علاقة الكاظمي بالصدر: خضوع سياسي أم حاجة لحليف شيعي في المعركة ضد “ولاية الفقيه”؟

علاقة الكاظمي بالصدر: خضوع سياسي أم حاجة لحليف شيعي في المعركة ضد “ولاية الفقيه”؟

بدأ الشارع العراقي مؤخّراً بمناقشة مدى تأثير رجل الدين مقتدى #الصدر على رئيس الحكومة العراقية مصطفى #الكاظمي، خصوصاً بعد إنهاء احتجاجات #بغداد، بالتزامن مع الذكرى السنوية لانتفاضة تشرين.

كثير من التدوينات والتغريدات والنقاشات على منصات التواصل الاجتماعي تكاد تتفق أن الصدر داعمٌ للكاظمي بقوة، ويفرض عليه مطالبه وتوجّهاته وخطواته، وأن الأخير ينفّذ ما يطلبه زعيم التيار الصدري.

 

تنفيذ تغريدات الصدر

يتفق السياسي العراقي “غيث التميمي” مع تلك الآراء، ويقول: «لو راجعنا تغريدتين للصدر على موقع “تويتر”، فسنرى أن تحرّكات “الكاظمي” جاءت على مقاسهما. في أواخر أيلول/سبتمبر غرّد الصدر بـ”ضرورة تشكيل لجنة أمنية، برلمانية، عسكرية للتحقيق بالخروقات الأمنية، التي تضعف من هيبة الدولة، وكشف نتائجها للرأي العام”. والكاظمي رحب بسرعة بهذه الفكرة».

ويُضيف “التميمي” في حديثه لموقع «الحل نت»: «التغريدة الثانية جاءت في الذكرى السنوية لانتفاضة “تشرين”، عندما غرّد “الصدر” أن “المندسّين، المدعومين من الخارج، أخرجوا الثورة عن سلميتها، ويجب على الحكومة بسط الأمن وفتح الطرق، وإلا فإن ذلك يدل على التواطؤ مع الأجندات الخارجية”».

«هُنا ماذا فعل “الكاظمي”؟» يسأل “التميمي”، ويُجيب: «سرعان ما أنهى احتجاجات بغداد ورفع المخيّمات من #ساحة_التحرير، وفتح جسر الجمهورية بعد عام من إغلاقه، كما قام بفتح نفق التحرير ومنطقة “السعدون” المحاذية له».

مُردفاً أن: «الأمر الأكثر توضيحاً لتبعية الكاظمي للصدر هو عدم اقترابه من “المطعم التركي”، المعروف بأنه غرفة عمليات ميلشيا “سرايا السلام”، التابعة للتيار الصدري. بالمقابل لم ينتقد الصدر الكاظمي منذ توليه لرئاسة الحكومة، وكان من الداعمين لتوليه المنصب وقت ترشيحه».

 

احتكار المظاهرات

تفصيلة رفع المخيّمات من ساحات الاحتجاج طرحها عديد من الناشطين، قبل سنوية الانتفاضة بشهر ونصف، بهدف «تنظيف الساحة من أنصار الميلشيات، التي نصبت عدة خيم لها في “التحرير”، واندسّت بين المتظاهرين»، حسب تعبيرهم.

ناشطة ومُتظاهرة تعمل مع #الأمم_المتحدة في العراق لا تنكر هذا الأمر، وتقول: «نعم طالبنا برفع المخيّمات، لتفويت الفرصة على الأحزاب المتنفذة وميلشياتها لاستغلال تظاهراتنا، لكن رفع الخيم لم يتم من قبل المحتجّين، إنّما بإشراف من الحكومة العراقية».

وتضيف الناشطة، التي رفضت الكشف عن هويتها: «عندما بحَثنا واستفسرنا عن سبب قيام الكاظمي بهذه الخطوة، اكتشَفنا أنه فعل هذا بتوجيه من الصدر. الأخير هدّدَ الأول بسحب دعمه له، وعدم الوقوف معه، في حال عدم فتحه لساحة التحرير، وإنهاء اعتصاماتها».

