بعد وصول رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي إلى السلطة، نتيجةً لاحتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، كان من أهم أولوياته مكافحة الفساد ومحاسبة قتلة المتظاهرين، وقام بتشكيل عدة لجان تحقيقية، ولكنّ لجانه لاقت سخريةً واستهزاءً من قبل كثيرين في الشارع العراقي .
أهم لجنة شكّلها الكاظمي كانت بغرض التحقيق بمقتل المتظاهرين والناشطين، ولم يتم الكشف عن نتائجها لغاية الآن. ويُفسر بعض المراقبون للشأن السياسي ذلك بـ«الضغوط السياسية، التي تمارسها الأحزاب المتنفذة، لمنع كشف الجناة وتسليمهم إلى العدالة».
فيما يذهب آخرون إلى أن «تشكيل اللجان التحقيقية يأتي في إطار امتصاص الغضب الشعبي، الذي تثيره الأزمات الكبرى في البلاد، لكن الحقيقة هي أن الحكومة العراقية لا تستطيع الإعلان عن أي نتائج تحقيقية، إلا إذا قررت الاستفادة منها لمصالح انتخابية».
إبر تخديرية
المحلل السياسي “أدهم علي” قال إن «اللجان، التي أعلن عنها الكاظمي، ما هي إلا إبر تخديرية، شُكّلت للكشف عن قضايا مهمة وخطيرة، ولكن بلا أية نتيجة مرجوة، ومن دون جدوى».
وأردف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الكاظمي يخوض تحديات عدة في وقت واحد، ويبدو أنه على الطريق الصحيح، ولكن يعمل ببطء شديد في الوقت ذاته، فقد شكّل، على سبيل المثال، “لجنة عليا لملاحقة الفاسدين”، ما يعني عدم الثقة بعمل “لجنة النزاهة” البرلمانية، المتسامحة مع حيتان الفساد الكبار، وضياع كل الوقت الذي استغرقته تحقيقاتها الشكلية».
الخبير الاستراتيجي “إياد الكناني” يرى أن «غالبية اللجان المُشكّلة، من قبل الحكومات المتعاقبة، بما فيها حكومة الكاظمي، تمثل بوابة تسويات سياسية، ومحاولة للرهان على الوقت، والهرب إلى الأمام في مواجهة أية أزمة»، حسب تعبيره.
“الكناني” يقول لموقع “الحل نت” إن «جميع قرارات #الحكومة_العراقية وإصلاحاتها تشير بشكل مباشر إلى احتياجها إلى وقت طويل، ابتداءً من ورقة الإصلاحات الاقتصادية، ومروراً بتحديد موعد اعتباطي للانتخابات، وليس انتهاء بهذه اللجان التحقيقية، الخاصة بالفساد ومقتل المتظاهرين».
ويتابع أن «الكاظمي يحاول أن يروّج لمنجزه، من خلال تشكيل اللجان فقط، وليس خروجها بنتائج حاسمة».
تمييع النائج وعدم عرضها
“كاطع الركابي”، النائب في #البرلمان_العراقي، يرى أن «لجان الكاظمي غالباً ما تأخذ طابع التسويف والمماطلة في عرض النتائج النهائية، وأغلبها فشل في تحقيق مهامه، نتيجة عدم مهنية واستقلالية بعض أعضائها، أو بسبب المجاملة في عمليات التحقيق التي تجريها» .
ويضيف في حديثه لموقع «الحل نت»: «بعض اللجان توصلت إلى نتائج مهمة في قضايا متعددة، لكنها قامت بتمييعها لأسباب مختلفة، فضلا عن وجود ضغوط سياسية، ولكن هذا لا يعني عدم وجود لجان شجاعة، كشفت عن قضايا فساد مختلفة» ، حسب تعبيره.
لجان ذات صلاحيات عليا
“ابراهيم خليل”، استاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، لديه رأي آخر، يوضحه لـ«الحل نت» بالقول: «على الرغم من عدم إعلان نتائج حاسمة من قبل أية لجنة، إلا أن الكاظمي يحاول، بشكل متأنٍ، تفكيك منظومة الفصائل المسلحة، والجهات السياسية الداعمة لها، وجمع ما يكفي من أدلة الإدانة، قبل الشروع في مواجهة مباشرة».
مبيّناً أن «استراتيجية الكاظمي، في المرحلة الحالية، تعتمد جمع الأدلة، وتأجيل الصدام مع جميع الأطراف، وتحديداً السياسية، لحين ترميم أدواته السياسية والعسكرية»، لافتاً إلى أن هذه الاستراتيجية «تعدّ نقطة انطلاق في مواجهة الجماعات المتورطة في قتل المتظاهرين» .
الخبير القانوني “طارق المعموري” يؤكد أن «اللجان التي شكلتها حكومة الكاظمي تختلف عن سابقاتها، لكونها تمتلك، ولأول مرة، صلاحية الاستدعاء والتحقيق، وحق الوصول إلى كافة المعلومات».
وبيّن “المعموري”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «اللجنة الدائمة للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى حصلت على كافة الصلاحيات للتحقيق بالقضايا بشكل متكامل، وإحالتها إلى القضاء، لإصدار أوامر الاعتقال بحق المتهمين، بينما لم تمتلك اللجان السابقة هذ الصلاحيات، وكانت تحيل القضايا منقوصة إلى القضاء».
ويتابع أن «إشراك جهاز مكافحة الإرهاب في اللجنة أيضاً يحصل للمرة الأولى، وهو يدلل على وجود جدّية في عملها، خصوصاً أن الشرطة المحلية، والمكتب التابع لـ”هيئة النزاهة”، لا يستطيعان تنفيذ مذكرات الاعتقال بحق كثير من المسؤولين، بينما يستطيع جهاز مكافحة الإرهاب ذلك».
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.