مع استمرار معاناة نازحي عفرين: ما الجهات المسؤولة عن حصار وقصف وتجويع منطقة “الشهباء”؟

مع استمرار معاناة نازحي عفرين: ما الجهات المسؤولة عن حصار وقصف وتجويع منطقة “الشهباء”؟

تشهد منطقة “الشهباء”، الواقعة بريف #حلب الشمالي، أزمة معيشية حادة، وانقطاعاً للسلع والمواد الأساسية، منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر، وسط اتهامات، وجهها مسؤولون في #الإدارة_الذاتية لحواجز #الفرقة_الرابعة، التابعة للقوات النظامية، والتي تتحكم بالطرق الرئيسية المؤدية للشهباء، بفرض حصار على الأهالي. ويعاني حوالي مئة وخمسين ألف شخص، من مُهجري مدينة #عفرين في المنطقة، أوضاعاً مأساوية، جراء الحصار، إضافة لاستمرار القصف والاشتباكات بين “قوات تحرير عفرين” والفصائل المسلحة المعارضة، المرتبطة بتركيا.

ويقيم قسم من أهالي عفرين في منازل شبه مدمرة، في اثنتين وأربعين قرية بريف حلب الشمالي (الشهباء)، ومدينتي #تل_رفعت و”دير جمال”، بعد سيطرة القوات التركية، والفصائل السورية الموالية لها، على منطقة عفرين، في أذار/مارس من عام 2018، والقسم الآخر يقيم في خمسة مخيمات، قامت بإنشائها الإدارة الذاتية لمقاطعة عفرين، بعد نقل مؤسستها الخدمية إلى الشهباء، عقب السيطرة التركية على المقاطعة، والمخيمات هي “سردم”، “برخدان”، “عفرين”، “العودة” و”الشهباء”.

وتطوّق منطقة الشهباء، من الجهة الشمالية والشرقية وجهة الشمال الغربي، فصائل #الجيش_الوطني المعارض، ومن الجهة الجنوبية #القوات_النظامية التابعة للحكومة السورية.

 

هل فرضت الحكومة السورية حصاراً على الشهباء؟

“جمعة كالو”، الرئيس المشترك لمقاطعة الشهباء التابعة للإدارة الذاتية، أكد أن «الحكومة السورية فرضت حصاراً خانقاً على الشهباء، ومنعت السكان من الخروج والدخول»، وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «تمنع القوات النظامية الأهالي، في الحالات الاستثنائية والطارئة أيضاً، من الذهاب إلى حلب ومدن الداخل، إلا بموجب موافقة أمنية، وهذه الموافقة تتأخر شهوراً».

ويتابع “كالو” حديثه بالقول: «الحصار على المنطقة يتمثل بفرض ضرائب عالية جداً على المواد الغذائية والأدوية والمحروقات، التي تدخل المنطقة، ما يجعل ثمنها يصل للضعف، إضافةً إلى منع دخول المعدات الطبية للمشافي، ما جعل المنطقة تعاني من ضعف الإمكانات والتجهيزات الطبية. ومع بداية فصل الشتاء في كل عام، تُمنع سيارات المحروقات، وخاصة مادة المازوت، من دخول المنطقة، كما تُنصب، في بداية الموسم الزراعي، حواجز على الطرق المؤدية إلى الأراضي، ما يمنع المزارعين من استثمار أراضيهم».

إلا أن “حسن العاصي”، الضابط في الفرقة الرابعة، والمسؤول عن حاجز على مدخل ناحية “الأحداث” في الشهباء، أكد أن «الحكومة السورية لم تفرض ضرائب على المواد التي تمرّ عبر حواجزنا، وإجراءات الذهاب إلى حلب منظّمة وفق قرارات أصدرها مجلس مدينة حلب، معممة على كافة الحواجز، وتتقيد بها القوات الموزعة على جميع مداخل المدينة، حفاظاً على الأمن والسلم فيها».

واستطردَ “العاصي” في حديثه لموقع «الحل نت»: «جميع السوريين يعرفون مدى تأثير الأزمة الاقتصادية  على المواطنين، بسبب الحصار المفروض على سوريا، وجميع المناطق السورية تعاني من فقدان المواد والسلع الأساسية وغلائها، والشهباء من ضمن هذه المناطق». وفيما يخصّ الإجراءات التي تقوم بها القوات النظامية، من وضع الحواجز، وتشديد الإجراءات الأمنية،  أشار “العاصي” إلى أن «قوات الفرقة الرابعة لا تسعى إلى مضايقة المدنيين وأصحاب الأراضي، وهذه الإجراءات بهدف الحفاظ على نقاطنا العسكرية من الهجمات المباغتة، ولضمان استتباب الأمن في القرى والبلدات».

 

هل تسعى الحكومة السورية لإفراغ المنطقة من سكانها؟

بالنسبة لـ”جمعة كالو” فإن «الحكومة السورية تفرض الحصار لخلق حالة معيشة سيئة، وذلك بهدف إفراغ المنطقة من سكانها، وخاصة مُهجري عفرين، وإحداث شرخ بين المدنيين والإدارة الذاتية، عن طريق الإيحاء بأن الإدارة غير قادرة على تأمين الاحتياجات والخدمات، وذلك لتلميع صورة #الحكومة_السورية أمام الأهالي، وجعلهم يظنون أن المعيشة تحت ظلها أفضل بكثير من الإدارة الذاتية».

وأضاف: «تقوم القوات النظامية بفتح طرق التهريب، من خلال شبكة من الأشخاص، مرتبطين بالفرقة الرابعة، مع فرض مبالغ خيالية على من يرغب بالذهاب إلى حلب، نظراً لتدني أجور عناصر الفرقة، وهذا كله يعود لأسباب لا يمكن إرجاعها إلا لاستمرار الحكومة السورية في ممارسة الضغط على الإدارة الذاتية، لتقديم التنازلات شرقي الفرات».

“حسن العاصي” نفى كل اتهامات “كالو” بالقول: «ليس من مصلحة الحكومة السورية خلق حالة عدم الاستقرار، وإفراغ المنطقة من سكانها، بل على العكس تماماً، من مصلحتها دعم هذه المنطقة، وكل المناطق السورية، ضمن الإمكانيات الواقعية المتاحة لديها». وأشار “العاصي” إلى أن «وجود حالات غير قانونية، لأفراد أو مجموعة معينة، تطالب المدنيين بالمال على الحواجز، لا يعني أن هذا يتم عن قصد وبعلم الحكومة السورية».

 

ما مدى معاناة المُهجرين وانتشار فيروس كورونا؟

“ملك حسين”، الرئيسة المشتركة لهيئة البلديات التابعة للإدارة الذاتية، قالت إن «هناك نقصاً حاداً في مختلف المواد، وخاصة مادة المازوت، وتسبب هذا النقص في تخفيض عدد ساعات وصول التيار الكهربائي، إضافة إلى قلة الأدوية وعدم وجود نظام صحي، ما أدى إلى وفاة كثيرين، نتيجة سوء الخدمات الطبية في المنطقة، خاصة في ظل تفشي فيروس #كورونا في عموم المناطق السورية، وانقطاع المواد الغذائية والسلع الأساسية، وصعوبة توفير المستلزمات التعليمية».

وأضافت في حديثها لموقع «الحل نت»: «ظهرت بوضوح، في الأيام الأخيرة، حالة الفقر المدقع الذي يعيشه الأهالي، في ظلّ تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في الشهباء، والتي وصلت لدرجة عدم قدرتنا على تأمين الكتب المدرسية للطلاب. كما أن الأهالي بحاجة إلى مادة الإسمنت، لترميم البيوت التي تضررت بسبب الحرب في السنوات الماضية، فهناك عدد لا يحصى من المنازل التي تحتاج إلى ترميم، وخاصة أننا مقبلون على الشتاء».

“إبراهيم شيخو”، رئيس “منظمة حقوق الإنسان في عفرين”، يقول لـ«الحل نت» إن «نازحي مدينة عفرين يعانون بشدة، خاصة في مجال الرعاية الصحية، وهناك انتشار لأمراض كثيرة، إضافةً إلى كورونا، ويتسبب هذا بوفاة أعدد كبيرة من كبار السن».

 

هل تقصف فصائل المعارضة المسلحة منطقة الشهباء؟

يتهم مسؤولون في الإدارة الذاتية فصائل الجيش الوطني المعارض بقصف المدنيين في الشهباء، وارتكاب مجازر بحقهم. وفي هذا السياق يقول “جمعة كالو”: «منطقة الشهباء من ضمن مناطق خفض التصعيد، بموجب اتفاقية “أستانة”، إلا أن القصف العشوائي، من قبل فصائل المعارضة، لم يتوقف، وحدثت مجازر راح ضحيتها عشرات من الأطفال وكبار السن، وأخرها كانت مجزرة تل رفعت، في أيلول/ديسمبر من العام الماضي».

فيما يؤكد “إبراهيم شيخو”: «وثّقنا، في منظمة حقوق الإنسان، القصف العشوائي على القرى والبلدات، ففي شهر أيلول/سبتمبر من هذا العام، قصفت الفصائل المسلحة المعارضة مقاطعة الشهباء أكثر من 377 مرة. وقمنا أيضاً بتوثيق أسماء القتلى والجرحى من المدنيين طيلة الفترة الماضية، وقدمنا نسخاً كثيرة من تقاريرنا للمنظمات الدولية».

“يوسف حمود”، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني المعارض، ردّ على هذه الاتهامات بالقول: «لم يستهدف أي فصيل في الجيش الوطني أية نقطة مدنية في عموم منطقة الشهباء».

وأضاف في تصريحه لموقع «الحل نت»: «المليشيات الموالية لإيران وقوات الأسد وراء البلبلة والفوضى في هذه المنطقة. هذه القوات هي من يفعل ذلك لاتهمامنا بارتكاب المجازر، والحصول على ذريعة لمهاجمة المناطق المحررة»، حسب تعبيره.

واختتم حديثه بالقول: «الجيش الوطني يرد فقط على قصف #قوات_سوريا_الديمقراطية لنقاطه العسكرية، وأكرر ثانيةً أننا لم نستهدف أية منطقة آهلة بالمدنيين».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.