لم تعد مسألة #الزواج من أولويات الشباب في #سوريا، أو حتى ضمن قائمة أهدافهم وخططهم المستقبلية، ليس بسبب تغيُّر فكرتهم اتجاه هذه المسألة، إنما الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشونه منذ سنوات، وتفاقمه مع بداية العام.

وأصبحت الأولويات تتجه لتأمين #جرة_غاز، أو حتى ربطة خبز التي تتطلب الوقوف أمام الأفران لساعات طويلة، ناهيك عن الوضع المعيشي والأجور الشهرية التي لا تكفي بضعة أيام.

عند الحديث عن #الزواج، سيكون الرد أنه بمثابة “حلم” يصعب تحقيقه، بهذه الكلمات أجابت “سهام” 27 عاماً من مدينة دمشق، «ما كنت أحلم به منذ سنوات، بات اليوم من المستحيل تحقيقه، وشروطي التي كنت أتمسك بها من بيت مستقل وحفل زفاف، وحتى خاتم الخطوبة أصبحت بالنسبة للشباب شروط تعجيزية».

وتابعت «يجب أن يكون الشاب مليونير بكل معنى الكلمة حتى يستطيع الزواج هذه الأيام».

70% نسبة العنوسة في سوريا!

“سهام” ليست سوى  واحدة من مئات الآلاف من الفتيات اللواتي أصبحت مسألة الزواج بالنسبة إليهن “غير ممكنة”، فالزواج اليوم لدى فئة الشباب يعتبر من الأمور بالغة الصعوبة، وذلك بسبب اختفاء الطبقة الوسطى، وعدم القدرة على تأمين متطلبات الحياة اليومية.

وفي الوقت الذي لا توجد فيه أرقام حديثة عن نسبة ما يسمى بـ “العنوسة” في #سوريا، نجد تصريح للقاضي الشرعي الأول بدمشق محمود معراوي العام الماضي لصحيفة (الوطن) أن «نسبة العنوسة وصلت إلى 70% في سوريا، فيما وصلت نسبة حالات الزواج من امرأة ثانية إلى 40%».

لم يأت تصريح القاضي الشرعي بجديد فيما يخص موضوع “العنوسة”، حيث رصد موقع (الحل نت) تصريح مشابه للقاضي معراوي في تاريخ 6 شباط 2017 لإذاعة (المدينة إف إم) المحلية مفاده أن «نسبة العنوسة وصلت إلى 75%، ونسبة الفتيات على الشباب ارتفعت إلى 65%، وأن نسبة 50% من حالات الزواج في المحاكم الشرعية هي زواج ثاني».

وقبل أيام تداولت العديد من المواقع والصفحات الإخبارية إحصائية جديدة لدائرة النفوس في سوريا تبين أن «عدد الفتيات العازبات اللواتي بلغن 30 عام وصل إلى ثلاثة ملايين».

خاتم الزواج بمليون ليرة!

يعتبر #الذهب في مقدمة الأمور، التي يجب احتسابها لأي شاب مقبل على الزواج، تبعاً للأعراف والتقاليد في المجتمع السوري، كما يعتبر خاتم الخطوبة من الأساسيات التي لا غنى عنها، إلا أنه ثمنه اليوم بات يعادل “ثروة” بالنسبة للأجور في سوريا، وشراؤه يحتاج إلى عمل لمدة لا تقل عن سنة كاملة لموظف لا يتجاوز راتبه الشهري 60 ألف ليرة.

وقال أحد الصيّاغ في سوق الحريقة بدمشق إن «أسعار الذهب تضاعفت منذ بداية العام نحو 4 مرات، ففي شهر كانون الثاني من هذا العام وصل سعر غرام الذهب عيار 18 قيراط حوالي 34 ألف #ليرة سورية، أما حالياً فيتراوح سعر غرام الذهب بين 118 ألف و 125 ألف ليرة سورية».

وأضاف الصائغ، فضل عدم ذكر اسمه، لموقع (الحل نت) أن «خاتم الخطوبة الذي كان يباع في بداية العام بـ150 ألف ليرة، أصبح سعره اليوم بين 750 ألف إلى مليون ليرة سورية، ولا يتجاوز وزنه 5 غرامات، إلا أن هناك خواتم يصل سعرها لخمسة وعشرة ملايين ليرة»، مشيراً إلى أن «حركة البيع حالياً شبه معدومة، ومعظم الزبائن تأتي لبيع ما لديها من مدخرات ذهبية لتسيير أمور معيشتها».