وتُبيّن، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «السبب وراء إصرار “الصدر” على إنهاء التظاهرات هو خشيته من أن تسقط ورقته، التي يهدّد بها خصومه السياسيين دائماً، وهي سيطرته على الشارع، فهو يريد أن يحتكر التظاهر لأنصاره فقط».

 

معركة مشتركة ضد “ولاية الفقيه”

مُستشارو الكاظمي، والمقربون من #الحكومة_العراقية، انتقدوا معظم الشخصيات والأسماء الموجودة والفاعلة في العملية السياسية منذ عام 2003، لكنهم لم ينتقدوا الصدر، لا هُم ولا الكاظمي نفسه، الذي أثنى على مواقف “الصدر” في مقابلة متلفزة.

الكاتب والمحلل “سرمد الطائي”، المعروف بقربه من حكومة الكاظمي ودعمه لها، قال قبل أسبوعين، في لقاء تلفزيوني، إن الصدر «له وزنه وثقله»، وأن الكاظمي «يُعوّل علَيه بالوقوف إلى جانبه، في معركة مقبلة، سيأتي اليوم ليخوضها ضد الميليشيات».

كما أكّد أن الكاظمي «سيعلن الوقوف بوجه الميلشيات، التي ترتبط بمشروع “ولاية الفقيه”، والمنفّذة لأجندة #إيران في العراق، وسيرفع الصدر سلاحه مع الكاظمي ضد الميلشيات، لإنهاء هيمنتها على الدولة العراقية».

 

لا نفي ولا تأكيد

عُرفَ زعيم التيار الصدري برفضه لمن لا يتفق معه علانية من المسؤولين العراقيين، وبدأ بذلك منذ حقبة رئيس الوزراء الأسبق “نوري المالكي”، كما انتقد رئيس الحكومة السابقة “عادل عبد المهدي” كثيراً، ورفض كثيراً من الأسماء التي طرحت لمنصب رئاسة الحكومة خلفاً لـ”عبد المهدي”.

وقال “الصدر”، في مقابلة مع محطّة “الشرقية” العراقية، إنه «لم تمر حكومة ما، منذ 2003، دون تدخّله أو موافقته عليها، وعندما تبتعد عن “الخط الوطني” فسينتقدها ويقف بالضد منها»، حسب تعبيره، لكنه لم ينتقد حكومة الكاظمي حتى اللحظة، فهل هي تطابق تماماً “الخط الوطني” كما يفهمه الصدر؟

أحد المُقرّبين من مكتب زعيم التيار الصدري، رفض الكشف عن اسمه، لم يُؤكّد دعم الصدر للكاظمي، لكنه لم ينفِه بالوقت نفسه، وقال إن الصدر: «تهمه مصلحة العراق أولاً، وطالما تتصرف الحكومة العراقية بشكل صحيح فهو لا يقف بوجهها».

وأضاف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الحكومة الحالية لم تنفّذ كل ما هو مطلوب منها بعد، لكنها تسير بالطريق السليم، ولم نرَ منها أي تصرفات خاطئة، لهذا لم ينتقدها السيّد الصدر بعد، فهو لا يخاصم لاعتبارات شخصية، بل لأجل المصلحة العامة».

 

يُساير لأجل مشروعه

المعطيات السابقة تُشير إلى رضا الصدر عن الكاظمي ودعمه له، كما تشير لترحيب الأخير بوصايا ومقترحات وتوجيهات الأول، فما سبب هذا؟

الباحثة السياسية “ريم الجاف” تقول لـ«الحل نت» إن «الكاظمي يتناغم مع طروحات الصدر كي لا يخسر دعمه، لأنه يعلم جيداً مدى قوته، وخسارة دعم الصدر ستؤدي لسحب البساط منه عاجلاً أو آجلاً».

وتضيف “الجاف”: «كذلك فإن الكاظمي له طموح ومشروع سياسي، فهو يسعى للدخول بقوة في الانتخابات المبكرة، وإذا خالفَ توجيهات مقتدى الصدر فإن مشروعه سيكون عرضة للفشل، حتى قبل أن يبدأ به، لذا فهو يساير الصدر، ليتمكن من إكمال مشروعه».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة