معايير سياسية لعمل “إنساني”: هل تمنع منظمة الهلال الأحمر المساعدات عن عوائل المعارضين في ريف دمشق؟

معايير سياسية لعمل “إنساني”: هل تمنع منظمة الهلال الأحمر المساعدات عن عوائل المعارضين في ريف دمشق؟

تعاني معظم العوائل السورية، وخاصة التي انخرط أفرادها في معارضة #الحكومة_السورية، كثيراً من المشاكل المعيشية والأمنية، فمع الانهيار المستمر للاقتصاد السوري، وقلة فرص العمل، والحملات العسكرية المتعددة، التي شنتها #القوات_النظامية على المناطق الخارجة عن سيطرتها، تدهورت موارد العائلات التي فقدت معيلها، وأصبحت بحاجة لمساعدات عاجلة، خاصة على مستوى الغذاء ومواد التدفئة. إلا أن العمل الإغاثي في سوريا يتسم بقصوره الشديد، فضلاً عن الاتهامات التي تم توجيهها لعدد من المنظمات، وعلى رأسها #الهلال_الأحمر العربي السوري، بتسييس العمل الإنساني، واتباع معايير مزدوجة في توزيع المعونات.

 

عوائل القوات النظامية أولاً

يقول “سليم براقي”، عضو المكتب المحلي في بلدية “حوش عرب”، إن «القائمين على الجمعية الخيرية، التابعة لمركز الهلال الأحمر، أمروا المكتب الإغاثي في الجمعية بوضع أسامي عائلات عناصر القوات النظامية على رأس قوائم المستفيدين من المساعدات الإغاثية».

وأضاف “براقي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الجمعية الخيرية أصدرت قراراً بشطب أكثر من مئة عائلة، من عائلات قتلى فصائل المعارضة وبعض معتقلي البلدة، من قوائم المستفيدين من برنامجها الإغاثي، وذلك بطلب من جمعية الهلال الأحمر السوري، التي تقوم بتوفير المساعدات للجمعية لتوزيعها».

ووفقاً للمعلومات التي أفاد بها “براقي” فإن «تفضيل عائلات مقاتلي القوات النظامية جاء بعد عدة طلبات، تلقتها الجمعية من الهلال الأحمر، بتخفيض أعداد العائلات المستفيدة من البرنامج الإغاثي، نظرا لقلة السلل الاغاثية، إضافة لاستثناء العائلات التي تتألف من ثلاثة أشخاص فما دون».

ويبدو أن هذا القرار ليس بجديد على منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، فمنذ مطلع عام 2019، بدأت المنظمة بتخفيض أعداد المستفيدين من حملاتها الإغاثية، ففي بلدة “جديدة عرطوز” «شطبت أسماء ما يقارب ستة عشر ألف عائلة، فضلاً عن ثلاثة آلاف عائلة في بلدة “جديدة الفضل”، وبررت ذلك بنقص الدعم، ودخول مناطق جديدة ضمن أولوياتها»، بحسب ما أفاد عاملون في المجال الإغاثي لموقع «الحل نت».

 

مساعدات “مؤتمر العودة”

عُقد “مؤتمر اللاجئين السوري”، برعاية #روسيا، لتشجيع اللاجئين السوريين على العودة لمناطقهم، والعمل على إعادة توطينهم. إلا أن كثيراً من الناشطين الإغاثيين يؤكدون عدم واقعية ما طُرح في هذا المؤتمر.

“بتول عودة”، التي تعمل في “جمعية الرحمن الخيرية”،  توضح أن «الأزمة الاقتصادية في #دمشق وريفها تفاقمت بالتزامن مع بدء “مؤتمر اللاجئين السوري”، الذي يهدف لإعادة اللاجئين إلى البلاد، بعد سنوات من اللجوء إلى دول مجاورة وأجنبية، في وقت سجلت فيه الليرة السورية انخفاضاً جديداً لقيمتها أمام العملات الأجنبية».

وتتابع “عودة”، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «العائلات، التي فقدت معيلها في #ريف_دمشق، كانت تعتمد على مساعدات الجمعيات، التي تستجلب السلل والمعونات من منظمة الهلال الأحمر، وحاليا تواجه صعوبة كبيرة في تأمين المواد الأساسية، وأبسطها مادة الخبز، بعد عجز الحكومة السورية عن تأمين احتياجات الأفران للطحين المدعوم».

أما “علي طه”، المنحدر من بلدة “حرجلة” بريف دمشق، فيقول إن «وفداً روسيا، برفقته ممثلون عن الحكومة السورية، أتوا إلى مركز إيواء “حرجلة” لتقديم المساعدات الروسية للنازحين، وما نساه القادمون أن الموجودين في مركز الإيواء لم ينالوا أية مساعدات منذ مدة، ولا تستطيع الحكومة السورية السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم، لكونها خارج سيطرتها».

“طه” يؤكد لموقع «الحل نت» أن «دعوة اللاجئين للعودة لا تتفق مع الظروف الواقعية للبلاد، ففي مدينة “الهامة” مثلاً اقتصر تسجيل أسماء العائلات على عناصر اللجان الشعبية، في حين أن المراكز المعتمدة من قبل جمعية “الرحمة الخيرية” توقفت عن تقديم المساعدات لعوائل المقاتلين المُهجّرين لإدلب، وفي المقابل شوهد عدد من عناصر اللجان الشعبية يبيعون السلل لمحال تجارية في البلدة بشكل علني، وأغلب هذه المحال باتت معروفة ببيعها للمساعدات، إلى درجة أن أحدها بات يُعرف باسم “مركز بيع المعونات”».

 

ماذا تقول المنظمة؟

موقع «الحل نت» حاول التواصل مع منظمة الهلال الأحمر في ريف دمشق، إلا أن متحدثة باسم المنظمة، رفضت نشر اسمها، امتنعت عن الإجابة على سؤالنا حول دور المنظمة في عملية إعادة توطين اللاجئين، ولم تعلّق أيضاً على الاتهامات الموجهة للهلال الأحمر بحرمان بعض العوائل من المساعدات، واكتفت بالقول إن المنظمة «بعد إعادة تقييم وضع العائلات من جديد، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الأسر الأكثر ضعفاً، واستجابةً لمتطلبات العائلات الأشد حاجة في ريف دمشق، وزّعت، خلال العام الحالي، مساعدات إغاثية، تضمنت سللاً غذائية وصحية ومطبخية، وشوادر بلاستيكية، وشواحن طاقة شمسية، لحوالي مليون ومئة ألف شخص، في ثمان وخمسين منطقة. كما قدمَت خدمات الطبابة والرعاية الصحية والدواء المجاني لأكثر من مئتين وخمسين ألف شخص في ريف دمشق، منذ بداية عام 2020، عبر المستوصفات والمجمعات الطبية والعيادات المتنقلة، وذلك بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الاتحاد الدولي لجمعيات #الصليب_الأحمر والهلال الأحمر، الصليب الأحمر الدنماركي، الصليب الأحمر الكندي، الصليب الأحمر النرويجي، صندوق #الأمم_المتحدة للسكان، الصليب الأحمر الفلندي».

وكان وزراء خارجية مصر وفرنسا وألمانيا والأردن والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة دعوا لـ«ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، في شمال وجنوب البلاد، التي تتدهور فيها الأوضاع، في ظل تفاقم انتشار فيروس #كورونا، وأثره على الوضع الاقتصادي بالمنطقة».

في المقابل قالت منظمة الأمم المتحدة إن «الأسر السورية ينتظرها موسم شتاء صعب، وذلك مع تدهور القوة الشرائية، بسبب الزيادة المفاجئة في أسعار السلع، دون تغيير في مستويات الدخل»، مشيرة إلى أن «الأمن الغذائي في سوريا تدهور بشكل كبير خلال العامين الماضيين، وخاصة مع بداية الأزمة اللبنانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2019».

وبحسب تقديرات برنامج الأغذية العالمي وقطاع الأمن الغذائي، في نيسان/إبريل 2020، فإن نحو «9,3 ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي ما يقارب 39% من إجمالي السكان، ومن بينهم ما يقارب مليون شخص، يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي، ويعتبر هذا الرقم أعلى رقم سُجّل على الإطلاق، وهو يقارب نصف إجمالي عدد سكان البلاد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.