ويؤكد خبراء اقتصاد على أن ارتفاع سعر الذهب في سوريا، جاء نتيجة انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، وبالتالي هذه المبالغ الخيالية لسعر غرام الذهب يعكس بطبيعة الحال ضعف الليرة السورية، كما أن ارتفاع سعر أونصة الذهب في الأسواق العالمية نتيجة أزمة #كورونا وقيام المستثمرين بادخار الذهب، يعد من أحد أسباب ارتفاع سعر الغرام في سوريا.

الفتيات يفضلن الزواج خارج سوريا!

استطلع موقع (الحل نت) آراء عدد من الفتيات وخياراتهن تجاه مسألة الزواج، وهل بات بالإمكان التخلي عن معظم طقوس الزواج وتكاليفه التي أصبحت تقدر بالملايين؟ وذلك بالنظر إلى ظروف الشباب الصعبة وقلة فرص العمل، إضافة إلى تدني مستوى الدخل.

وقالت إيمان (34 عاماً) التي تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية «بالطبع الكثير من العادات والتقاليد تم التخلي عنها، والشروط التي كان يضعها أهل #العروس باتت محدودة للغاية، بالنسبة لي، يكفيني خاتم خطوبة وحفلة بسيطة داخل المنزل تقتصر على الأقارب، وفستان زفاف مستأجر لإتمام الزواج، ومع ذلك لم يتقدم أحد لخطبتي منذ أعوام».

أما عبير (31 عاماً) وهي موظفة في شركة قطاع خاص فتقول «كنت مخطوبة منذ 6 أشهر وعلى وشك الزواج من شاب يعمل معي في ذات الشركة، إلا أنه قرر الانفصال قبيل موعد الزواج بشهر، وكان مبرره أن 5 ملايين ليرة، التي يدخر فيها منذ أعوام باتت اليوم لا تكفي حفل الزفاف وحده، وأنه قرر إعادة التفكير في مسألة الزواج، بخاصة أنه المعيل الوحيد لأهله، والأولى أن ينفق مدخراته على تأمين الحاجات الأساسية وليس الزواج”، حسب وصفها.

في حين، ترى مها (24 عاماً) وهي طالبة جامعية أن «الارتباط بشاب يعيش خارج سوريا هو الحل الأمثل لإتمام الزواج، حيث تقدم لي شاب سوري يعيش في #ألمانيا، وأنا الآن انتظر انتهاء امتحاناتي والسفر إليه، فالشباب داخل سوريا، لا يستطيعون حتى التفكير في مسألة الارتباط والزواج، فالأمر يحتاج إلى ملايين الليرات، وبالطبع معظم من بقي من الشباب إما عسكري، أو يخدم في الاحتياط، أو موظف لا يتعدى دخله الشهري 60 ألف ليرة».

وتتفق غالبية الفتيات اللواتي استطلعنا آرائهن أن الزواج في سوريا بات  شبه مستحيل، وأن فكرة الزواج من الشباب السوري، الذي يعيش في دول الجوار ودول أوروبا هو الخيار الأفضل في ظل الظروف الحالية، رغم ما يعتبرنها “مخاطرة” من عدم معرفة الشاب معرفة شخصية، واقتصار عملية الخطبة والزواج على الانترنت.

من جهتها، تؤكد الباحثة الاجتماعية “أمل فاعور” أن «سن الزواج تأخر في سوريا على الأقل 10 سنوات، وظاهرة العنوسة باتت منتشرة إلى حد كبير في مجتمعنا، وعلى المدى القريب لا يوجد حل سحري للمشكلة، بخاصة في ظل الظروف #الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وهنا لابد أن تتغير الكثير من العادات والتقاليد التي يتمسك بها الأهل لتزويج ابنتهم».

وأضافت الباحثة فاعور في حديثها لموقع (الحل نت) أنه «عند الحديث عن العنوسة لا نقصد الفتيات فقط، بل الشباب أيضاً الذي بات معظمه إما لاجئاً في دول الجوار، أو يخدم في الجيش، وبالتالي يجب على السلطات الحكومية أن تعي هذه المشكلة، وتقديم تسهيلات للشباب الراغبين في الزواج، كمنحهم قروضاً ميسرة، وإقامة حفلات أعراس جماعية، وتوفير #السكن المناسب للشباب في الجمعيات السكنية، بدفعات وقروض ميسرة».

وختمت الباحثة بالتأكيد على أن “هذه الحلول تعتبر بعيدة المنال، في ظل الانهيار الاقتصادي، ووباء كورونا، وعدم وجود أفق للحل السياسي في سوريا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة