من العاصمة #دمشق، التي تشهد طوابيراً على #الخبز، وانقطاعاً متواصلاً للكهرباء، وفقدان مازوت #التدفئة والغاز، وتدهوراً بقيمة #الليرة يوماً بعد يوم وسط موجة استياء شعبي، بدأت أعمال “المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين” كما أطلقت عليه السلطات السورية.

الدول التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين لم تحضر!

المؤتمر الذي نظمته ورتبته #روسيا، وبدأت أعماله بعد الانتخابات #الأميركية فوراً، لم يكن دولياً فعلاً، وانحصر بحلفاء روسيا وإيران والسلطات، ولم يشهد مشاركة ولا دولة عربية أو غير عربية تضم لاجئين سوريين، سوى لبنان التي كانت طوال السنوات السابقة تنادي وتطالب بإعادتهم إلى بلدهم لعدم قدرتها سواء لوجستياً أو اقتصادياً على احتوائهم، أو الحصول على دعم مالي مقابل بقائهم.

الدول التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين لم تحضر رغم دعوتها، حيث فشلت روسيا بجذب الدول المؤثرة في الملف مثل تركيا والأردن وأوروبا ومصر وأميركا، باستثناء #تركيا التي لم توجه إليها دعوة أصلاً، حيث وصفت وزارة الخارجية السورية دور أنقرة بملف اللاجئين بأنه “مخرب”.

واقتصر الحضور على 27 دولة منها 7 دول عربية فقط وهي الإمارات – #لبنان – عمان – وفلسطين، والجزائر، والصومال – العراق – موريتانيا، وباقي الدول منها: كوبا – #الصين – سيريلانكا – بيلاروس – باكستان – الأرجنتين – أبخازيا – روسيا – كولومبيا – إيران – البرازيل – جنوب أفريقيا – نيجيريا – صربيا – الفلبين – فنزويلا – كازاخستان – كوريا الشمالية – الهند – الفاتيكان.

مؤيدون ينتقدون.. وهدف سياسي لإظهار أن “سوريا انتصرت”

وشكك كثير من السوريين المؤيدين للسلطات السورية، من جدوى #المؤتمر، بخاصة أن الوضع #الاقتصادي في البلد المدمرة لا يحتمل ملاييناً إضافية من البشر تريد أن تأكل الخبز وتستهلك #الكهرباء والمحروقات وفقاً لما كتبه البعض على صفحات فيسبوك، بينما أكد آخرون أن السوريين في الداخل يبحثون عن مخرج للهجرة نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، التي لا تشجع أحداً على العودة.

ويرى كثير من الخبراء، أن المؤتمر المنعقد له هدفان سياسي واقتصادي، وهو بعيد كل البعد عن إعادة اللاجئين إلى بلادهم، كون عودتهم مرتبطة بانتقال سياسي كشرط أساسي ضماناً لسلامتهم الأمنية في الدرجة الأولى، وهذا الشرط يقتنع به ملايين اللاجئين حول العالم والدول التي تستضيفهم، إضافة إلى أن البنى التحتية المدمرة والوضع الاقتصادي في سوريا لا يسمح بمثل هذه الخطوة.

ويؤكد مطلعون على الملف وخبراء في السياسة بدمشق لموقع (الحل نت)، أن «الهدف السياسي الأساسي للمؤتمر، هو إظهار سوريا على أنها انتصرت ووصلت إلى نقطة النهاية بإعادة السوريين من حول العالم بضمانة دولية تجبر المقاطعين للسلطات على التعامل معه، إضافة إلى قطع الطريق أمام من يحملون ورقة اللاجئين ومنعهم من اللعب بها في حال حدثت أي مفاوضات».

ويرى الخبراء أن «المؤتمر، يجعل شرعية أي حديث حول اللاجئين محصورة بقبول المشاركين فيه، وقد رعت روسيا ذلك كونها اللاعب الدولي الأكبر، الذي اعتاد على ممارسة السياسة استناداً إلى ما يسميه بالشرعية الدولية والقانون الدولي، وبالتالي سيكون أي مؤتمر خاص بالقضية خارج دمشق ليس شرعياً».

المؤتمر باب للتسول!

أما اقتصادياً، فيرى خبراء معارضون، أن المؤتمر هو “باب تسول” أو كما يقال “حملة جمع تبرعات”، تستطيع السلطات من خلالها جمع الأموال باسم اللاجئين للالتفاف على قانون قيصر، عبر شركات تحمل شعار إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية تمهيداً لعودة اللاجئين، مؤكدين أنه أيضاً باباً لتشريع السطوة الروسية على البلاد باسم مشاريع إعادة الإعمار.

