وسط تصاعد الاستياء الشعبي من وجودهم: ماذا يفعل المرتزقة السوريون في ليبيا بعد انتهاء الحرب؟

وسط تصاعد الاستياء الشعبي من وجودهم: ماذا يفعل المرتزقة السوريون في ليبيا بعد انتهاء الحرب؟

وقّعت #تركيا مع #حكومة_الوفاق الليبية، فى السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، اتفاقيتي تعاون، الأولى تتعلق بالتعاون الأمني، والثانية بالمجال البحري.

ومع أن الإتفاق تم توقيعه بين تركيا وليبيا، إلا أن السوريين كانوا من المشاركين فيه والمتضررين منه، فرغم أن سوريا لا علاقة لها بمضمون الإتفاق، ولا ترتبط بحدود مع #ليبيا، إلا إن الرئيس التركي #أردوغان، بحكم النفوذ العسكري والميداني لبلاده داخل الأرضي السورية، أراد أن يستفيد من الوضع السوري لخدمة مصالحه فى ليبيا، ودعم حلفائه فى حكومة الوفاق، عن طريق تجنيد عدد من الشبان السورييين للقتال في الأراضي الليبية.

ولم تكتف تركيا بتجنيد المقاتلين السوريين، بل استغلت حالة الفقر والعوز، التى يعانيها الشعب السوري، وافتتحت، في مناطق نفوذها بسوريا، مراكز لتسفير الشباب، بل والأطفال أحياناً، الراغبين في العمل بليبيا برواتب مجزية.

وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان” فإن «كثيراً من الأطفال يذهبون من #إدلب وريف #حلب الشمالي إلى #عفرين، بحجة العمل، ومنهم من يذهب دون علم ذويه، ويتم تجنيدهم في عفرين، من قبل الفصائل الموالية لتركيا، وإرسالهم للقتال في ليبيا، إلى جانب حكومة الوفاق».

وكشف المرصد أن «إجمالي المرتزقة، الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا، بلغ ثمانية عشر ألف سورياً، بينهم ثلاثمئة وخمسون طفلاً»، لافتاً إلى أن «حوالي عشرة آلاف منهم عادوا إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم، وقبض مستحقاتهم المالية، فى حين يتواجد حالياً، في الأراضي الليبية، عشرة آلاف مقاتل من الموالين لتركيا، بينهم ألفين وخمسمئة مقاتل من حملة الجنسية التونسية».

بقاء قرابة عشرة آلأف مقاتل موالٍ لتركيا، بينهم ما لا يقل عن سبعة آلاف وخمسمئة سوري،  داخل الأرض الليبية، يتعارض بشكل كامل مع التطورات الأخيرة التى شهدتها البلاد، واتفاق وقف إطلاق النار، الذي توصلت إليه اللجنة العسكرية الليبية، التي تمثل حكومة الوفاق وقوات اللواء المتقاعد خليفة #حفتر، في الثالث والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، في #جنيف، والذي نصّ على وقف المعارك بليبيا، والإعلان عن موعد مبدئي لإجراء الانتخابات، وإخراج جميع المرتزقة من البلاد.

يثير ذلك أسئلة عن مصير المقاتلين السوريين، الذين يحتفظ بهم أردوغان داخل ليبيا حتى الأن، وكيف ينظر لهم المجتمع الليبي، بعد مشاركتهم فى تأجيج المعارك بالبلاد، وإمكانية أن يكون بقاؤهم دليلاً على نوايا تركية، غير إيجابية، تجاه المسار السياسي للأزمة الليبية.

 

العيش بالخفاء

«المرتزقة السوريون في ليبيا يعانون بعد توقيع اتفاق السلام ووقف المعارك»، بحسب “رمزي الرميح”، مستشار “المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومي”.

وكشف الباحث الليبي لموقع «الحل نت» عن «قيام #أنقرة بوقف رواتب هؤلاء المرتزقة، وتجميعهم فى معسكرات بعيدة عن المدن»، مشيراً إلى أن «المرتزقة السوريين كانوا، أيام الحرب، يسيرون علناً بالشوارع العامة، فى مناطق حكومة الوفاق، أما الآن فهم يتخفّون، ولا يجرؤون على الظهور في الأماكن العامة، خاصة أن كثيراً من الليبيين باتوا بعتبرون السوريين مرتزقة ومحتلين، ولصوصاً ساهموا فى نهب ثروات ليبيا، وتعزيز النفوذ التركي بالبلاد»، حسب تعبيره.

وانتشرت حالة من الغضب فى الشارع الليبي، تجاه ممارسات المرتزقة السوريين، بعد أن قامت مجموعة منهم، فى أيار/مايو الماضي، بالهجوم على منزل، فى مناطق نفوذ حكومة الوفاق بالعاصمة طرابلس، وسرقة محتوياته، واختطاف فتاة بالغة، واقتيادها إلى وجهة غير معلومة.

