الانفلات الأمني في الرقة: لماذا لا تتدخل “قسد” لحل النزاعات بين عشائر المحافظة؟

الانفلات الأمني في الرقة: لماذا لا تتدخل “قسد” لحل النزاعات بين عشائر المحافظة؟

تكررت مؤخراً عمليات الاغتيال، التي تطال مدنيين ووجهاء من محافظة #الرقة، إلى جانب التفجيرات المستمرة، التي تستهدف أسواق المدينة المكتظة بالمدنيين، وسط حالة استياء بين الأهالي، بسبب استمرار تدهور الأوضاع الأمنية.

وتصاعدت حالة الفوضى مع تزايد النزاعات والشجارات بين عشائر المنطقة، التي باتت ظاهرة لا يمكن تجاهلها، تتكرر بشكل شبه يومي، بسبب الخلافات شخصية، مثل الشجار على أماكن توزّع البسطات داخل الأسواق، أو لدوافع تتعلق بالثأر، مثل اتهام إحدى العشائر وأفردها بالعمالة لتنظيم #داعش أو #الحكومة_السورية، في ظل غياب القوى الأمنية عن القرى والبلدات البعيدة عن مركز المدينة، وإحجامها عن التدخل في مثل هذه الأحداث.

وينتشر السلاح العشوائي بشكل لافت في البلدات والقرى النائية في المحافظة، بينما تسعى #القوات_النظامية لاستغلال تصاعد التوتر بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية،  خصوصاً بعد اغتيال رموز عشائرية، أبرزها “علي الويس”، شيخ قبيلة “البكارة”، و”مطشر الهفل” شيخ عشيرة “العكيدات”، محاولةً تفعيل شعار «المقاومة الشعبية ضد الوجود الأميركي» في المنطقة.

 

آخر الاشتباكات

“حمود المنصوري”، من سكان حي “الصناعة” بمدينة الرقة، يقول لموقع «الحل نت» إن «مشاجرة لفظية، واشتباكاً بالأيدي، دار، في شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، بين شابين من عشيرتي “البريج” و”الحليسات”، في حي “الصناعة”، تطوّر بعدها إلى تبادل لإطلاق النار بين الطرفين، على خلفية مشاكل شخصية قديمة بين العشيرتين، ما  أدى لسقوط قتيلين، وإصابة أربعة مدنيين آخرين، كانوا متواجدين صدفةً في المكان، بجروحٍ بالغة».

قيادي في قوى الأمن الداخلي، التابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، طلب عدم الكشف عن هويته، قال لـ«الحل نت»: «بسبب الخلافات، التي نشبت بين بعض الأطراف في حي “الصناعة”، ولتجنّب أي تداعيات أخرى، ممكن أن تتسبب بأعمال شغب، وتخريب المتلكات العامة والخاصة في المدينة، سارعت القوى الأمنية لفضّ الخلاف بين الأطراف المتنازعة، فاعتقلت عدة شبان، وفرضت حظراً للتجوال في المدينة، وسط انتشار كثيف لعناصرها، تجنباً لحدوث أيّة ردة فعل من الجانبين»، وفقاً لقوله.

 

تقصير أمني

«لا تقتصر المشاجرات العشائرية على مدينة الرقة، بل تشهد القرى والبلدات البعيدة عن مركزها  مشاجرات شبه يومية بين العشائر، لأسباب متعددة»، بحسب “عبد الرحمن العلي”، من سكان مدينة #الطبقة.

وأضاف “العلي”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «مشاجرة بالاسلحة البيضاء، نشبت بين عشيرتيّ “الناصر” و”الوهب”، إثر خلاف بين أفراد العشيرتين، على أماكن عرض المواشي في سوق “الماكف”، ما أدى لسقوط قتيلين وعدد من الجرحى من العشيرتين، وانتهت الاشتباكات بعد تدخّل وجهاء من الطرفين».

مشيراً إلى أن «الخلاف بين العشيرتين قديم، ولكن يتجدّد بين حين وآخر، ولم يتم حلّ المشكلة بعد، في ظل غياب القوى الامنية، التابعة لـ”قسد”، التي لم تحضر لفضّ الاشتباك الحاصل، واكتفت بدور المتفرج على القتال»، وفق تعبيره.

“ابراهيم حسين المحمود”، من أهالي قرية “مطب البوراشد”، قال لـ«الحل نت» إن «المشاجرات العشائرية في القرية قديمة، وتجددت مؤخراً بسبب التسيّب الأمني الذي تشهده المنطقة، فقد دارت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة، بين عشيرتي “القصيبا” و”البوراشد”، إثر خلاف قديم على تملّك أرض زراعية في القرية، سقط على إثرها قتلى وجرحى من عشيرة “البوراشد”، بينهم طفل عمره سبعة أعوام، تمّ نقله بصعوبة إلى مشفى الرقة المدني، بسبب كثافة الاشتباكات، وعدم تدخل القوى الأمنية لفضّها».

الشيخ “جمال المرعي”، أحد وجهاء قرية “المنصورة”، تحدث لـ«الحل نت» عن أسباب تصاعد الاشتباكات المسلّحة بين العشائر، قائلاً: «الثارات القديمة بين أفراد العشائر، وعدم احترام العادات والقوانين العشائرية، من أهم أسباب الخلاف في المنطقة، إضافةً للفلتان الأمني، إذ تنتشر الأسلحة غير المرخصة في أغلب المنازل بالقرى النائية، التي لا تحتوي على مراكز شرطة، ولا تدخلها القوى الأمنية على الإطلاق. ولعل أبرز أسباب الاقتتال وجود عشائر موالية لـ”قسد”، وأخرى معادية لها، وذلك يؤدي إلى نشوب صراعات على خلفيات انتقامية، مثل اتهام إحدى العشائر بالعمالة ومساعدة خلايا داعش، في ظل تراجع دور شيوخ العشائر، الذين فقدوا كثيراً من هيبتهم وقدرتهم على ضبط الأمور».

 

“قسد” توضح

مصدر أمني في “قسد” بيّن لموقع «الحل نت» أن «القوى الأمنية، التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، تحترم العادات والقوانين العشائرية، ولا تتدخل لحلّ الخلافات بين العشائر، كونها تضم في صفوفها أعداداً كبيرة من أبناء تلك العشائر، ومن الممكن أن يُحسب تدخلها لصالح طرف تابع لها أو منخرط في فصائلها»

وأضاف المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه: «توجد هيئة باسم “لجنة الصلح”، مهامها حل الخلافات العشائرية بالتراضي، ولكن في حال استخدام الاسلحة في الشجارات العشائرية، تمارس القوى الأمنية مسؤولياتها في جميع مناطق سيطرتها ، وتتدخل لفضّ الخلاف، واعتقال المسيئين».

من جته أكد “حسين البرجس”، عضو “مكتب الصلح الاجتماعي” في مجلس الرقة المدني، أن «المكتب قام بافتتاح عدة لجان في المدينة وريفها، من أجل تخفيف الضغط على المواطنين، وحل مشاكلهم بالسرعة القصوى، وتعمل “لجنة الصلح” لحل الخلافات العشائرية، وخلافات الدم، والمشاكل الزراعية والعقارية والمالية للمواطنين، وذلك من أجل التخفيف من حدة الخلافات بين عشائر ومكونات المنطقة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.