، ليست إلا جزء من استراتيجية ما قبل الحظر المخطط لها بدقة من قبل التنظيم.

فقد قُتِل أربعة أشخاص على الأقل يوم الاثنين الماضي وأصيب العديد إصابات بليغة في سلسلة عمليات إطلاق نار في العاصمة النمساوية #فيينا، حيث جاءت تلك الهجمات فقط بعد أيام من مقتل ثلاثة أشخاص في مدينة #نيس الفرنسية وإحباط ثلاث محاولات أخرى في مدن فرنسية مختلفة.

ويرى خبراء إرهاب، بأنه «لا يمكن استبعاد وجود مؤامرة لـ داعش تستهدف أوروبا، وأن التنظيم يستغل بؤرة ما قبل الحظر في أجزاء كبيرة من هذه القارة».

وقد رفعت #المملكة_المتحدة مستوى التهديد الإرهابي لديها إلى أعلى مستوياته يوم الثلاثاء الماضي، مما يعني أنها معرضة بشدة لوقوع هجوم إرهابي في الوقت الذي تستعد فيه المملكة للدخول في حالة حظر.

من جانبه، قال وزير الداخلية النمساوي “كارل نيهامر” أن أحد منفذي الهجوم، والذي قتلته الشرطة برصاصة في فيينا، كان متعاطفاً مع الإسلاميين. فمنفذ عملية فيينا “كوجتم فجزولاي” البالغ من العمر عشرون عاماً وهو من أصول ألبانية، قد نشأ في فيينا وكان معروفاً لدى أجهزة المخابرات. وكان يرتدي حزاماً ناسفاً يوم الهجوم، وتم قتله من قبل الشرطة.

وفي مدينة “نيس” الفرنسية، يُعتقد أن المهاجم #إبراهيم_عيساوي كان مجنداً في صفوف التنظيم، وقد وصل مؤخراً إلى #فرنسا من #تونس. وراح ضحية هجوم “عيساوي” رجل دين واثنان من أبناء الرعية بعد أن قطع المهاجم رأس إحدى الضحايا بشكل جزئي يوم الخميس الماضي. وقد جاء ذلك الهجوم بعد أسابيع من قطع رأس مدرّس في ضواحي #باريس على يد متطرف شيشاني آخر.

يقول “هانز جوزيف شيندلر” مدير مركز أبحاث مشروع مكافحة التطرف: «هجمات فيينا كان قد خطط لها بشكل جيد، وأنها كانت تحمل علامات التحضير الدقيق لتنفيذها بدرجة أكبر مقارنة بنظيراتها الأخيرة في فرنسا».

ويؤكد “شيندلر” بأن نية الإرهابيين «كانت استغلال فترة ما قبل الحظر لاستهداف الأشخاص المجتمعين في ليلة حريتهم الأخيرة». ويتابع قائلاً: «استخدم المهاجم سلاحاً نارياً وبدا وكأنه يتمتع بخبرة عالية وكفاءة في استخدامه».

مضيفاً بأن ذلك «يتطلب التدريب؛ لاسيما عند استخدام مثل هذا النوع من السلاح في موقف شديد التوتر. لذا من المحتمل جداً أن هذا المهاجم كان قد تلقى بعض التدريبات شبه العسكرية على الأقل».

وبحسب “شيندلر” فإنه بعد هذه السلسلة من العمليات الإرهابية “الناجحة” في فرنسا، تكمن المشكلة في صعوبة تحديد ما إذا كانت الهجمات الأخرى جزءاً من خطة أوسع أو ما إذا كانت تحدث فقط لأن الأشخاص المتطرفين يشعرون بمحفزات إضافية للقيام بتنفيذ هجمات في منطقتهم أيضاً.

ويتابع محللاً: «على أيّة حال، ما هو واضح أن منفذ الهجوم في فيينا وشركائه المحتملين قد اختاروا موقع تنفيذ الهجوم وتوقيته بذكاء شديد. فالتحضيرات لاقتناء الأسلحة والذخيرة والتدريب المحتمل لا بد وأن يكون قد تم التخطيط له لفترة طويلة. وقد أتاحت الليلة الماضية فرصة سانحة قبل أن يصبح الموقع المستهدف مستنفذاً من جديد بسبب الحظر الوطني».

