الروتين في المؤسّسات العراقية: خسائرٌ ماليّة، وصورَةٌ “قاتمَةٌ” عن البلاد!

الروتين في المؤسّسات العراقية: خسائرٌ ماليّة، وصورَةٌ “قاتمَةٌ” عن البلاد!

يبدو أن #العراق لن يغادر قصّة الروتين الممل لأبعد الحدود في مؤسساته الحكومية وغيرها. إذ لا يزال هذا العراق الذي انطلقَت منه الكتابة للبشرية يعتمد في أوج التقدّم التقني على التعامل الورقي في مؤسّساته بعيداً عن التعامل الإلكتروني.

لا يمكن إنكار اعتماد البلاد على التعاملات الإلكترونية، لكنها لا ترتقي لربع المطلوب منها مقارنة بالتعامل المفرط بالطريقة الورقية التقليديّة الروتينية، وهي التي تأخذ الكثير والكثير من الوقت لإنجاز موضوع ما لا يستغرق بضع دقائق إلكترونياً.

حكاية “هبة” الوكالة الألمانية للتعاون الدولي “GIZ” ربّما هي أكثر الدلائل إيضاحاً لهذا الروتين المعقّد في العراق. حكاية مرّ عليها أكثر من سنة و/7/ أشهر ولم تنتهِ إلا في الشهر المنصرم بسبب إجراءات “كتابنا وكتابكم” بين الوزارات العراقية.

تعود قصّة “هبة” الوكالة الألمانية “GUZ” حسب تقرير أعدّته الصحفية #هدى_العزاوي لصحيفة (الصباح) المحليّة الرسمية إلى مايو 2019 عندما أرسلت الوكالة /37/ آلية مختلفة الأنواع من معداتها للعراق «لدعم المناطق المحرّرة».

هدى العزاوي – فيسبوك

«وصلت تلك الآليات والمعدات “الهبة” إلى #ميناء_أم_قصر في #البصرة (…) والجهة المعنية بتسلّم هذه “الهبة” هي #وزارة_الإعمار_والإسكان، والأخيرة قدّمت طلباً بكتاب رسمي إلى #وزارة_المالية بشمول”الهبة” بالإعفاء الضريبي والجمركي في يونيو 2019، أي بعد وصول الآليات بشهر»، وفق التقرير.

القيادي بكتلة النهج الوطني “مهنّد العتابي” يقول إنّه: «بعد أكثر من /3/ أشهر على الكتاب المُرسل (…) بالضبط في أكتوبر 2019 اعتذرت الهيئة العامة للضرائب على هامش الكتاب المرسل من الإعمار للمالية، والعذر أنّه ورد بهامش “وكيل وزير المالية”، والهيئة تطلب أن يكون الكتاب بهامش “وزير المالية” حصراً»، كما يوضّح التقرير.

كذلك: «طلبَت #هيئة_الجمارك كتاباً من #وزارة_الخارجية يؤيد بأن الوكالة الألمانية للتعاون الدولي”GIZ” هي وكالة حكومية، (…) لذا فإن وقت المخاطبات، وكتابنا وكتابكم، استغرق /5/ أشهر، وبعد كل تلك المخاطبات اعتذرت وزارة الإعمار والإسكان عن تسلّم “الهبة” بسبب اضطراب الشارع العراقي تزامناً مع انطلاق “انتفاضة تشرين” وقتئذ»

يقول “العتّابي” إنّه: «بسبب التأخير الكبير لعدم تسلّم “الهبة”، أرسلت الوكالة الألمانية (GIZ) في أبريل الماضي كتاباً “ترجو” فيه #الحكومة_العراقية بإسقاط الديون المترتبة عليها كضرائب وجمرك جراء وجود “الآليات” التي منحتها للعراق في ميناء أم قصر، إذ باتت الوكالة متورطة بمبلغ مليون يورو أبريل الفائت».

مُهَنّد العَتّابي – إنترنت

«المثير للسخرية أن خطابات الوكالة الألمانية إلى حكومة #بغداد تحولت منذ ذلك الوقت من تسلم “الهبة” إلى مخاطبات لإعفاء الوكالة المانحة من ديون ضريبة الآليات حتى أن وصلت القضية إلى رئاسة الوزراء، ليحتفل العراق مطلع نوفمبر المنصرم بتسلّم “الآليات” المهداة»، وفق “العتّابي”.

حسب التقرير، يختتم “العتّابي” حديثه بالقول: «إن هذه القصة الواقعية شاهد كاف على رتابة المؤسسات الحكومية، وتؤكّد بأن من أهم الإصلاحات التي نحتاجها هي إصلاح الاجراءات الروتينية خصوصاً بين المؤسسات الحكومية في العراق».

أمّا “هدى العزٖاوي” فتُشير إلى أن: «قضية “هبة” الوكالة الألمانية (…) هي “كابوس” يعكس الأداء الكارثي والتعقيدات في المؤسسات الحكومية العراقيّة الذي يحوّل المنافع إلى خسائر مالية باهظة، وكذا يعطي للمنظومة الدولية صورة “قاتمة” عن العراق»، على حد تعبيرها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.