وأعلنت روسيا فعلاً ضمن المؤتمر عن نيتها ضخ مليار دولار في سوريا لإصلاح قطاع الكهرباء الصناعات وأغراض إنسانية أخرى لم تسمها، مشيرةً إلى نيتها توقيع 8 مذكرات تعاون في مجالات الطاقة والجمارك والتعليم، بما يتيح عودة اللاجئين السوريين، إضافة إلى 9 اتفاقيات ومذكرات أخرى بين الإدارات الروسية والسورية لم يتم تحديدها، وفقاً لوكالة (سبوتنيك) الروسية.

إيران لم تقف متفرجة بدورها، حيث اقترح كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني “علي أصغر خاجي”، إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار في سوريا، «نظراً لأهمية الموضوع وتأثيره المباشر على عودة اللاجئين»، مطالباً المجتمع الدولي بتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين عبر تقديم المساعدات الإنسانية والتعاون في إعادة الإعمار وتحسين البنية التحتية.

الإعلانين السابقين، بمثابة تشجيع للمؤتمرين لبدء ضخ الأموال في سوريا باسم اللاجئين وتحت رقابة الأمم المتحدة، التي حضرت المؤتمر بصفة مراقب، وبالتالي قد يكون المؤتمر باباً للالتفاف على قانون قيصر، وبدء الاستثمارات بسوريا عبر شركات مختلفة الجنسيات خاصة بحضور دولتين مثل الإمارات وعمان.

الالتفاف على عقوبات قيصر

الخبير الاقتصادي “يونس كريم”، أكد ما ذكر، وقال لموقع (الحل نت)، إن «#المؤتمر جاء على خلفية عدة قضايا هامة على المستوى الاقتصاد السياسي، منها محاولة فك العزلة عن السلطات السورية المقبلة على انتخابات رئاسية العام المقبل، وهي من خلال هذا المؤتمر تحاول حشد كتلة حلفاء».

وأضاف أنه «لا يمكن أن تستقبل السلطات السورية هذا العدد الهائل من اللاجئين مع بنية تحتية منهارة تحتاج لإعمار بمليارات الدولارات، ولذلك كان لا بد من المؤتمر ليقوم بالتسويق لمشاريع إعادة الإعمار»، مشيراً إلى أن «السلطات ستدخل شريكاً بمشاريع الإيرانيين والروس ليؤمن لنفسها وارد مالي من جديد».

وتابع أن «معدل الفقر بحسب التقارير الدولية يتراوح ما بين 85  – 93% سواء داخل سوريا أو مناطق اللجوء، وبالتالي أغلب اللاجئين فقراء جداً خاصة في المخيمات، واستقبالهم صعب جداً، وعلى الدول التي سترسل اللاجئين ضخ الأموال للبنى التحتية عبر الأمم المتحدة التي ستضع خطط إعادة الإعمار والتنمية».

وبحسب كريم، من المتوقع إطلاق ملف “إعادة الإعمار” لإعادة اللاجئين بعد المؤتمر، وهذه هي البوابة التي يعتقد النظام أنه يستطيع الولوج بها إلى المستوى الدولي لكسر الحصار، وهذا لا يتعارض مع قانون قيصر الذي يمنع الدعم المباشر عن السلطات السورية فقط، وبالتالي يمكن أن تبدأ عملية إعادة الإعمار عبر منظمات المجتمع المدني.

وتوقع أن تنطلق عملية إعادة الإعمار عبر منظمات المجتمع المدني، التي يدعمها قانون #قيصر، لتكون السلطات السورية مشاركاً بها عبر تأسيس عدد منها على غرار مؤسسة “العرين”، إضافة إلى شركات دولية وعربية كان لديها قطاعات استثمارية في سوريا، ستعيد تدويرها على أنها لمصلحة المواطنين، هروباً من قانون قيصر.

ولفت كريم إلى أن  قرارات عدة صدرت قبل انعقاد المؤتمر، منها بما يخص البدل النقدي للخدمة العسكرية، الذي شمل من كانت مدة مكوثه خارج سوريا عاماً واحداً فقط مقابل 10 آلاف دولار، علماً أن أغلب السوريين في الخارج هم بسن التكليف أو بسن الاحتياط، وبالتالي عند عودة اللاجئين سترفد خزينة الدفاع بالأموال اللازمة، التي تصل الأذرع الأمنية وجزء بسيط منها يصل إلى الحكومة وإعادة الإعمار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.