شرعت #الحكومة_العراقية بإغلاق مخيمات النازحين المنصوبة، منذ نحو ست سنوات، في مدن وسط وجنوب العراق، ضمن خطة تقضي بإعادة ما يقرب من مليون نازحٍ إلى مناطقهم، التي هُجّروا منها بعد سيطرة تنظيم #داعش على أربع محافظات، في وسط وغرب البلاد، سنة 2014.

هذا الإجراء الحكومي، والذي حُدد لهُ سقفٌ زمني، يمتد لنهاية العام الجاري، أثار موجة انتقادات دولية ومحلية، لأنه لم يقترن بإيجاد حلول دائمة للنازحين، في مواجهة التحديات الاقتصادية، التي تعاني منها غالبيتهم الساحقة، وعدم امتلاك 10%  منهم، على الأقل، مأوى يلجأون إليه بعد غلق مخيماتهم.

“إيفان فائق”، وزيرة الهجرة والمُهجّرين العراقية، ذكرت أن وزارتها «عازمة، وبشدة، على إغلاق جميع المخيمات خارج #إقليم_كردستان، بحلول نهاية العام الجاري 2020». أما بخصوص المخيمات الموجودة في الإقليم، والتي تضم نحو ثلاثين ألف نازح إيزيدي،  فقد ربطت الوزيرة مسألة عودتهم إلى قضاء #سنجار، حيث مناطق سكناهم الأصلية، بـ«حل مشكلة التنازع الاداري القائم هناك، بين الحكومة المركزية في #بغداد وحكومة إقليم كردستان في إربيل».

وتوقعت “إيفان” أن «تُغلق المخيمات في أقليم كردستان بدورها، في مدة أقصاها حزيران/يونيو من العام المقبل»، وهو الشهر المحدد لإجراء الانتخابات البرلمانية العراقية.

وكانت وزارة الهجرة والمُهجّرين العراقية قد أجرت، العام الفائت، استبياناً موسّعاً، شمل النازحين في المخيمات، توصلت من خلاله إلى «رغبتهم بالعودة إلى مناطقهم، التي أجبروا على النزوح منها».

وقالت الوزارة، في بيان تلقى «الحل نت» نسخة منهُ، أن «مكاتب الوزارة وفروعها استقبلت آلاف الطلبات، التي تحمل تواقيع النازحين، الراغبين بإعادتهم إلى مناطقهم، وخصوصاً من مخيمات #السليمانية، ومخيمي “حسن شام” و”الخازر” في #إربيل، وكذلك مخيمات محافظة #نينوى. وبناءً على ذلك تم إغلاق خمسة عشر مخيماً في محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكربلاء وكركوك».

 

 قلق دولي من إغلاق المخيمات

 #الأمم_المتحدة عبّرت عن «قلقها البالغ إزاء غلق المخيمات في العراق». وجاء في بيان، أصدرتهُ “إيرينا فوياشكوفا”، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية، أن »آلاف المدنيين، الذين تم نقلهم من المخيمات، التي أُغلقت، لم يجدوا مساكن جديدة تؤويهم».

وأشارت “فواشكوفا” إلى أن «78% من هؤلاء نساءٌ وأطفالٌ، ويعيشون الآن وضعاً صعباً، وسلامتهم مثار قلق، بسبب جائحة #كورونا، وحلول فصل الشتاء. كما أن 30% من النازحين العائدين لا يملكون مساكن آمنة أو كريمة، ومازالوا معرضين للخطر، وعدد كبير منهم لم يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم الأصلية».

“المجلس النرويجي للاجئين” اتهم الحكومة العراقية بـ«إرغام النازحين على مغادرة مخيماتهم». وعدّد، في بيان صدر عنهُ، مخيماتٍ في ستِ مُحافظاتٍ عراقية، هي بغداد وكربلاء والأنبار والسليمانية وديالى ونينوى، يتم إجبار النازحين فيها على المغادرة، دون سابق إنذار.

“مارن اولفسي”، منسقة الإعلام والمناصرة في المجلس، حذّرت من أن «ما يزيد عن مئة ألف شخص نازح مهددون بمخاطر فقدان السكن، والوقوع ضحية لفيروس كورونا، ومواجهة برد وأمطار الشتاء».

ولخصت “اولفسي” وضع النازحين المطرودين من المخيمات، بأنه «انتقالٌ من مكان نزوح إلى مكان نزوح آخر، لكن ليس بنفس الظروف الحياتية والرعاية الصحية». وطالبت الحكومة العراقية بـ«إبلاغ الأسر بترك المخيم قبل شهر، على أقل تقدير، ليتسنى لها تدبّر أمورها».

وكانت محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى قد شهدت، منذ العاشر من حزيران/يونيو 2014، أكبر عملية نزوح جماعية شهدها العراق في تاريخه الحديث، في أعقاب سيطرة تنظيم داعش، وانهيار سلطة الدولة فيها.

وقدّرت منظمة الهجرة الدولية أعداد النازحين بستة ملايين، توزعوا في مخيمات، أقيمت لهم في جنوب وشمال العراق. عاد منهم أكثر من أربعة ملايين، بعد طرد داعش، وإكمال تحرير المحافظات الأربع، في منتصف عام 2017، فما بقي مليون وثمانمئة ألف نازح، في مخيمات تجري عملية إغلاقها الآن، بقرار من الحكومة العراقية.

 

“لا بيت لي سوى خيمة النزوح”

«لا نملك، أنا وأبنائي الصغار، في هذا العالم، غير هذه الخيمة، وإخراجنا منها يعني رمينا في الشارع». حسبما تقول “عواطف مال الله” لموقع «الحل نت»، وهي تشير إلى خيمتها، المرشحة قريباً للإخلاء، في مخيم “حمام العلي” للنازحين، الواقع على بعد خمسة وثلاثين كيلومتراً من مدينة #الموصل.

وتضيفُ: «لا أحد يريد العيش نازحاً في خيمة، لكن إمراة أرملة مثلي، مع خمسة أطفال، أكبرهم عمره أربعة عشر عاماً، لا يملكون شبراً في أي مكان، ولا عمل أو راتباً يتقاضونهُ، كيف سيعيشون؟».

“نشوان بكر سلطان”، نازحٌ ينتظر الطرد هو الآخر من مخيم “حمام العلي”، أكبر مخيمات النزوح في العراق. وصف لـ«الحل نت» أوضاع النازحين بالقول: «هنالك من كان يسكن، قبل نزوحهِ، في بيوت بالآجار، والآن، بعد سنوات في المخيم، لا يستطيع الاستقلال في منزل، ودفع إيجاره، لأنه بلا عمل، أو غير قادر عليه. وهناك آخرون بيوتهم دُمّرت بالكامل، خلال حرب التحرير من داعش، ولم يحصلوا على أي تعويض من الحكومة العراقية. فضلاً عن العائلات التي انتمى أحد أبنائها إلى داعش، فأصبح جميع أفرادها بنظر الدولة والمجتمع، على حد سواء، داعشيين، وممنوعٌ عليهِم العودة إلى مناطقهم».

واستدرك متحدثاً عن نفسه: «أنا، والنازحون عموماً، فقراءٌ معدمون، ومخيمات النزوح هي بيوتنا وأوطاننا، التي آوتنا طول ست سنوات، ونحن الآن على وشك فقدانها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.