توقف مشروع “ميناء الفاو الكبير”: مؤامرة من دول خارجية أم إهمال من الحكومة العراقية؟

توقف مشروع “ميناء الفاو الكبير”: مؤامرة من دول خارجية أم إهمال من الحكومة العراقية؟

أثار قرار وزارة النقل العراقية، المتضمن إلغاء عقد شركة “دايو” الكورية، المكلّفة بتنفيذ مشروع “ميناء الفاو الكبير”، موجة من السخط والرفض الشعبي والسياسي. مجريات إلغاء العقد من قبل وزير النقل العراقي، التي سُربت إلى الرأي العام، عبر مقطع فيديو، بُث على مواقع التواصل الاجتماعي، تأتي بعد أيام من انتحار مدير الشركة الكورية، في ظروف غامضة، لتثير الشكوك بوجود ما يصفها البعض بـ«نوايا خارجية، غايتها الوقوف ضد المشروع، وعرقلة تنفيذه».

 

النقل توضح

أثار قرار “ناصر شبلي”، وزير النقل العراقي، فسخ العقد الموقع بين الوزارة والشركة الكورية المنفذة للمشروع، كثيراً من الشبهات وعلامات الاستفهام، والاتهامات المتبادلة بين المعنيين في الوزارة وعدد من أعضاء #مجلس_النواب_العراقي. ووفقاً لما يقوله “فالح هادي”، المتحدث باسم وزارة النقل العراقية، فإن «الوزارة كانت قد اتفقت مع الشركة الكورية على تنفيذ وبناء خمسة أرصفة، بعمق 19-8 متراً، لكن الشركة، وبعد انتحار مديرها، طالبت الوزارة بتعديل بعض بنود الاتفاق ومدد التنفيذ، وهو ما أثار حفيظة الوزارة، المعنية بشكل مباشر بمراقبة المشروع».

وينفي الناطق الرسمي للوزارة، في حديثه لموقع «الحل نت»، «وجود أية نوايا مسبقة لإيقاف المشروع، أو تأخير انجازه، أو اعطائه لشركة أخرى»، مؤكداً أن «المفاوض العراقي لا يريد التفريط بمستقبل الموانئ، ودورها المحوري في الاقتصاد».

وبحسب “هادي” فإن «شركة “دايو” تعدُّ من الشركات الرصينة في مجال إنشاء الموانئ، وهي مستثناة حتى من شروط التعاقد الحكومي، لكن هذه الأهمية لا تعطي لها الحق بتحديد مبالغ جديدة أو مدد اضافية».

وعبّر المتحدث الرسمي عن أمله في أن «تشهد الأيام المقبلة اتفاقاً جديداً مع الشركة، ومديرها الجديد، يحفظ حق العراق الدائم في استثمار موارده، بالطريقة التي يراها».

وعُثر على جثة المدير الكوري الجنوبي معلقةً بحبل، داخل موقع يبعد عن ميناء الفاو مسافة عشرة كيلومترات، في حادثة أثارت جدلاً واسعاً داخل العراق، لكن وزارة الداخلية العراقية قالت في بيان لها إن «المعلومات المؤكدة تشير إلى أن مدير الشركة الكورية مات منتحراً».

 

 

موقف برلماني

توقف العمل، بشكل نهائي، في المشروع الذي أُعلن عنه في العام 2010، دون مسوّغ معلوم، كان سبباً في اتهام شخصيات سياسية نافذة بتلقي رشى من بعض الدول، التي يعتبرها البعض متضررة من إنشاء الميناء، مثل #الكويت والإمارات، بغرض عرقلة تنفيذ المشروع الاستراتيجي. هذه الاتهامات والشكوك دعت، فيما يبدو، “لجنة الخدمات والإعمار النيابية” إلى استضافة وزير النقل العراقي، للوقوف على تطورات ملف تنفيذ الميناء، بُعيد الإعلان عن إلغاء العقد.

وعقب الاستضافة البرلمانية شدّد النائب “برهان المعموري” على «عدم السماح لأية جهة في الدولة، مهما علا منصبها، بعرقلة انجاز ميناء الفاو الكبير»، معتبراً أن المشروع «يتعلق بمصير البلاد الاقتصادي، ويحدد حاضر ومستقبل الأجيال القادمة».

