كان اغتيالُ مسؤولٍ رفيع في البرنامج النووي الإيراني وسط الشارع، يوم الجمعة 27 تشرين الثاني المنصرم، بمثابة فشل مرير لنظام الجمهورية الإسلامية الأمني. وإن تعددت الفرضيات بخصوص عملية الاغتيال الأخيرة هذه، إلا أن جميعها تتقارب مع نفس الملاحظة: النظام الأمني غير قادر على حماية حتى أبرز أعضائه.

ما زلنا نعرف القليل عن ملابسات اغتيال #محسن_فخري_زاده، العالم الإيراني البارز والمتخصص الكبير في الطاقة النووية، بينما كان في طريقه إلى منزله الثاني بالقرب من #طهران، لكن الفرضيات انتشرت بالفعل.

ورداً على سؤال وسائل إعلام إيرانية، أشار الأميرال #علي_شمخاني أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي، إلى أنها «عملية معقدة تنطوي على استخدام معدات إلكترونية»، مؤكداً هذه المرة أن «العدو استخدم أسلوباً جديداً تماماً، وقد كان احترافياً ومتخصصاً».

من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (فارس) أن «مدفع رشاش آلي يتم التحكم فيه عن بعد مثبت على شاحنة صغيرة زُعم أنها انفجرت أثناء مرور قافلة فخري زاده».

وتضيف القناة الإخبارية التلفزيونية الرسمية باللغة الإنجليزية (Press T.V)، تفصيلاً واحداً، وهو أن «الأسلحة التي عثر عليها في مكان الاغتيال صنعت في إسرائيل».

ويعترف مصدرٌ أمني إيراني بعجز القبضة الأمنية في طهران، قائلاً: «الجميع يدلي بتصريحات وفرضيات، لكن الحقيقة هي أن القضية معقدة للغاية، وأننا لسنا على اطلاع جيد على كل ما حدث».

مُضيفاً: «اليقين الوحيد بالنسبة لطهران هو أن إسرائيل، وعلى وجه التحديد الموساد، هم من يقف وراء العملية. ولكن كيف استطاعت المخابرات الإسرائيلية شن عملية بهذا الحجم على أراضي الجمهورية الإسلامية؟ هذه هو السؤال المؤلم للنظام».

توظيفٌ سهّلته الأزمة الاقتصادية 

هل جماعة “مجاهدي خلق”، المعارضة في المنفى، “متورطة” كما يزعم الأميرال علي شمخاني؟ يؤكد أحد الباحثين الإيرانيين أنه «في مناسبات عديدة في السنوات الأخيرة، أثيرت شكوك حول إجراء مشاورات بين #مجاهدي_خلق وأجهزة الأمن الإسرائيلية، دون أن يتمكن أحد من تحديد درجة التواطؤ هذه.

وفي صحيفة (فاينانشيال تايمز) طرح مسؤول من النظام الإيراني، دون الكشف عن هويته، فرضية أخرى أكثر إشكالية، حيث يقول: «الأزمة الاقتصادية، وكذلك وجود مجموعات سياسية أو عرقية معارضة، يُسهّل تجنيد إسرائيل للأشخاص لتنفيذ مثل هذه الاغتيالات».

وربما تكون هذه إحدى طرق طهران لتوريط الأقلية العربية، كما حدث أثناء الهجوم في #الأهواز على #الحرس_الثوري والذي تبناه تنظيم #داعش في العام 2018، أو حتى لتوريط المقاتلين الأكراد.

«حتى لو بدا أن السيارة المفخخة قد تم توجيهها عن بعد، فإن العناصر الأجنبية كانت حتماً حاضرة على الأراضي الإيرانية»، يقول الباحث الإيراني المذكور، مدركاً تماماً مخاطر استغلال النظام الإيراني هذه الفرضية أو تلك.

ويتابع قائلاً: «خلف المظاهر الخارجية الخدّاعة، هناك عيوب في النظام الأمني ​​الإيراني. الصور التي شوهدت في كل مكان، والتي تظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي #بنيامين_نتنياهو وهو يشير إلى صورة “محسن زاده” في مؤتمرٍ في عام 2018، هي تذكير بأن هناك معلومات حيوية قد سرقها الإسرائيليون».

عدة اغتيالات وأعمال تخريب سابقة 

اُغتيل اثنين من العلماء الإيرانيين المشهورين في السنوات الأخيرة على الأقل، وهم المهندس النووي #ماجد_شهرياري في هجوم بقنبلة في شهر تشرين الثاني 2010، ثم بعد ذلك بعامين #مصطفى_أحمدي_روشان، نائب المدير التجاري لموقع ناتانز النووي، في انفجار قنبلة مغناطيسية وضعت في سيارته.

وفي الآونة الأخيرة، في شهر تموز الماضي، كان هذا الموقع الحساس مسرحاً لانفجار غريب، وصفته منظمة الطاقة الذرية الإيرانية فيما بعد بأنه “عمل تخريبي”.

ومنذ سنوات، يحاول المرشد الأعلى #علي_خامنئي وآخرون، ربط الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاغتيالات المستهدفة للعلماء النوويين الإيرانيين.

وقد عارضوا وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى هؤلاء العلماء، قائلين إن ذلك «سيعرض سلامتهم للخطر»، كما تقول الباحثة “أريان طباطبائي” على تويتر. وهي حجة تعود بقوة اليوم للمطالبة بإنهاء عمليات التفتيش التي تقوم بها المنظمة الأممية.

وبعد اغتيال #الولايات_المتحدة في الثالث من شهر كانون الثاني الماضي في #بغداد الجنرال #قاسم_سليماني وهذه الخسارة الرمزية الفادحة الثانية، لا يمكن لطهران سوى مواجهة الحقيقة.

فعلى الرغم من تقدمها التكنولوجي وطموحاتها الإقليمية، فإنها لا يبدو قادرة على حماية مسؤوليها حتى الأعلى مستوى منهم.

 

المصدر: (La Croix)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.