كشف تقريرٌ، نشره مركز (سيتا- SETA) التركي للبحوث، في الثامن عشر نوفمبر تشرين الثاني الجاري، أن فصائل «الجيش الوطني السوري» المعارِض، يستخدم الأطفال كجنودٍ في جبهات القتال.

لكن التقرير الذي أعدّه الباحث المساعد “عمر أوزكيزيلجيك” استناداً على بحثٍ ميداني ومسحٍ لمقاتلي «الجيش الوطني» السوري،  حُذِف من جانب المركز والكاتب معاً، لكن موقع (الحل نت) تمكّن من ترجمة التقرير وفق ما نشره أحد الباحثين في مدوّنته (alexander mckeever).

ويُعدُّ التقرير الذي حمل عنوان (الجيش الوطني السوري)، مثيراً للاهتمام من نواحٍ عدّة، إذ أنه يشكّل أول مسحٍ تجريبي لـ «الجيش الوطني» والفصائل التابعة له، إضافةً إلى تحيّز الكاتب المؤيد لتركيا، وتسليطه الضوء على كيفية الاختلاف الشديد لمثل هذه الخطابات المتعلقة بـ «الجيش الوطني» عن خطابات المراقبين الغربيين المتعاطفين بعض الشيء.

ويوضح الكاتب في مقدمة بحثه، أن دافعه لإجراء هذا البحث وتقديمه؛ هو لفت الانتباه إلى الاستمرارية الواضحة بين «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، و«الجيش السوري الحر»، وهو خليط هائل من الفصائل المناهضة للأسد التي أُسّست منذ 2012، وتلقّى بعضها دعماً أميركياً كبيراً حتى عام 2017.

وأُجري الاستطلاع، عبر محرّر مستندات Google في شهر كانون الأول 2019، وعُزّز ببعض القدرات غير الواضحة من خلال رحلتين قام بهما الكاتب إلى الأراضي التي يسيطر عليها «الجيش الوطني» وأخرى داخل تركيا.

ويدّعي “أوزكيزيلجيك” أن البيانات التي تم تحليلها، تتضمن ردود فعل 1551مقاتلاً من كل من الجيوش (أو الفيالق) الثلاثة التي تشكل «الجيش الوطني». فهذا النوع من البحث التجريبي في المعارضة السورية المسلحة غير مسبوق، وبالتالي يحمل في جوهره بعض القيمة، على الرغم من أنه يجب التدقيق فيه مع مراعاة تحيّزات الكاتب وموقفه.

وتمكّن كاتب التقرير من إجراء بحثٍ ميداني في شمالي سوريا الخاضع للسيطرة التركية، في مناطق (تل أبيض، سلوك، تل خلف، رأس العين، إعزاز، الراعي، عفرين، جندريس والشيخ حديد) بين شهري تشرين الثاني وكانون الأول 2019، حيث كانت عملية “نبع السلام” التركية جارية، ما يدل على العلاقة الوثيقة التي يتمتع بها مركز (سيتا) مع الدولة التركية.

ويتألّف الاستطلاع، من /19/ سؤالاً تتعلق بالأصول الديموغرافية للمقاتلين، والدوافع، والأوضاع المالية، والآراء المتعلقة بالوضع الحالي للصراع والجهات الفاعلة الدولية المعنية.

من بين 1551 مشاركاً في الاستطلاع، ينتمي 40.87٪ إلى فصائل الفيلق الثاني، و30.16٪ إلى الفيلق الثالث، و28.98٪ إلى الفيلق الأول. وإن لم يكن من الواضح مدى تمثيل هذا الحجم الفعلي لكل فيلق، فإن الكاتب يشير إلى أن هذا يؤكد أن الفيلق الثاني هو الأكبر، وهي حقيقة ألقى الضوء عليها بطريقة ما أثناء البحث الميداني.

فالفصائل المكونة لهذه الألوية، تختلف اختلافاً كبيراً في الحجم ولا ترتبط بالضرورة بالهيكل العسكري التقليدي. وقد لا يتجاوز عدد البعض منها المئات أو حتى العشرات، في حين أن بعض الفصائل الأكبر قد ترسل آلاف المقاتلين.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المرء أن يكون حذراً عند فحص الهيكل الرسمي لـ «الجيش الوطني» ووضعه تحت وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة التابعة للحكومة السورية المؤقتة.

ففي الواقع، تتميز معظم هذه الفصائل بالقيادة الشخصية، حيث تدافع الشخصيات الفردية وشركائها بغيرة عن سلطتهم واستقلاليتهم. وقد أثبتت فصائل «الجيش الوطني» المذكور مراراً وتكراراً أنها عرضة للاقتتال الداخلي والإجرام، إلا أنها تتماشى مع التسلسل الهرمي للحكومة السورية المؤقتة عندما يتماشي ذلك مع مصالحها.

وكان أول سؤالين في الاستطلاع: “كم عمرك؟” و”منذ كم سنة وأنت تقاتل؟”، هما من لفتتا الانتباه الفوري إلى التقرير. فقد تم العثور على 7.85٪ من المشاركين في الاستطلاع ضمن نطاق 18-20 عاماً، بينما قال 6.78٪ منهم بأنهم يقاتلون منذ أقل من أربع سنوات فقط (أي منذ الإعلان عن الجيش الوطني السوري لأول مرة).

وقد دفع هذا التناقض الكثيرين إلى القول، إن التقرير قد سلط الضوء على استخدام «الجيش الوطني» للأطفال الجنود، وهو ادعاء تم توجيهه ضد هيكل المعارضة المدعوم من تركيا لسنوات، لاسيما في حال الجنود الأطفال التابعين لـ «الجيش الوطني» الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا.

وبدون الوصول إلى بيانات المسح الأولية لجميع المشاركين البالغ عددهم 1551 مشاركاً، لا يمكن إثبات هذه الادعاءات. ولكن حقيقة أن التقرير تم حذفه بسرعة من قبل مركز (سيتا) يثير الدهشة بالتأكيد.

وعادةً ما يُطرَح هذا النوع من الجدل من قبل أولئك الذين يسعون إلى فصل قوات المعارضة السورية السابقة، التي تلقت دعماً غربياً، عن مشروع «الجيش الوطني» الحالي المدعوم من تركيا، من أجل الدفاع عن سمعة الأول.

ومن المثير للاهتمام، أن نرى الاختلاف في الخطاب بين أولئك الذين يطرحون هذه النقطة المذكورة أعلاه، وغيرهم، مثل “أوزكيزيلجيك” الذين دعموا بحماس المعارضة السورية المسلحة السابقة و«الجيش الوطني»، الذي يعتبرونه استمراراً للمعارضة السورية السابقة.

وعليه، فإن الاستمرارية الكبيرة التي تم تصويرها في هذا الاستطلاع حقيقية تماماً، ولكن يجب على المرء أيضاً أن يأخذ في الاعتبار التغييرات السياقية الهامة التي حدثت بين عامي 2015 و 2016، مثل انهيار عملية السلام التركية مع حزب العمال الكردستاني، والتدخل الروسي، وفك الارتباط الأميركي، ومحاولة الانقلاب التركي وغيرها.

وقد ظلَّ العديد من المقاتلين وعدد من الفصائل على حالهم، لكن تركيا وجهت انتباههم بعيداً عن الأسد من أجل تنفيذ أهداف سياستها المناهضة لقوات سوريا الديمقراطية والمعادية للأكراد.

وهناك جانب آخر مثير للاهتمام من الاستطلاع، وهو التقسيم العرقي لفصائل «الجيش الوطني».

فقد خلص التقرير إلى أن الغالبية العظمى من أعضاء الجيش الوطني المذكور هم من العرب (87.73٪)، في حين أن 10.53٪ فقط من التركمان. وعند تفصيل هذا الانتماء، نرى التمثيل المكثف للتركمان (20.32٪) داخل الفيلق الثاني واضحاً. وهذا يشير إلى الحجم العددي للمجموعات مثل فرق السلطان مراد والحمزات والمعتصم.

وعلى العكس من ذلك، نرى أن تمثيل هذه المجموعات ذات العلامات التركمانية في الفيلق الأول، مثل لواء سمرقند، ولواء المنتصر بالله، وفرق السلطان سليمان شاه وآخرين، إما صغيرة جداً، أو أنها تضم أعداداً كبيرة من المقاتلين العرب.

وهذا يشير إلى أن العديد من التقارير حول «الجيش الوطني» وسلوكه والتغيرات الديموغرافية في شمال سوريا، مثل التطهير العرقي في عفرين، قد بالغت في الوجود التركماني عددياً.

ومع ذلك، لا يعني هذا التقليل من أهمية التركمان في ديناميكيات شمال سوريا، فبالنظر إلى التقارب العرقي وسنوات العلاقات الوثيقة بين الفصائل التركمانية والاستخبارات التركية، يبدو أن الفصائل التركمانية تتمتع بموقع متميز فيما يتعلق بسياسة تركيا المستمرة تجاه سوريا.

كما أن ثلاثة فصائل تركمانية هي التي قادت انتشار «الجيش الوطني» في أذربيجان، وهي فرق السلطان مراد والحمزات والسلطان سليمان شاه. وهي ديناميكية يبدو أنها تشير إلى الثقة التي تضعها تركيا في هذه الفصائل وقادتها.

أما الأسئلة المتعلقة بآراء المقاتلين حول النزاع والجهات الفاعلة الدولية المعنية، فلم تقدم الكثير من المفاجآت. فمقاتلو «الجيش الوطني» يدعمون تركيا ويكرهون دور الولايات المتحدة وروسيا وإيران على وجه الخصوص.

وتعتقد الأغلبية أن عملية #أستانا ليست مفيدة، على الرغم من أن الربع أجاب بأنها مفيدة. وتقول الغالبية العظمى بأنها تؤمن بسقوط نظام الأسد، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا يشير إلى التكهنات أم الرغبات.

وكان هناك ما يقرب من نصف الذين سُئلوا بالضبط قالوا إن الحل السياسي ممكن. أما الأمر الأكثر إثارة للاهتمام من بين كل هذه الإجابات، فهو حقيقة أن 47.95٪ يقولون أن عمل الحكومة المؤقتة ليس مفيداً، مما يدل على وجود اختلافات كبيرة بين المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا والمعارضة المدنية المدعومة من تركيا أيضاً، وهي اختلافات واضحة من حيث كيف يعالج الأول مطالب الأخير أحياناً.

هذا الاستطلاع فريدٌ من نوعه، فهو يعطينا نظرة ثاقبة عن «الجيش الوطني»، وهو هيكل عسكري مُتشدّد غالباً ما تكون أعماله الداخلية محجوبة عن الأنظار بسبب الافتقار العام الممنوح للمجتمع الدولي بالوصول إلى “شمال سوريا التركي”.

ويمكن القول إن النتيجة الرئيسة، هي أن غالبية كبيرة من مقاتلي «الجيش الوطني» شاركوا في المعارضة المسلحة لسنوات، قبل هذه المبادرة التركية التي بدأت في أواخر عام 2017.

وفي الوقت ذاته، فإن أولئك الذين يدعمون «الجيش الوطني»، مثل “أوزكيزيلجيك”، قد يبالغون في تأكيد الاستمرارية والعلاقة بين عناصر معارضة ما قبل 2017، التي كانت تتلقى الدعم الغربي، و«الجيش الوطني» المدعوم تركياً.

ويتوجّب الإشارة إلى العديد من الأشياء المتعلقة بمركز (سيتا)، أو (مؤسسة البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية)، والتي أُسّست عام 2006. فمنذ فترة طويلة يتمتع مركز الأبحاث هذا؛ بعلاقات وثيقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية.

كما أن “إبراهيم كالين” المدير المؤسس للمركز المذكور، هو المتحدث الرسمي باسم أردوغان حالياً، وكان قد شغل مناصب استشارية عدّة للرئيس لسنوات.

ورداً على استفسارات برلمانية، ردت الحكومة الألمانية أن المركز يموّل إلى حدّ كبير من قبل عائلة “بيرات البيرق” صهر #أردوغان ووزير المالية التركي الذي كان قد استقال مؤخراً.

وكان مركز (سيتا) قد نشر عام 2019 تقريراً مؤلف من 200 صفحة أساء لسمعته، حيث قام بتسمية وتوثيق الصحفيين الأتراك العاملين في وكالات أنباء أجنبية بزعم أنهم مناهضين للحكومة.

ونظراً لأن تركيا تُعدُّ من بين الدول الأسوأ في العالم من حيث حرية الصحافة، فإنه من المبرر أن تثار مخاوف بشأن نشر مؤسسة بحثية متحالفة مع حزب العدالة والتنمية لمثل هذه القائمة.

وفيما يأتي نتائج الأسئلة التي طرحها مُعدُّ التقرير على مسلحي المعارضة:

السؤال الأول: كم عمرك؟

  • من 18 إلى 20 سنة: 7.85 %
  • من 21 إلى 25 سنة: 24.83 %
  • من 26 إلى 30 سنة: 23.62 %
  • من 31 إلى 35 سنة: 16.85 %
  • من 36 إلى 40 سنة: 10.34 %
  • من41 إلى 45 سنة: 7.99 %
  • من 46 إلى 50 سنة: 3.29 %
  • من 51 إلى 55 سنة: 2.62 %
  • + 56 سنة: 2.62 %

السؤال الثاني: منذ كم سنة وأنت تقاتل؟

  • من صفر إلى ثلاث سنوات: 6.78 %
  • أكثر من أربعة سنوات: 93.22 %

السؤال الثالث: ما هو أصلك؟ عدد من أجابوا على هذا السؤال كان 1519 مقاتل

في الفيلق الأول:

  • العرب: 95.86 %
  • التركمان: 2.50 %
  • الأكراد: 1.14 %
  • الشركس وآخرون: 0.86 %

في الفيلق الثاني:

  • العرب: 78.55 %
  • التركمان: 20.32 %
  • الأكراد: 1.13 %

في الفيلق الثالث:

  • العرب: 91.72 %
  • التركمان: 5.66 %
  • الأكراد: 2.18 %
  • الشركس وآخرون: 0.44 %

السؤال الرابع: ما هو سبب التحاقك بالجيش الوطني السوري؟ عدد من أجابوا على هذا السؤال كان 1544 مقاتل

  • من أجل الثورة: 77.01 %
  • من أجل الدفاع عن الوطن: 19.24 %
  • من أجل النقود: 0.58 %
  • من أجل السلطة: 0.58 %
  • من أجل الثأر: 0.45 %
  • لأسباب أخرى: 2.14 %

 

المصدر:      (alexander mckeever)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة