في الرابع والعشرين من أغسطس/آب الفائت، قُتل عشرة أشخاص وأُصيب العشرات في الفليبين، بينهم جنود، إثر هجومين، نفذ أحدهما امرأة انتحارية، في منطقة “سولو” الواقعة جنوبي البلاد.

المنطقة، التي وقع الانفجار فيها، تقطنها أكثرية مسلمة، وتنشط فيها جماعة “أبي سيّاف”، المقرّبة من تنظيم #داعش. وجاء الهجومان بعد اعتقال السلطات الفلبينية قياديًا من الجماعة، في شهر آب/أغسطس الماضي، بجزيرة “مينداناو” جنوبي البلاد.

وقبل عدّة أيام، قُتل اثنان وعشرون مدنياً، غالبيتهم من الطلّاب، إثر هجوم مسلّح، استهدف حرم جامعة كابول في #أفغانستان.

تبنّى داعش هجوم جامعة كابول، ولكنّه لم يتبنَّ هجوم الفلبين الذي سبقه، رغم أن كل الدلائل تشير إلى مسؤولية الجماعة المرتبطة به هناك عن الهجومين، فما هي العوامل التي تحكم سياسة تبنّي الهجمات لدى التنظيم.

 

معايير تبنّي الهجمات

“أحمد سلطان”، الباحث مصري في شؤون الحركات الإسلامية المسلّحة، يقول لموقع «الحل نت» إن «هناك مجموعة معايير تحكم سياسة تبنّي الهجوم، أو تأخير تبنّيه، أو حتّى عدم التبنّي».

المعيار الأول، بحسب “سلطان”، هو أن يكون «تبنّي الهجوم يكشف معلومات حسّاسة عن تحرّكات التنظيم؛ بينما المعيار الثاني هو أن يؤدّي التبنّي إلى خلق أزمة داخلية في المجتمع الذي ينشط فيه؛ المعيار الثالث هو تأثيره على الخطاب العام للتنظيم».

يضرب “سلطان” مثالًا هو «هجوم داعش على مسجد “الروضة “في بلدة “بئر العبد” بمنطقة سيناء المصرية، وهو هجوم لم يتبنه التنظيم، رغم أنّه القوّة الوحيدة النشطة في المنطقة، وكان قد وصف المسجد سابقاً بأنّه “زاوية شركية”، خلال افتتاحية في صحيفة “النبأ” التابعة له. وجاء قرار عدم تبنّي الهجوم خوفاً من ردود الأفعال السلبية داخل المجتمع المصري، الذي لن يتسامح مع استهداف المساجد».

وأضاف “سلطان”: «يرجع قرار التبنّي إلى “ديوان الإعلام المركزي” التابع للتنظيم، فبعد تنفيذ العملية يتم إرسال ملفها إلى ديوان الإعلام، وتعالجه لجنة قضائية للبت في قرار التبنّي. وفي عام 2017 واجه ديوان الإعلام المركزي عدّة مشاكل، وحدثت فيه أزمة على خلفية وجود تيارين داخل التنظيم، أحدهما معتدل نسبياً، والثاني أكثر تشدّداً، من المبالغين بالتكفير».

ويوضّح “سلطان” أن «سياسة التنظيم هي تبني أي هجوم يشنه عناصره، ولكن المهم هو توقيت التبنّي، فقد يتأخر الأمر أحياناً، لأن الرسائل لا تصل دائمًا في وقتها المناسب، وفي بعض الأحيان يقرّر ديوان الإعلام المركزي أن التبنّي يثير حفيظة المجتمع، أو يكشف معلومات عن تحرّكات التنظيم».

 

تجربة تبنّي الهجمات في سوريا

خلال سنوات سيطرة “داعش” على مناطق واسعة في شمال شرق سوريا كان يعمل على تبنّي كافة العمليات العسكرية والهجمات التي يقوم بها، ولا سيما عندما كان في أوج قوّته. ولكن من الملاحظ أنّه منذ هزيمته في بلدة #الباغوز، أصبحت غالبية هجماته تتم دون تبنٍّ من قياداته وآلته الإعلامية.

وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر الفائت شنّ التنظيم هجومًا، يعدّ الأعنف، على مناطق واسعة في بادية #البوكمال بريف #دير_الزور، بالتزامن مع هجوم آخر بالأسلحة الثقيلة على أطراف مطار “الحمدان” العسكري. كما شنَّ هجماتٍ منفصلة على مواقع تابعة لقوات سوريا الديمقراطية.

وبعد انقطاع طويل عن تبنّي الهجمات عاد التنظيم، في آخر عدد من صحيفة “”النبأ”، الصادر في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، ليتبنّى «مقتل عشر عناصر من #قوات_سوريا_الديمقراطية، وإصابة آخرين، في شمال شرق سوريا، بينهم قياديون».

وقالت الصحيفة إن «مقاتلي التنظيم اغتالوا، السبت الماضي، القيادي في مجلس دير الزور المحلي “خالد خليف الحمادي”، في بلدة “الصبحة”، وهو أيضًا مسؤول “هيئة محروقات دير الزور”».

وأكد ناشط إعلامي يعيش في سوريا لـ«الحل نت» أن «التنظيم كان يتبنّى جميع عملياته الأمنية والعسكرية، مهما كانت صغيرة، في بداية ظهوره، وذلك لإبقاء اسمه متداولًا على وسائل الإعلام عالمياً».

وأضاف الناشط، الذي رفض الكشف عن هويته، أنه «في مرحلةٍ لاحقة أصبحت رسائل تبنّي الهجمات نوعية، تقوم على اختيار العمليات الأكثر تأثيراً ووضوحاً، لبثّها على الإعلام، لأن الهدف لم يعد إبقاء اسم التنظيم متداولاً، بقدر محاولة إبراز قوّته».

وكان تنظيم داعش يبث، في السنوات السابقة، مقاطع فيديو، عُرفت باسم “إصدارات”، تحتوي على مشاهد مروّعة، وتفنّن في عمليات القتل. ومن أبرز هذه الإصدارات، الفيديو الذي يعرض عملية حرق الطيّار الأردني “معاذ الكساسبة”، وذبح صحافي أمريكي، وتفجير حاسب محمول بناشط في مدينة #الرقة. وبثَّ التنظيم معظم رسائل تبني عملياته عبر وكالة “أعماق” التابعة له.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة