مشروع أقلمة “نينوى”: نواةٌ لإقليم طائفي سني أم محاولة لمواجهة الإهمال الحكومي وسطوة الميلشيات؟

مشروع أقلمة “نينوى”: نواةٌ لإقليم طائفي سني أم محاولة لمواجهة الإهمال الحكومي وسطوة الميلشيات؟

ارتفعت الأصواتُ مجدداً، في محافظة #نينوى شمالي العراق، مطالبةً بتحويلها إلى إقليم، على غرار إقليم #كردستان_العراق المجاور، بسبب ما وصفه المطالبون «تجاهل حكومة #بغداد لقضاياها، والمركزية الشديدة التي تُعامل بها ملفاتها، ومن أبرزها إعادة أعمار ما دمرته حرب تحريرها من تنظيم #داعش، بين سنتي 2016-2017».

وعلى الرغم من أن المطالبة بإقليم، لإيجاد حل لمشاكل نينوى ليست جديدة، إذ سبقتها دعوات أخرى، أبرزها تلك التي أطلقها “أسامة النجيفي”، رئيس #مجلس_النواب_العراقي السابق، لتشكيل إقليم سني، يضم نينوى ومحافظات أخرى، إلا أنها ظلت في نطاق التصريحات والتجاذبات السياسية، بخلاف الدعوة الأخيرة، التي طرقت باب مفوضية الانتخابات، وجُمعت لها تواقيع المواطنين، تمهيداً لإجراء استفتاء شعبي.

 

“إقليم إدري فقط”

«هذا ما فعلناه»، يقول “فارس حازم الجويجاتي”، عضو “اللجنة التحضيرية لإقليم نينوى الإداري”، متحدثاً لـموقع «الحل نت»، ويتابع: «لقد جمعنا تواقيع ستين ألف مواطن من نينوى، وهم يشكلون 2% من المواطنين، الذين يحق لهم التصويت، البالغ عددهم ثلاثة ملايين. وسنشرع بتنفيذ باقي الإجراءات».

وتنص المادة الرابعة من قانون “الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم” رقم (13) لسنة 2008 على «تقديم 2% من الناخبين طلباً إلى مكتب المفوضية العليا للانتخابات في المحافظة، لتقوم بوضع استبيان لشكل الإقليم المطلوب، ومن ثم تحديد موعدٍ للاستفتاء عليه، ويستلزم حصوله على موافقة أغلبية المصوتين، على أن لا يقلّ عدد المشاركين في الاستفتاء عن 50% من عدد السكان».

وذكر “الجويجاتي” أن «إقليم نينوى سيكون إدارياً، وليس قومياً أو طائفياً. هدفهُ جمع أكبر قدر ممكن من الصلاحيات بيد إدارته، لتنفيذ المشاريع، ووضع الخطط اللازمة للتنمية في شتى المجالات، بعيداً عن البيرقراطية الحالية، التي تعيق نهوض المحافظة من محنتها، بعد سنوات من فقدان الأمن والخراب، الذي حدث بفعل داعش، وحرب التحرير منه».

“انتصار الخطابي”، النائب في #البرلمان_العراقي، قالت في حديثها لموقع «الحل نت» إنها «تؤيد تشكيل إقليم إداري في نينوى، لكي تتمتع المحافظة بالاستقلال المالي والإداري، وتتمكن من وضع موازنة خاصة لها، تتناسب مع حاجاتها، وعدد سكانها، وخصوصية التنوع الموجود فيها. على أن لا يكون الإقليم، بأي شكل من الأشكال، مبنياً على أساس مذهبي، لأن نينوى عبارة عن عراق مصغّر، تضم مختلف القوميات والطوائف».

 

“التوقيت غير مناسب”

لكن “الخطابي” ترى أن «الوقت غير مناسب لهكذا مشروع، وذلك لأن نينوى تمرّ بأزمات كبيرة، وتفتقر إلى كثير من مقومات الإقليم، ومنها البنى التحتية والمقدرة الإدارية. فضلا عما يتطلبه تشكيل الإقليم من تكاليف مالية باهظة، وأيضاً توافقاً دولياً وإشرافاً أممياً، وهي أمور غير متاحة في الوقت الراهن، وربما شبه مستحيلة».

وأشارت النائب إلى أن «المواطن منشغل بمواجهة سلسلة المشاكل التي تحيطه، وتضيّق عليه الخناق، مثل البطالة وسوء الخدمات الصحية والتعليمية، لذلك لن يكون متحمساً كثيراً لفكرة تحويل المحافظة إلى إقليم، مع أن ذلك قد يكون حلاً لجزء مما يعانيه»، على حد تعبيرها.

ويتفق “محمد نوري العبد ربه”، النائب السابق عن محافظة نينوى، مع “الخطابي” في أن «خيار الإقليم قد يكون هو الأفضل. لكنهُ يتطلب وقتاً طويلاً، والكثير جداً من الإجراءات».

وقال “العبد ربه”، في حديثه لموقع «الحل نت»، إنه «كان من أشد المعارضين لخيار الأقلمة في السابق، لكنه اليوم يجده حلاً أخيراً لنينوى». ويعلل ذلك بالقول: «أصحاب القرار السياسي في بغداد من المكون الشيعي، ولايحترمون المكون السني، أو يمنحونه أية حقوق».

وأوضح أن «مدينة #الموصل، مركز محافظة نينوى، تعيش وضعاً صعباً للغاية، في ظل سيطرة الميلشيات الموالية لإيران عليها. وهي لا تختلف بأفعالها عما كانت تقوم #القاعدة وداعش، من فرض الإتاوات على المواطنين، وجباية الأموال».

 

إقليم أم تقسيم؟

“عادل كمال”، الناشط والباحث السياسي، يقول إن «الحديث عن تشكيل الإقليم، قبل سيطرة تنظيم داعش على الموصل، في العاشر من حزيران/يونيو 2014، كان مرفوضاً بشكل قاطع على المستوى الشعبي. وجوبه رئيس مجلس النواب السابق “أسامة النجيفي” بضراوة، حين طرح مسألة تشكيل إقليم سني عربي، يضم أربع محافظات، هي #الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى. وعدّه كثيرون منفذاً لأجندة خارجية، هدفها تقسيم البلاد».

«لكن الأمر تغيّر الآن، وصارت الفكرة مقبولة في الشارع أكثر من ذي قبل»، يستدرك “كمال”، في حديثه لموقع «الحل نت»، مفسّرا هذا التغيّر بأسباب عديدة، منها «تأثّر معظم النازحين من نينوى إلى إقليم كردستان، وعددهم يزيد عن مليون شخص، بالاستقرار والتطور النسبي، الذي شهدوه في الإقليم، ورغبتهم في استنساخ تجربته في محافظتهم؛ وكذلك تخلي الحكومة المركزية عن وعودها في إعمار مدن المحافظة المدمرة؛ كما أن هنالك آلافاً من المفقودين والمعتقلين، الذين لم يُعرف مصيرهم، ونحو ثلاثمئة ألف نازح، مازالوا عالقين في مخيمات النزوح؛ إضافة الى سيطرة الميليشيات الشيعية على الموصل وأطرافها، وامتداد نفوذ قيادات سياسية، من محافظات أخرى، إلى نينوى، واستحواذها على المناصب الإدارية الرفيعة، في سبع وعشرين مؤسسة حكومية رئيسية».

 

فرص ومخاوف

المؤيدون للمشروع في نينوى يعوّلون على جملة من الأمور، يعتقدون بأنها ستسهم في إنشاء إقليم قوي. فالمحاسب القانوني “يونس عبد العزيز”، يرى، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن محافظته «تملك حقول نفط “النجمة” و”القيارة” و”عين زالة”، ومعملاً ضخماً للكبريت، ومعملي اسمنت، و45% من الاراضي الزراعية الخصبة في العراق، ونهراً يقطعها من الشمال الى الجنوب، وسداً هو الأكبر في البلاد، مع شبكة طرق ومواصلات، تربط الشمال بالجنوب، ومنفذا حدودياً دولياً مع سوريا».

أما الرافضون، ومنهم التربوي “بيرق خطاب”، فيعتقدون أن «اللامركزية الادارية، وتوسيع صلاحيات المحافظة، بمنحها الصلاحيات الإدارية والوزارية، أفضل بكثير من الأقلمة، لأن العقلية العراقية مازالت بحاجة إلى وعي بمثل هكذا تشكيلات إدارية ديمقراطية، قد تفضي إلى تقسيم البلاد، إذا ما شُرع فيها دون استعداد كافٍ».

ولا تتوقف مخاوف “خطاب” عند هذا الحد، إذ يرجّح، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «تتفاقم الصراعات والانقسامات السياسية الجارية الآن، لتتحول إلى نزاعات مسلّحة، ولاسيما أن معظم السياسيين مرتبطون بميلشيات، شكّلوها بعد عام 2014، لمحاربة داعش، ولم تقم الدولة بتسريح أفرادها، بعد انتهاء الحرب عام 2017».

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.