الباحث الإسلامي “مهند خورشيد” لـ«الحل نت»: ألمانيا لا تريد مساجد تابعة للإخوان المسلمين، وأئمة متعاونين مع الاستخبارات التركية

الباحث الإسلامي “مهند خورشيد” لـ«الحل نت»: ألمانيا لا تريد مساجد تابعة للإخوان المسلمين، وأئمة متعاونين مع الاستخبارات التركية

تبدأ “كلية الإسلام” بمدينة أوسنابروك الألمانيّة، في شهر نيسان/إبريل من العام القادم، تدريب أئمة مسلمين. ويُعتبر هذا التدريب الأول من نوعه، الذي تموّله الحكومة الألمانية، وسيكون باللغة الألمانية حصراً، ويشمل عدة مجالات بينها: تلاوة القرآن وقواعده، تعليم إلقاء الخُطب وممارسة العبادات، العمل الاجتماعي.

ويٌعدّ تدريب علماء وفقهاء الدين الإسلامي في جامعات #ألمانيا أمراً معتاداً، لكن الجديد هو المنهج العملي في التأهيل، المماثل لأسلوب تدريب القساوسة والكهنة والحاخامات، حسبما أكدت وسائل إعلام ألمانية.

 

استقلال عن الأتراك والإخوان المسلمين

“إسناف بيجيتش”، رئيس “كلية الإسلام”، قال في تصريحات صحفية، نقلتها إذاعة “دويتشلاند فونك”: «على الرغم من التمويل الحكومي لهذا التدريب، فقد تم تطوير منهجه بشكل مستقل». وأضاف: «تتعاون الكلية مع المجتمعات الإسلامية المحلية والأفراد بشكل أساسي، فضلاً عن “المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا”، و”الجالية الإسلامية للبوشناق” (البوسنيون)، و”المجلس المركزي للمغاربة”».

بدوره علّقَ “بولنت أوكار”، أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة أوسنابروك،  على الإعلان عن تدريب الأئمة بالقول: «ضمان الاستقلال عن تأثيرات الدول الأجنبية، والانفتاح على التعاون مع الجميع في الوقت نفسه، سيكون عملاً متوازناً».

لكن التفسير الأوضح للتوجّه الألماني الجديد جاءَ على لسان “مهند خورشيد”، أستاذ العلوم الإسلامية في جامعة “مونستر” الألمانية، الذي حَدّد الجهات التي تسعى ألمانيا للاستقلال عنها، وهي «الجماعات الدينية التركية، والإخوان المسلمون».

وشرحَ “خورشيد” لموقع «الحل نت» واقع المؤسسات الإسلامية المؤثرة في ألمانيا، مشيراً إلى أن «هناك ثلاث جماعات تركيّة، تقوم بتدريب الأئمة باللغة التركية، ووفق برامجها الخاصة، باستقلال كامل عن المؤسسات الألمانية، بل إن إحدى تلك الجمعيات تأتي بأئمتها من #تركيا، بوصفهم موظفين حكوميين. ويضاف إلى تلك الجماعات مجموعة رابعة، تمثل خليط مساجد عربية وغير عربية، وهي ممولة من الخارج، واتجاهها العام قريب من جماعة الإخوان المسلمين».

ويضيف: «يرجع الحضور الإسلامي التركي في ألمانيا إلى فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حين بدأت الجالية التركية بإنشاء مراكز دينية لأهداف سياسية، تتعلق بالتنافس بين ممثلي الحكومة التركية والمعارضة آنذاك. ومنذ ذلك الحين بقيت تلك المراكز والمؤسسات تنشط في ألمانيا، وفق توجهات تركيّة، رغم تغيّر تموضعها السياسي. وفي الوقت الحالي يوجد في ألمانيا نحو ألفي مسجد، منها ألف وسبعمئة وخمسون مسجداً تابعاً لجهات تركيّة».

مهند خورشيد

مهند خورشيد

 

بداية الطريق

«فضلاً عن وجود أئمة كُثُر لا يتحدثون الألمانيّة، فإن آخرين يفتقدون للتدريب والثقافة الدينية، كما هو الحال بالنسبة لأئمة المساجد العربيّة. ويؤدي ذلك للابتعاد عن واقع الحياة في ألمانيا، ويقف حاجزاً أمام الاندماج»، وفقاً لما ذكره “خورشيد”. الذي يتابع: «الدولة الألمانية تريد أن يكون للمساجد دور إيجابي في حياة الناس، لذا فقد اتخذت خطوات في هذا المجال، فتعاقدت جامعة “مونستر”، الشهر الماضي، مع سبعة وأربعيين مسجداً مغربياً، تُعرف باسم “المالكية”، للبدء بتدريب أئمتها، القائمين على رأس عملهم. وهؤلاء تخلصوا من تأثير الإخوان المسلمين، ويريدون  الاندماج».

ويستدرك “خورشيد” بالقول: «لكن هذه التحركات تبقى مجرد البداية على طريق إيجاد إسلام غير مستورَد، يسمح بالتعايش مع الآخر، ويكون بديلاً للإسلام السياسي والجهادي والسلفي، الرافض للتعددية، والذي يُستخدم من قبل جهات معينة، تختبىء خلف شعارات الوسطيّة لتمرير أجندات خاصة، تسستهدف أسلمة المجتمع والسيطرة على مؤسساته».

وأوضح أنّ: «ألمانيا لا تريد تدخلاً خارجيّاً في شؤون الجالية المسلمة فيها، التي يشكل الأتراك نحو 65% من أفرادها. وعلى سبيل المثال تمَّ خلال السنتين الماضيتين رصد بعض الأئمة، الذين يقومون، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية التركية، بعمل استخباراتي، يستهدف أتباع جماعة “غولن”، وهو ما ترفضه الدولة الألمانية، كونها تريد مساجدها دوراً للعبادة، لا للعمل المخابراتي».

 

ليس إسلاماً ألمانيّاً

من التُهم المُوجّهة إلى الدول الأوروبيّة، التي تحارِب التأثيرات الخارجية على جالياتها المسلمة، أنها تصنع نسختها الخاصة من الإسلام، عبر تركيب قوالب مسيحية على الدين الإسلامي. هذه الفكرة نفاها الأستاذ “خورشيد” بشكل قاطع، مشيراً إلى أنّ «هناك مناهج علميّة لفهم النصوص الإسلامية، لا تُعدّ اقتباساً من ديانات أخرى، بل استفادة من نتاج العقل البشري، مثلما فعلَ “الغزالي”، الفقيه والفيلسوف المسلم في القرن الحادي عشر، عندما كتبَ عن أصول الفقه الاسلامي، مبتدئاً ذلك بتلخيص منطق أرسطو». ولفت “خورشيد” إلى أن «البعض في الدول العربية يظنون أنّ السياسيين الأوروبيين يحددون للمسلمين طريقة فهمهم لدينهم، لكن الحقيقة أن الفهم الصحيح للدين يبقى وظيفة المسلمين أنفسهم، وهو ما تريده ألمانيا، فهيَ لا تطلب من المسلم أن يتنازل عن هويته، بل أن يكون منسجماً مع المجتمع، ومحافظاً على القوانين».

وأكد “خورشيد” أنّ «ألمانيا لا تستطيع صناعة إسلام ألماني، لأنها دولة علمانية، لها خصوصيتها المختلفة عن “اللائكية” في #فرنسا، حيث لا مجال هناك لتداول الدين في المؤسسات الرسمية، بمعنى أن العلمانية الألمانية تقوم على حيادية الدولة تجاه كلّ الأديان، لكنها لا ترفض وجود الدين في المجال العام، وعلى هذا الأساس بدأت الدولة الألمانية، منذ عام 2012، تدريس الدين الاسلامي في المدارس العامة، لتعريف الشباب به، بأسلوب عقلاني». واستطرد: «كذلك لا تتدخل ألمانيا في تقديم صورة معينة عن الإسلام، بل تفسح المجال للمسلمين المعتدلين لايصال صوتهم، بعيداً عن النموذج الذي يقدمه الخطباء المتشددون، والقائم على التكفير».
واختتم “خورشيد” حديثه بالقول: «على المسلم بالنهاية أن يكون ألمانيّاً. وإذا لم يوافق على كل شيء، فعليه أن يحترم كل شيء».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة