مطالب الاستقلال الإداري للسليمانية: مؤامرة إيرانية أم مواجهة لفساد الأحزاب المهيمنة في كردستان العراق؟

مطالب الاستقلال الإداري للسليمانية: مؤامرة إيرانية أم مواجهة لفساد الأحزاب المهيمنة في كردستان العراق؟

من جديدٍ يعودُ مشهدُ التظاهرات والاحتجاجات إلى مدينة #السليمانية في #إقليم_كردستان العراق، والتي يحتجُّ مواطنوها بسبب تأخر صرف رواتبهم، وفرض حكومة الإقليم استقطاعات عالية عليها.

وشهدتْ السليمانيةُ، والأقضيةُ التابعةُ لها، تظاهراتٍ متعددةٍ، صاحبَها حرقٌ لعشراتٍ من المقرَّات الحزبية والدوائر الحكومية، فيما سقط عدد من القتلى والجرحى، نتيجة المصادمات بين المتظاهرين وقوّات الأمن التابعة لحكومة الإقليم.

ويشتدُّ الخلاف السياسي بين الأحزاب الكردية، منذ أشهر، على خلفية مطالبة مجلس محافظة السليمانية بتطبيق نظام اللامركزية الإدارية في الإقليم، في وقتٍ تتحدثُ فيه مصادرُ عن وجود حراكٍ سياسي، يقوم به حزب #الاتحاد_الوطني_الكردستاني، وهو الحزب الأكبر نفوذاً في المدينة، من أجل التفاوض مع الحكومة العراقية الاتحادية في #بغداد، بشكلٍ منفصلٍ عن حكومة إقليم كردستان، ما يعني انفصال السليمانية عن الإقليم بشكلٍ تامٍ.

وتُعدُّ السليمانية ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، وغالبية سكانها من الكُرد، على اختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم السياسية، وتتميز بتنوعها الثقافي والديني والسياسي. وبالرغم من سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني على مفاصل المدينة الإدارية والأمنية، فإن هذا لا يمنع وجود تيَّارات حزبية وفكرية عديدة في السليمانية، أبرزها حركتي “التغيير” و”الجيل الجديد”، إضافة إلى الأحزاب الإسلامية واليسارية.

وتتمتع السليمانية بحدود طويلة مع #إيران، التي لها نفوذٌ كبيرٌ، من الناحتين السياسية والاقتصادية، على المدينة ومختلف أحزابها.

ويتهم #الحزب_الديمقراطي_الكردستاني، بزعامة مسعود برزاني، جناحاً في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بـ«تلقي التعليمات من #طهران، في محاولة لإضعاف إقليم كردستان وتجزئته، عبر اللجوء للتفاوض مع بغداد بشكلٍ منفصل».

 

“تظاهروا ضدَّ بغداد!

“شيرزاد حسن”، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، يقول إن «حكومة إقليم كردستان غير مسؤولة عن سوء الأوضاع الاقتصادية، وتأخر صرف رواتب الموظفين في الإقليم».

مبيناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «الحكومة والبرلمان العراقيين قاما بقطع المستحقات المالية عن إقليم كردستان، وبالتالي فإنَّ الإقليم لا يستطيع دفع رواتب موظفيه، في ظلِّ انخفاض أسعار النفط، لأنّ العائدات المالية لا تكفي».

وأضاف أنَّ «التظاهر حقٌ طبيعي، لكن حرق المقرَّات الحزبية والدوائر الخدمية تقف خلفه جهات سياسية مدعومة إقليمياً، تهدف لزعزعة الاستقرار والأمن في الإقليم»، حسب تعبيره.

مختتماً حديثه بالقول: «هذه الجهات هدفها إظهار الحزب الديمقراطي الكردستاني بموقفِ المنبوذ شعبياً، وذلك لإضعافه في المفاوضات حول مختلف القضايا التي تخصّ الكُرد. لكن على المواطنين الغاضبين التظاهر ضدَّ بغداد، فهي من قطعتْ رواتبهم، خلافاً للدستور».

 

حلٌ وحيدٌ

النائب “سركوت شمس الدين”، رئيس “كتلة المستقبل” الكردية المعارضة، يرى أن «الحل الوحيد، لمشكلة رواتب الموظفين في إقليم كردستان، هو ربطها مع #الحكومة_العراقية مباشرة».

لافتاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أنَّ «الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان لا تريد ربط الرواتب مع بغداد، لأنَّ ذلك سيكشف عن حجم الفساد الكبير، والتكلفة الهائلة لصرف رواتب الموظفين، الذين عيّنتهم الأحزاب دون أن تكون لهم خدمة فعلية».

وأشار إلى أنَّ «الحزب الديمقراطي الكردستاني لا تهمه مصلحة الشعب الكردي، لأنَّه يفضّل مصالحه الشخصية والعائلية على المصلحة العامة، وهو من وقّع اتفاقية مع #تركيا لبيع النفط لمدة خمسين عاماً، ورهن اقتصاد الإقليم للخارج»، حسب تعبيره.

مؤكداً على أنَّ «الحل الوحيد هو قيام السليمانية بتسليم ثرواتها النفطية، وعائدات منافذها الحدودية، للحكومة العراقية، وتسلّم رواتب موظفيها مباشرة من بغداد، دون العودة لحكومة الإقليم».

 

رد “الاتحادُ الوطني”

“غياث سورجي”، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، يشير إلى أنَّ «جميع المفاصل الاقتصادية والمالية في الإقليم تدار من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني».

ويضيف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنَّ «ملف النفط، وهو الملف الأكثر حساسية ، يدار من قبل الحزب الديمقراطي، وتحديداً رئيس حكومة الإقليم “مسرور بارزاني”، ونحن لا نعلم شيئاً عن صادرات إقليم كردستان النفطية، وحجم العائدات المالية».

وبيَّن أنَّ «الحزب الديمقراطي، باعتباره صاحب الأغلبية في حكومة الإقليم، ولديه مطلقُ الصلاحيات بخصوص تسليم النفط لبغداد، وتوقيع الاتفاقيات معها، هو من تراجع عن الاتفاقيات السابقة مع الحكومة العراقية الاتحادية».

مشيراً إلى أنَّ حزبه «مع حقوق المتظاهرين ومطالبهم، ولكنه يرفض اللجوء للعنف للتعبير عن الرأي، وهنالك جهاتٌ تحاول حرف التظاهرات عن مسارها الحقيقي، وذلك لضرب الأمن في السليمانية، خدمةً لمصالح جهات محلية وإقليمية»، حسب قوله.

 

المجتمعُ الدولي يريدُ وحدة إقليم كردستان

الإعلامي الكردي “آرام عبد الله” يقول إنَّ «المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، مع استقرار كردستان وبقائها موحدة».

مؤكداً لموقع «الحل نت» أنَّ «الولايات المتحدة والدول الأوربية والمنظمات الدولية لها مصالحٌ في إقليم كردستان، وتعتبره المنطقة الوحيدة، التي تستطيع التحرك فيها براحة في العراق، لذلك ستقف بالضدِّ من أي محاولات لانفصال السليمانية، أو زعزعة الاستقرار في الإقليم».

ولفت إلى أنَّ «واشنطن هي من تدخّل في الخلاف بين الكُرد ورئيس الحكومة العراقية الأسبق “حيدر العبادي”، وأعادت الأوضاع إلى طبيعتها، وبالتالي هي من ستتدخل وترعى اتفاقاً مالياً جديداً بين #إربيل وبغداد، يضمن إرسال الموازنة ومستحقات الموظفين في الإقليم».

مبيناً أنّ «إيران هي الجهة الوحيدة المستفيدة من توتر الأوضاع في السليمانية، ولها أذرعٌ في المحافظة، ولكن لن تستطيع، بفعل تصدي المجتمع الدولي، والولايات المتحدة تحديداً، القيام بأية خطوة ضدَّ وحدة الإقليم واستقراره»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.