 

دعم الإخوان المسلمين

“عبد الستار حتيتة”، الخبير المصري فى الشؤون الليبية، شكّك في فى عدد المقاتلين، الذين أعادتهم تركيا من ليبيا، مؤكداً، فى حديثه لـ«الحل نت»، أن «المرتزقة الذين ترسلهم تركيا إلى ليبيا ليسوا سوريين فقط، بل بينهم جنسيات أخرى عربية وأفريقية وآسيوية».

وكشف “حتيتة” أن «المرتزقة داخل ليبيا، من سوريين وغير سوريين، ينتشرون، في الوقت الراهن، تحت اسم “قوات المساندة”، العاملة مع القوى الميلشياوية، التي تعتمد عليها حكومة الوفاق، بقيادة فايز السراج»، مشيراً إلى أنهم «يتواجدون في طرابلس ومصراتة، وبلدة “تاورغاء” المهجورة جنوبي مصراتة، وهي المنطقة التي تنطلق منها الميلشيات، التابعة لحكومة الوفاق، باتجاه خط سرت-الجفرة».

وحول سر بقاء هؤلاء المرتزقة، رغم توقيع اتفاق السلام في ليبيا، وتفعيل المسار السياسي، أكدّ الخبير فى الشؤون الليبية أن «تركيا ترسل هؤلاء المرتزقة من أجل التهديد، ولا تستهدف بهذا خصومها في ليبيا فحسب، ولكن دول الجوار أيضاً»، مشيراً إلى أن «تركيا تحاول أن تضغط على دول جوار ليبيا، وتحديدا الأنظمة الحاكمة في #مصر وتونس والجزائر، من أجل تحقيق مكاسب لأنصارها في تلك البلدن، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين».

وشدّد على أنه «من الصعب تصوّر أن تركيا يمكن أن تترك ليبيا، أو تسحب مرتزقتها بسهولة، أو تجنح إلى تحقيق الاستقرار، دون حصولها على نفوذ واسع في قلب أي نظام حاكم في البلاد مستقبلاً، وبالتالي ستبقى تركيا فى ليبيا، من خلال بعض قادتها العسكريين أو قادة المرتزقة».

 

استعداداً للحرب المقبلة

المحلل السياسي الليبي “خالد الترجمان” يتفق مع رأي “حتيتة”، ويؤكد لـ «الحل نت» أن «أردوغان، عندما أرسل الميليشيات لليبيا، لم يكن ينوي الخروج منها، أو تركها لحكومة السراج».

وأشار إلى أن «أردوغان ربط حكومة الوفاق باتفاقات سياسية وإقتصادية وعسكرية، ليضمن بقاءه، وبالتالي بقاء ميلشياته ومرتزقته، الذين جلبهم إلى ليبيا من سوريا وغيرها، حتى لو رحلت حكومة الوفاق».

وكشف المحلل الليبي أن «أكثر من عشرين ألفاً من المرتزقة السوريين، والميليشيات الجهادية الموالية لآردوغان، دخل الأرضي الليبية خلال الفترة الماضية»، لافتاً إلى أن «كثيراً من هؤلاء المرتزقة هاجروا إلى أوروبا عبر ليبيا، برعاية تركية، فى ظل  سيطرة رجال أعمال، مقرّبين من أردوغان، على الموانىء والمطارات فى ليبيا».

وأكد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فى وقت سابق، أن «المرتزقة يتخذون من ليبيا مركزاً للوصول إلى #إيطاليا، بوصفها بوابةً لدخول الاتحاد الأوروبي».

واعتبر “الترجمان” أن «كل المؤشرات تدل على إمكانية عودة الحرب، فالوضع فى ليبيا لا يحتاج حلاً سياسياً، بقدر حاجته لحسم عسكري، فلا يوجد توافق سياسي قادر على نزع أسلحة الميلشيات، وهو ما يدركه أردوغان جيداً، ولذلك أبقي ميلشياته رغم اتفاق السلام».

وحول أماكن تواجد المرتزقة السوريين، بعد الهدوء النسبي للأوضاع في البلاد، قال المحلل الليبي إنهم «انسحبوا من المدن الرئيسية، وتمّ نقلهم لمعسكرات بضواحي طرابلس والزاوية ومصراتة، حيث يتواجدون بمعسكرات قرب مصنع الحديد والصلب والكلية الجوية ومنطقة “السدادة” جنوبي مصراته، إضافة إلى منطقة تواجدهم الأساسية فى قاعدة “الوطية” جنوب غربي البلاد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.