وأوضح “المعموري”، في اتصال هاتفي مع موقع «الحل نت»، أن «وزير النقل العراقي أبلغ اللجنة البرلمانية بأن الإدارة الجديدة للشركة الكورية طلبت تقليل الأعماق تدريجياً، وتمديد مدة إنجاز العمل، فضلاً عن زيادة المبلغ المتفق عليه، وهذا ما لم تسمح به الحكومة العراقية»، نافياً «وجود إرادة سياسية ضد الشركة المنفذة».

وبحسب “المعموري” فإن «الحكومة العراقية لن تسمح بأية تجاوزات وتلاعب بمصير البلاد الاقتصادي»، مستبعداً «تدخل جماعات مسلحة في عمل الشركة».

لكن موقف وزارة النقل واللجنة البرلمانية لم يمنع “بهاء الأعرجي”، نائب رئيس الوزراء الأسبق، من اتهام ما سماها «أيادٍ خفية» بمحاولة «الاضرار بالمشروع، الذي يمثل أهمية اقتصادية كبرى»، حسب تعبيره. مضيفاً، في تصريحات صحفية، أن «بعض الدول تعتقد بتضرر مصالحها في حال إتمامه».

 

قلة خبرة إدارية

وفقاً لتصورات “سلام المالكي”، وزير النقل العراقي الأسبق، فإن «كل ما يحتاجه ميناء الفاو هو القرار السياسي الشجاع، وتوفير المخصصات المالية، وهذا يتطلب الذهاب باتجاه أحد الخيارين:  التمويل الحكومي أو الاستثمار».

ويُرجع “المالكي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، التعثر الحاصل في إنجاز المشروع إلى «ضعف الإدارة في اتخاذ القرارات الجدّية، وعدم وجود رؤية واضحة لإنجاز المشروع، وانعدام الخبرة في صياغة العقود مع الشركات الأجنبية». لافتاً إلى أن «العقد، الذي أُبرم بين الجانبين، كان ينقصه عدد من الفقرات المهمة، التي استغلها الجانب الكوري، وتراجع عن إتمام العمل، وطالب بإضافة وتعديل بعض الفقرات».

وسيمثل المشروع «حلقة وصل بين آسيا وأوروبا، ويخلق فرص عمل، وسيؤمن منفذاً للخليج العربي إلى البحر المتوسط»، وفقاً لما يراه “أثير عبد علي”، المدير العام للموانئ العراقية، الذي قال لموقع «لحل نت» إن «المشروع سيكون نقلة جيوسياسية نوعية، من خلال ربط العراق بالعالم، وسيدّر أموالاً طائلة على البلاد».

 

البصرة الأكثر تضرراً

 “معين الحسن”، معاون محافظ #البصرة للشؤون الإدارية، يتساءل عن «قانونية إلغاء العقد من قبل وزارة النقل العراقية، دون الرجوع إلى المعنيين في محافظة البصرة، كونها المحافظة المستفيدة من المشروع»، موضحاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الحكومة المحلية في المحافظة علمت بالإلغاء عبر مقطع الفيديو المسرّب، ولم يتم مخاطبتها بشكل رسمي».

وفي الوقت الذي يؤكد فيه المسؤول المحلي أن «انجاز المشروع سيزيد الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويوفر فرصاً العمل، وينشّط حركة الملاحة»، يبدي قلقاً من «إمكانية لجوء الشركة المنفذة لمبدأ التحكيم الدولي، ما قد يجعل العراق يخسر مبالغ باهظة».

ودعا “الحسن” #الحكومة_العراقية إلى «إنهاء الجدل، والتعامل مع المشروع ومستقبله بشفافية عالية، كونه من المشاريع الاستراتيجية، التي لا تخلو من التحديات الدولية والإقليمية».

ورداً على سؤالنا، حول ما إذا كانت الشركة الكورية قد تعرّضت لمضايقات من الجماعات المسلحة، نفى معاون محافظ البصرة «وجود أي تهديدات مسلحة ضد الشركة»، لافتاً الى أن المحافظة «توفر الأمن بشكل دائم لجميع الشركات الأجنبية، ويمارس موظفوها حياتهم بشكل طبيعي».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.