بعد نهاية حكم داعش: هل نجحت القوى المسيطرة على الرقة بالحفاظ على ما تبقى من آثارها؟

بعد نهاية حكم داعش: هل نجحت القوى المسيطرة على الرقة بالحفاظ على ما تبقى من آثارها؟

عُرفت مدينة #الرقة بمواقعها الأثرية المتميزة، ماجعلها تحتل مرتبة متقدمة، بين المحافظات السورية، في احتواء الآثار المُكتشفة، إلا أن معالم المدينة التاريخية تضرّرت بشدة خلال الأعوام السبعة الماضية، إذ تعرضت أغلب المواقع الآثرية فيها للنهب، عقب انسحاب #القوات_النظامية منها، وسيطرة فصائل المعارضة المسلحة عليها، ومن ثم سقوطها تحت سيطرة تنظيم #داعش، الذي قام بتدمير أغلب القطع الآثرية، التي وصل إليها، بحجة أنها أصنام وآوثان. واليوم يحذّر خبراء من انهيار أجزاء من قلعة “جعبر” التاريخية، نتيجة لتوقف أعمال الصيانة والترميم فيها منذ عدة أعوام.

 

معالم الرقة الآثرية

“الحاج أبو عبد الكريم”، من سكان المدينة، قال لموقع «الحل نت»، إن «مدينة الرقة، التي كان يتخذها الخليفة العباسي هارون الرشيد حاضرةً له، نظراً لطبيعتها الخلابة، وموقعها الجغرافي المميز قرب نهر #الفرات، تحتوي على كثير من المعالم الآثرية، التي تعود إلى العصر العباسي،  مثل السور القديم و”باب بغداد” و”قصر البنات” وقلعتي “هرقلة” و”جعبر” وغيرها الكثير، وقد تعرّض أغلب هذه الآثار، إضافة لأكثر من ثمانية وأربعين موقعاً آثرياً آخر، للضرر، جراء الحرب والقصف الذي شهدته المدينة، كما سُرقت من المدينة آلاف القطع الأثرية».

كلام “أبو عبد الكريم” أكده “هاني الابراهيم”، وهو موظف آثار سابق من المدينة: «ما لا يقل عن ستة  آلاف قطعة آثرية سُرقت من مدينة الرقة، خلال الفترة الممتدة بين عامي 2011 و 2016، وأبرز المسروقات كانت مستودعات “هرقلة”، وهي مستودعات كانت تُحفظ فيها لُقى البعثات الأثرية، التي تعمل قرب المدينة، إضافة لنهب متحف الرقة الوطني، الذي فقد عديداً من اللوحات الفسيفسائية، ومئات الزخارف الجصّية والعقود الحجرية، وقطعاً زخرفية تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية، البعض منها سُرق قبيل خروج القوات النظامية من المدينة، ومع دخول فصائل المعارضة المسلحة، والمُتبقي سرقه عناصر تنظيم داعش»، وفق قوله.

وأضاف “الابراهيم”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «القسم الأكبر من مقتنيات المتحف تمت سرقته من قبل التنظيم، الذي جعل من آثار المدينة مصدر تمويل له، وأنشاً “ديوان الركاز”، وهو هيئة مختصة بشؤون الآثار، أشرفت على المواقع الآثرية في المدينة، بمساعدة خبراء واخصائيي آثار من جنسيات مختلفه، قاموا ببيع آلاف القطع الآثرية خارج سوريا، ولا سيما في #تركيا، عبر مافيات تهريب الآثار».

مشيراً إلى أن «التنظيم قام ببث إصدار وهمي، يُظهر به عناصره وهم يدمرون قطعاً أثرية، باستخدام مطارق وآلات كهربائية، ولكن تلك القطع غير قابلة للبيع، ولا يمكن الاستفادة منها، فيما احتفظ بكل القطع ذات القيمة العالية».

 

تأثر المواقع الآثرية بالاجتياح التركي

“نضال المحمد”، ناشط من مدينة الرقة، قال إن «مواقع أثرية كثيرة، شمالي مدينة الرقة، تعرضت للتجريف، على يد الفصائل السورية المسلّحة المدعومة من #أنقرة، قرب بلدة “عين عروس”، وقرية “الهوتة” في محيط بلدة “سلوك”، فضلاً عن تلال “جطل” و”صهلات” و”أسود” و”حمام التركمان”، وتعد هذه التلال من أهم المواقع الأثرية ضمن حوض نهر “البليخ”، وتقع في مناطق اجتاحها الجيش التركي والفصائل التابعة له، على أطراف تل أبيض».

منوهاً إلى أن «جميع القطع المكتشفة في المنطقة يتم نقلها إلى الأراضي التركية، ليتم بيعها بشكل آمن، عبر تُجّار أتراك، مختصين بتهريب الآثار القادمة من الأراضي السورية»، حسب قوله.

ونشر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” مقطع فيديو، يُظهر مجموعة من عناصر الفصائل الموالية لتركيا، وهي تبحث عن آثار بريف #تل_أبيض، شمالي الرقة، مستخدمين آليات حفر وأجهزة متطورة.

 

تحذيرات من تصدع قلعة جعبر

وحذّر خبراء آثار من انهيار جزء من قلعة “جعبر”، الواقعة على بعد ثلاثة وخمسين كيلو متراً من المدينة، والخاضعة لسيطرة #قوات_سوريا_الديمقراطية “قسد”، نتيجة «توقف أعمال الترميم والصيانة، في ظل إنعدام الامكانات المطلوبة لذلك»، بحسب “أيهم السيد عمر”، أحد خبراء الآثار من المدينة، والذي أكد لـ«الحل نت» أن «القلعة تمرّ بمرحلة حرجه جداً، نتيجة الإهمال الواضح لأعمال الصيانة والترميم، المتوقفة منذ عام 2011، فالقلعة مبنية من الآجرّ، ومحاطة بالمياه، وتقوم على خمسة وثلاثين برجاً، وأكثرها تضرراً “البرج الغريب”، الواقع في الجهة الشمالية الغربية. وكذلك البرج رقم 11. وظهرت على الجدران الفاصلة بين البرجين تصدعات كبيرة، وهي معرضة للانهيار الوشيك، بسبب العوامل الطبيعية، مثل الرياح والحت والرطوبة العالية».

وناشد “السيد عمر” اليونسكو والمنظمات الدولية بـ«التدخل لإنقاذ القلعة، التي يُقدّر عمرها بأكثر من ألف وأربعمئة عام، والمتميزة بطرازها المعماري وموقعها الجغرافي المطل على بحيرة “الطبقة”».

وتعمل هيئة الآثار في #الإدارة_الذاتية لشمال وشرق سوريا حالياً على «توثيق المواقع الأثرية في المنطقة، تمهيداً للعمل في الفترة المقبلة على حملة لترميم وحماية الآثار»، بحسب تصريحات مسؤولين فيها. كما أقرت الإدارة “قانون الآثار”، الذي يحدد أهداف ومهام مكاتب الآثار في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والأحكام المتعلقة بالتنقيب والقطع الأثرية المستخرجة والعقوبات، ويتألف القانون من ثمان وخمسين مادة، صادق عليها المجلس التنفيذي في الإدارة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.