من جانبه يرى الخبير الأمني “ماتيو بوغليز” من #جامعة_برشلونة، أن تنظيم داعش قد «أطلق دعوة حاشدة على وسائل التواصل الاجتماعي موجهة لأتباعه، حيث يطالبهم من خلالها بشن هجمات في أوروبا، ومع ذلك، فإنه من السابق لأوانه تحديد السبب الذي دفع مهاجم فيينا لتنفيذ الهجوم».

«لقد كان صغيراً جداً ومن المرجح أنه قد تطرف عبر الإنترنت أو عن طريق بعض أقرانه. من المحتمل أنه فُتن ببروباغاندا تنظيم داعش الإلكترونية. بالتأكيد، هو لم يقم بهذا الهجوم بشكل كامل لوحده، لقد تلقى بعض الدعم اللوجستي من أجل السلاح. طلب تنظيم داعش من أتباعه مؤخراً تنفيذ هجمات في أوربا، ولكن على ما يبدو أن هذا الإرهابي قد قرر التحرك من تلقاء نفسه وإعلان الولاء للتنظيم قبل تنفيذ الهجوم مباشرة. وقد كان واحداً من بين 90 شخصاً كانت السلطات قد منعتهم من السفر إلى سوريا»، يضيف “بوغليز”.

وكانت النمسا خلال السنتين الماضيتين قد اتخذت إجراءات صارمة ضد التطرف وأغلقت مساجد عدّة. وجاء ذلك في أعقاب قضية “ميرساد أوميروفيتش” الذي كان يدير خلية إرهابية لتنظيم داعش في فيينا.

وفي عام 2016، حُكِم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً. ويُعتقد أن “أوميروفيتش” كان مسؤولاً عن تجنيد أكثر من 160 شاباً في فيينا، كما كان مسؤولاً عن التطرف للمراهقات النمساويات “سمرا كيسينوفيتش” 17 عاماً آنذاك، و”سابينا سليموفيتش” التي كانت تبلغ من العمر 15 عاماً آنذاك، والتي انضمت إلى داعش في شهر نيسان 2014، لتصبحا نموذجاً تحتذي به فتيات التنظيم في جميع أنحاء العالم.

ويعتقد الادعاء العام النمساوي كذلك بأن “أوميروفيتش” «غسل دماغ عشرات الشباب للانضمام إلى تنظيم داعش في سوريا». ويرى “بوغليز” أن خلية “أوميروفيتش” وهجمات يوم الاثنين قد تكون مرتبطة.

ويقول: «بعض الشبكات السرية ما زالت تعمل. وقد يكون هناك بعض الارتباط مع شبكة “أوميروفيتش”».

من جانبها، ترى “فيرونيكا هوفينجر” التي تعمل في مجال مكافحة الإرهاب في فيينا، أن الهجمات الأخيرة «جاءت دون سابق إنذار، ولم تكن هناك أي تحذيرات فعلية. لقد ركزنا جل اهتمامنا على الحظر بسبب جائحة #كورونا».

وفي شهر آذار الماضي، نشر أكاديميون في النمسا بحثاً حول تهديد تنظيم داعش، بعد تقريرين حكوميين حول هذه القضية. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 300 نمساوي انضموا إلى تنظيم داعش، مما يجعلها واحدة من الدول الأوروبية التي لديها أعلى حصة من المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق.

وتقول “هوفينجر”: «على الرغم من أن الوضع في النمسا لا يمكن مقارنته بالتحديات في البلدان الأوروبية الأخرى، مثل فرنسا، إلا أن دراستنا تحدد المشكلات القائمة. جميع المستجيبين لدعوات التنظيم، الذين قضوا عقوبة بالسجن، كانوا على اتصال بأفكار متطرفة أو سجناء هناك، لكن معظمهم لم يكونوا متطرفين في السجن».

وكان هجوم يوم الاثنين الماضي، هو أول هجوم لتنظيم «داعش» على الأراضي النمساوية، بعد أن أُحبِطت مؤامرات سابقة في البلاد.

 

المصدر: (The National)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.